العلاقة بين التحرر المالي والعمق المالي في العراق وفق إطار التكامل المشترك


الطالب : حميد طالب فاضل     المشرف : أ.د. سعد عبد نجم

تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة رسالة الماجستير في تخصص الاقتصاد للطالب ( حميد طالب فاضل ) عن دراسته الموسومة ” العلاقة بين التحرر المالي والعمق المالي في العراق وفق إطار التكامل المشترك “.

لقد شهد العالم في النصف الثاني من القرن العشرين تحولات واسعة ومتسارعة في القطاع الاقتصادي بصورة عامة والقطاع المالي بصورة خاصة ، و كانت معظم حكومات دول العالم خصوصاً النامية منها  تمارس دورا ً واضحا ً في التدخل في أنظمتها المالية عن طريق أحتكار ملكية المؤسسات المالية والتدخل الكبير في عمل القطاع المالي والمصرفي ، مثل التحديد المركزي لسعر الفائدة ، وسياسات الائتمان الموجة ، وعدم السماح بدخول وخروج  المصارف المحلية والاجنبية وكذلك رؤوس الاموال وغيرها من هذه السياسات التي سميت منMcKinnon 1973 and Shaw1973) ) بسياسات الكبح المالي (Financial Repression) والحجج الاساسية من هذا التدخل في الاعمال المالية من قبل الحكومة هو جعل النظام المالي يقوم بدور فعال في تمويل وتسريع عملية التنمية الاقتصادية.


فمنذ مطلع السبعينات أتجهت العديد من دول العالم خصوصاً النامية منها لسياسة التحرر المالي في محاوله لتطوير مؤسساتها المالية ورفع وتحسين خدمات الوساطة المالية ، وتخفيف قيود التمويل وتوجية الائتمان الى المشاريع الاكثر أنتاجية عبر اليات السوق ومن ثم تحفيز عملية التنمية الاقتصادية.


وقد حظيت العلاقة بين التحرر المالي و العمق المالي بقدر كبير من الاهتمام في الادبيات الاقتصادية ، وعلى الرغم من التحرر المالي الذي حدث في العراق بعد عام 2003م لم تسفر عن توافق واسع بشأن العلاقة السببية بين التحرر المالي والعمق المالي ، وهنا تكمن مشكلة البحث.


يهدف البحث إلى تحليل العلاقة بين العمق المالي و التحرر المالي  في العراق بأستعمال أسلوب التكامل المشترك ونماذج تصحيح الاخطاء لتحديد أتجاة العلاقة القصيرة الاجل والطويلة الاجل بين المتغيرين لتكون عوناً في صياغة السياسات الاقتصادية الهادفة الى تطوير المؤسسات المالية ومن ثم تحفيز عملية التنمية الاقتصادية.


ويكتسب البحث اهميته من الدور الكبير يمارسه التحرر المالي في زيادة كفاءة القطاع المالي (العمق المالي) في الامد الطويل والتي يمكن ان تترجم (تتحول) الى زيادة كفاءة الاداء الاقتصادي ، حيث ان التحرر المالي لة أثر ايجابي على كفاءة تخصيص الموارد ، ونمو الائتمان الخاص والتخفيف من قيود التمويل ، ومن ثم رفع فرص الحصول على عوائد أكبر من الانشطة الاقتصادية المختلفة ، والعمق المالي المتطور يمكن ان يتحول الى نمو أقتصادي مستدام ، من خلال تطور كفاءة أستعمال رأس المال بأتجاة الاستعمالات الاكثر كفاءة ، ويرفع من القدرة التنافسية الاقتصادية للسوق.


وقد اعتمدت الدراسة على تحليل البيانات القطاع المالي العراقي ، من أجل تحديد اتجاة العلاقة السببية بين التحرر المالي  و العمق المالي ، وقد تم تحليل وقياس مؤشرات كلا من التحرر المالي والعمق المالي والتي تعتبر الاكثر ملائمة لواقع الاقتصاد العراقي ، للفترة ما قبل التحرر المالي في عام  (1990) والى غاية (2015)، كما  تم أستعمال أنموذج (ARDL) في التحليل القياسي، ويعد من افضل النماذج القياسية ، وهو يتناسب مع البيانات المستعملة في التحليل العملي ، ومن اهم النتائج التي تم التوصل اليها في هذه الدراسة هي  بالرغم من التحرر المالي الذي حدث في العراق بعد عام  2003م لم تسفر عن توافق واسع بشأن العلاقة السببية بين التحرر المالي والعمق المالي.


وتكونت الدراسة من ثلاث فصول ، حيث تضمن الفصل الأول العلاقة بين التحرر المالي والعمق المالي/ إطار مفاهيمي وتكون من ثلاث مباحث ، المبحث الأول: الإطار المفاهيمي للتحرر المالي ، المبحث الثاني: الإطار المفاهيمي للعمق المالي والمبحث الثالث: الاطار المفاهيمي للعلاقة بين التحرر المالي والعمق المالي ، بينما تضمن الفصل الثاني تحليل مؤشرات التحرر المالي والعمق المالي في العراق ( إطار عملي ) وتكون من ثلاث مباحث ، المبحث الأول: قياس التحرر المالي في العراق و المبحث الثاني: قياس العمق المالي في العراق و المبحث الثالث: العلاقة بين التحرر المالي والعمق المالي في العراق ، وجاء الفصل الثالث بعنوان قياس العلاقة بين التحرر المالي والعمق المالي بأستعمال إنموذج الانحدار الذاتي للابطاء الموزع  (ARDL)، وتكون من اربعة مباحث ، حيث تضمن المبحث الاول: الإطار النظري للتحليل القياسي ، والمبحث الثاني: التحليل القياسي للعلاقة بين التحرر المالي والعمق المالي في العراق ، وضم المبحث الثالث الاستنتاجات التي توصل اليها الباحث ، واختتمت الدراسة بالمبحث الرابع الذ ضم التوصيات التي توصلت اليها الدراسة.


وتوصل الباحث الى مجموعة من الاستنتاجات ، حيث وأظهرت الدراسة ضعف العلاقة بين التحرر المالي وحجم العمق المالي في العراق وهي نتيجة طبيعية بسبب المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد العراقي ، وأظهرت النتائج عدم وجود علاقة بين التحرر المالي و العمق المالي في العراق  لعدة أسباب منها ، تحفظ البنوك الخاصة وترددها بمنح الائتمان لضعف الضمانات المقدمة لقاء منحه وهو أمر ناجم عن تأثير مخاطر السوق النظامية ، والمطالبة بضمانات عالية عند منح القروض ، وضعف ثقة الجمهور بالمصارف الخاصة مقارنتاً بالمصارف الحكومية وتركز الاهمية النسبية للمصارف الحكومية ، ومن جهة أخرى حجم المشاكل التي عانى منها الاقتصاد العراقي، ولعل أهم النتائج التي تم التوصل اليها هي ان نجاح عمل المؤسسات المالية والمصرفية يحتاج الى بيئة سياسية واقتصادية وامنية مستقرة ، وان تطور القطاع المالي مرهون بالاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي.


وتوصل الباحث الى مجموعة من التوصيات ندرج منها :


1. تحقيق الاستقرار الامني والسياسي في العراق والذي يعد الاساس في تطوير القطاع المالي بشكل خاص والقطاع الاقتصادي بشكل عام.

2. ضرورة تطوير القطاع المالي في العراق وزيادة فاعليتة من خلال تطور الخدمات المصرفية المقدمة ، وتسهيل الحصول على المعلومات المتعلقة بحجم العائد والمخاطرة ، ورفع مساهمة القطاع المالي في الناتج المحلي الاجمالي ، والذي يؤدي بدورة الى تدعيم النمو الاقتصادي.

3. تخفيض حجم الضمانات المطلوبة من قبل المصارف التجارية العراقية عند منح الائتمان وتوفير تسهيلات ائتمانية ميسرة ، الامر الذي يشجع على زيادة الطلب على الائتمان ، وبالتالي المساهمة في تنشيط القطاع الخاص.

4. تحفيز المصارف بالتوجه نحو السوق لاسناد اتجاهات السياسة النقدية في توفير الائتمان والتمويل المصرفي ، والتصدي لأوجه البطالة والركود الاقتصادي ، مما يؤدي الى رفع العمق المالي في العراق.

5. المساهمة في تحسين بيئة الاعمال ، وتوفير المناخ المناسب للاستثمار والمشجع لجذب رؤوس الاموال المحلية والاجنبية.

Comments are disabled.