تأثير التحفظ المحاسبي على السلوك الاستثماري للشركات المدرجة في سوق العراق للأوراق المالية

الطالب : فرحان محسن حماده       المشرف : أ.د. عباس حميد يحيى

تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة رسالة الماجستير في تخصص المحاسبة للطالب ( فرحان محسن حمادة ) عن دراسته الموسومة ” تأثير التحفظ المحاسبي على السلوك الاستثماري للشركات المدرجة في سوق العراق للأوراق المالية “.

يعد التحفظ المحاسبي من المواضيع التي لها الصدارة في البحوث المحاسبية خلال السنوات الاخيرة، باعتبار ان لهذا القيد مكانه في البحوث التجريبية على مستوى الباحثين وعلى مستوى واضعي المعايير، والذي له تاثير كبير في الخصائص النوعية للمعلومات المحاسبية الواردة في القوائم المالية.


حيث شهدت السنوات الأخيرة تغيرات واسعة النطاق في المفاهيم والسياسات المحاسبية، فعلى الرغم من إن الإطار الفكري المشترك بين FASB/IASB قد استبعد قيد التحفظ المحاسبي في مسودته الصادرة في سنة  2010 ، إلا إن ذلك لا يعني إهماله, اذ لازال لهذا القيد  مكانته في التطبيق المحاسبي ، وعلى الرغم من كونه معروف في الفكر المحاسبي منذ أمد بعيد، إلا أنه هُوجم  من قبل بعض المحاسبين على اعتبار أنه يشوه رقم الربح المحاسبي، مما يؤثر في جودة الإبلاغ المالي، وقد وصل الأمر إلى إزالته من مسودة الإطار ألمفاهيمي المشترك بين FASB/IASB الصادر في سنة 2010 ، إلا إن الواقع العملي اثبت أهمية تطبيق هذه السياسة المحاسبية, فقد ازدادت حالات الإفلاس للشركات الكبرى ومقاضاة المحاسبين والمديرين وكذلك مراقبي الحسابات  في الآونة الأخيرة.


ويلجأ المحاسب لممارسة التحفظ المحاسبي لمواجهة حالة عدم التأكد , التي تتطلب منه اخذ الحيطة والحذر عند أعداد القوائم المالية، بما لا يتسبب في تضخيم الدخل أو المبالغة في تقييم الأصول ، لذا حظي موضوع التحفظ المحاسبي باهتمام العديد من الباحثين والمهتمين في مجال المحاسبة، لما له من دور فاعل في التقليل من مشاكل نظرية الوكالة وعدم تماثل المعلومات وحماية عقود الدين، إلى جانب استعماله كأداة لمواجهة خطر المقاضاة وتلبية المتطلبات التنظيمية للتعاملات في الأسواق المالية ، وان المتتبع لهذه الممارسة يجد إصراراً على الاستمرار بالعمل بها.


وقد أظهرت بعض الدراسات إن ممارسة التحفظ المحاسبي بنوعيه (مشروط – غير مشروط) يؤثر في السلوك الاستثماري للشركة ، وان السلوك الاستثماري المؤسسي هو المبادرة الاستثمارية التي  تتشابه من حيث المبدأ مع الأفراد، إذ تتجه الشركات للاستثمار لتنمية رأس المال الحالي بإقامة مشاريع  جديدة (New Investment Projects  أو لتوسيع مشاريع قائمة (Additions to Existing Projects) إلا إن هذه المبادرة قد  تكون محاطة بمخاطر عدم التأكد في كثير من الأحيان، لذا ستقوم هذه الدراسة باختبار  العلاقة بين نوعي التحفظ المحاسبي للشركات المستثمرة وسلوكها الاستثماري في البيئة العراقية.


وتتركز مشكلة البحث في السلوك الاستثماري للشركات المدرجة في سوق العراق للأوراق المالية غير واضح المعالم, أي هناك تذبذب كبير في حجوم الاستثمارات والتي تنعكس بدورها على كفاءة السوق وسيولته، وقد يعود السبب في ذلك إلى ممارسه التحفظ المحاسبي بشقيه (شرطي– غير شرطي ).


وعليه يهدف البحث الى قياس مستوى التحفظ المحاسبي للشركات المدرجة في سوق العراق للأوراق المالية للمدة من 2010 – 2015، فضلاً عن بيان تأثيره في السلوك الاستثماري للشركات المدرجة في سوق العراق للأوراق المالية كون ان تذبذبات السلوك الاستثماري تؤثر سلبا في كفاءة السوق، ولتحقيق الهدف تم استعمال مقاييس عدة لقياس متغيرات البحث وفق إنموذج (Khan&Watts 2009) تطويرا لإنموذج( Basu 1997) لقياس التحفظ المشروط واستعمال إنموذج (Beaver and Ryan 2000) لقياس التحفظ غير المشروط، وفيما يتعلق بقياس السلوك الاستثماري اذ تم استعمال إنموذج (  Ito 2014&Ishida).


و تنبع أهمية البحث من تأثير عدم استقرار السلوك الاستثماري للشركات الناشئ عن ممارسة التحفظ المحاسبي بنوعيه (المشروط – غير المشروط) في كفاءة السوق المالي وسيولته فضلا عن أن هذا البحث يكتسب أهميته في كونه يختلف عن الدراسات السابقة  إذ إن اغلب الدراسات التي تناولت التحفظ المحاسبي تناولته من خلال اعتماد إنموذج واحد ولم تلتفت الدراسات السابقة إلى الفجوة الكبيرة بين أنواع التحفظ المحاسبي اذ إن لكل نوع منها تأثير معين ، فضلاً عن كون البحث يناقش المواضيع المحاسبية ذات الصلة بالفكر المحاسبي وانعكاساته الواضحة على التطبيق والممارسة العملية.


ولتحقيق مرتكزات و اهداف البحث  فقد تم تقسيمه على اربعة فصول، خصص الاول منها لمنهجية البحث ودراسات سابقة، اذ تم عرضه في مبحثين اثنين، تضمن الاول منهجية البحث في حين تناول الثاني دراسات سابقة والإسهام التي يقدمه البحث الحالي، كما ناقش الفصل الثاني مفهوم التحفظ المحاسبي ونماذج القياس، وتم تقسيمه على ثلاثة مباحث، اختصر الاول على مفهوم التحفظ المحاسبي ، واحتوى الثاني النماذج المستعملة في قياس التحفظ المحاسبي والعوامل المؤثرة فيه، اما المبحث الثالث فقد خصص لعلاقة التحفظ المحاسبي بالسلوك الاستثماري للشركات، وقد عرض الفصل الثالث الجانب التطبيقي للبحث، واحتوى على ثلاثة مباحث، تم في الاول عرض نبذة عن سوق العراق للأوراق المالية وعينة البحث وعرض طرائق قياس متغيرات البحث، اما الثاني فانه اشتمل على قياس متغيرات البحث للتحفظ المحاسبي بنوعيه (مشروط – غير مشروط) والسلوك الاستثماري للشركات ، في حين تضمن الثالث عرض وتحليل النتائج واختبار الفرضيات، واخيراً تم عرض الاستنتاجات والتوصيات ضمن الفصل الرابع، وتم تقسيمه على مبحثين اثنين، تضمن الاول الاستنتاجات التي توصل اليها الباحث، فيما عرض الثاني التوصيات التي توصل اليها الباحث.


وقد توصل الباحث الى مجموعة من الاستنتاجات اهمها:

1. على الرغم من غزارة الدراسات التي تناولت التحفظ المحاسبي الا ان القليل من تلك الدراسات التي صنفت انواعه بشكل منفرد فضلا عن ذلك علاقة التحفظ المحاسبي بالاستثمار بشكل عام. 

2. يساهم قيد التحفظ المحاسبي من الحد من الافراط في السلوك الاستثماري للمديرين ، فالشركات ذات السياسات المحاسبية المتحفظة تكون سريعة الاعتراف بالخسائر الاقتصادية الناجمة عن المشاريع الاستثمارية ذات الاداء الضعيف ، فضلا عن دور المستثمرين الكبير في التأثير في قرارات المديرين كونهم يشكلون المصدر الرئيس للتمويل ، فالكشف عن الخسائر الاقتصادية في الوقت المناسب ،يمكن المستثمرين من تقييم المراكز المالية للشركات بصورة اكثر دقة وموضوعية.

3. تزداد المبادرة الاستثمارية للشركات المدرجة في سوق العراق للأوراق المالية من خلال    تأثير التحفظ المحاسبي غير المشروط , كما تنخفض تلك المبادرات  بتأثير التحفظ المحاسبي المشروط.

4. على الرغم من ممارسة الشركات المدرجة في سوق العراق للأوراق المالية للتحفظ المحاسبي بشكل متباين الا انه ينبغي التفريق بين كل نوع من انواع التحفظ والاثار المترتبة على هذين النوعين.


وفي ضوء الاستنتاجات التي توصل اليها الباحث، يمكن تقديم مجموعة من التوصيات تتمثل بالاتي:


1- ضرورة امعان النظر والاهتمام من قبل  سوق العراق للأوراق المالية بالاستثمار المؤسسي وذلك من خلال تأثيره في تحسين اداء ومرونة وكفاءة السوق . 

2- على الرغم من ممارسة الشركات المدرجة في سوق العراق للأوراق المالية للتحفظ المحاسبي بشكل متباين الا انه ينبغي التفريق بين كل نوع من انواع التحفظ والاثار المترتبة على هذين النوعين

3- يتوجب على مدققي الحسابات الشركات المدرجة في سوق العراق للأوراق المالية ان يبدوا رأيهم بشكل واضح بمستوى التحفظ المحاسبي لكلا النوعين لما له من اثار على مستوى الاستثمارات والذي ينعكس بدوره على مستخدمي القوائم المالية.

4- يتوجب على ادارة سوق العراق للأوراق المالية تنسيق الجهود مع الجهات المهنية والحكومية وذلك من خلال عقد المزيد من ورش العمل والندوات المتخصصة بهدف توجيه ادارات الشركات تبني المستوى المقبول للتحفظ المحاسبي.

5- تفعيل دور الجهات القانونية والقضائية الخاصة بحماية المستثمرين والمقرضين من الممارسات الانتهازية التي تقوم بها ادارة الشركات فضلا عن اقرار قانون حوكمة الشركات والافصاح المالي.

6- ينبغي على سوق العراق للأوراق المالية اقامة الدورات التدريبية والندوات وورش العمل بهدف معرفة كيفية قياس التحفظ المحاسبي المالي للشركات المدرجة في السوق، وذلك لان درجة التحفظ المحاسبي تعزز ثقة مستخدمي القوائم المالية، فضلاً عن أنه يؤدي الى حماية السوق من التلاعب، وفي الوقت نفسه يحمي المساهمين.

Comments are disabled.