دور المدخل المتدرج للقرار الاستراتيجي في حاكمية الجامعات


الطالبة : سهير شاكر صديق   المشرف : أ.م.د. تلا عاصم فائق

تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة رسالة الماجستير في تخصص الادارة العامة للطالبة ( سهير شاكر صديق ) عن دراستها الموسومة ” دور المدخل المتدرج للقرار الاستراتيجي في حاكمية الجامعات – دراســـــة مُقــــارنة “.


يُعَّد موضوع القرار الاستراتيجي من الموضوعات المهمة التي نالت اهتمام الكثير من الباحثين والمفكرين وتم عرضها ومناقشتها في الكثير من الأدبيات ، وخاصة تلك الدراسات التي تُظهر مراحل صنع القرار الاستراتيجي ابتداءً من مسح البيئة الداخلية والخارجية لتحديد الفرص والتهديدات وانتهاءً بتقييم تنفيذ تلك القرارات.


جاء هذا البحث ليُقدم فكرة قَلَّما طُرحَت وقَلَّما تم الاهتمام بها وهي ماذا قبل البدء بتلك المراحل؟ وما هو أهم من تلك المراحل من وجهة نظر عدد من المفكرين والباحثين ؟ وهل يختلف صناع القرار في تحديد تلك المراحل والخطوات وصولاً لتحقيق الأهداف المتوخاة من صنع ذلك القرار، أم انهم يستعملون نفس طريقة التفكير ويدخلون من بوابة واحدة لوضع خطواتهم وصولاً لاتخاذ القرار وتنفيذه؟ وما هي تلك المداخل التي يستعملها صناع القرار في صنع قراراتهم وكيف يفكرون قبل الدخول بتلك العملية المهمة والتي قد تمنح الحياة الطويلة للمنظمة أو تكون سبب في نهايتها المبكرة ، وهل هناك مدخل محدد يمكن أن يتبعه صناع القرار الاستراتيجي يجمع سمات عدد من المداخل ليتلاءم مع المنظمات والظروف المختلفة؟.


وبعد البحث والدراسة المعمقة لمختلف المداخل تم التوصل الى ان اكثر مدخل يجمع بين سمات وخصائص اكثر من مدخل واحد ، ويمكن الاستفادة من مزاياه في صنع قرارات المنظمة الاستراتيجية هو المدخل المتدرج للقرار الاستراتيجي وذلك كون هذا المدخل وباتفاق عدد كبير من الباحثين والمفكرين في الأدب الاداري بانه مدخل يجمع سمات المدخل الريادي والذي بُنيت فكرته على اساس أن هناك شخص ريادي يمتلك بصيرة نافذة ويستغل الفرص و يصنع قرارات استراتيجية تؤدي الى نمو المنظمة ، والمدخل التخطيطي الذي يعتمد العقلانية والتخطيط طويل المدى استعمال اكبر عدد من البدائل واختيار البديل الأفضل لصنع قرارات شاملة ، والمدخل المتكيف الذي يستند على فكرة الاستجابة للمشاكل عن طريق رد الفعل ومعالجة تلك المشاكل التي قد تحدث فجأة حتى لا تؤثر على نتائج القرار.


ونظراً لأهمية المفهوم الحديث الذي تتسابق الجامعات العالمية المتطورة اليوم لتحقيقه من خلال تطبيق أهم مبادئه وأفكاره وهو مفهوم (حاكمية الجامعات) الذي يُعَّد من وجهة نظر العديد من الباحثين والمفكرين في الأدب الإداري بأنه نظام يدعم القرارات الاستراتيجية ويؤدي الى تحقيقها بشكل يحقق السبب من وجود الجامعات ويحقق اهدافها الاستراتيجية ، لذا جاء هذا البحث ليبحث في كيفية تعزيز حاكمية الجامعات من خلال استخدام المدخل المتدرج للقرار الاستراتيجي.


وجاء اختيار جامعتي بغداد والمستنصرية كميدان للجانب العملي للبحث وذلك لسببين الأول لما تتمتع به هاتين الجامعتين من تاريخ عريق ومسيرة حافلة بالقرارات الاستراتيجية الكبيرة والمهمة والتي تؤثر في مستقبل شريحة كبيرة من المجتمع وهم شريحة الشباب والتي هي بأمس الحاجة الى قرارات استراتيجية صحيحة من أهم نتائجها توفير سوق عمل يستقبل الاختصاصات المختلفة من تلك الشريحة ويقضي على البطالة وبالتالي يحقق أهداف التنمية المستدامة التي اصبحت حُلم يسعى الى تحقيقه كل بلد في العالم ؛ أما السبب الثاني فلكون الباحثة هي جزء من المنظمة الجامعية كطالبة في جامعة بغداد من جهة وكمنتسبة في الجامعة المستنصرية من جهة أخرى فكان لابد من عمل بحث يفيد الجامعتين وخاصة صناع القرار الاستراتيجي فيها كونهم أساس تحقيق أهداف المنظمة الاستراتيجية وكل ما يتخذونه من قرارات تنعكس على تحقيق تلك الأهداف سلباً أو ايجاباً وبالتالي تنعكس على نمو الجامعة وتطورها.


اشتمل البحث على أربعة فرضيات رئيسة ، واستُعملَت فيه استبانة تتكون من (ستة وستين) فقرة بخاصية الصدق والثبات من خلال استعمال طريقتين لاختبار الصدق وطريقة واحدة لاختبار الثبات ، وتم عمل تحليل وصفي للمعلومات الديموغرافية والوظيفية لعينة البحث ، ثم تم عمل تحليل مقارن بين جامعة بغداد والمستنصرية باستعمال (T-TEST) ، اتبعه تحليل لمستوى أهمية متغيري الدراسة باستعمال الأوساط الحسابية المرجحة والانحرافات المعيارية والأهمية النسبية لكل فقرة من فقرات الاستبانة ولمجمل محاور متغيري الدراسة الرئيسيين ، وتم اختبار علاقات الارتباط والتأثير بين متغيري البحث باستعمال اختباري (F-TEST, Z-TEST) بالاعتماد على حزمة من المقاييس والاساليب الاحصائية المتقدمة، بوساطة برنامج التحليل الاحصائي (SPSS  ) الاصدار الأخير (الرابع والعشرين).


تم عرض مشكلة البحث بعدد من التساؤلات ليتم الاجابة عليها بعد تحقيق نتائج الجانب الميداني من البحث.


تنبع أهمية أي بحث من أهمية موضوعه وعناصره البحثية ومدى تأثير تلك العناصر على العملية الادارية للمنظمات المبحوثة وذلك لتشجيع البحث عن هوية تلك المنظمات مما يعكس توقعات مختلف مجموعات المصالح.


ويهدف هذا البحث الى اختبار العلاقة والأثر بين المدخل المتدرج للقرار الاستراتيجي بأبعاده ( التعديل المستمر ، والتفاوض ، والتكيف ، والتعلم ، والمبادرة ، والتغيير التنظيمي) في حاكمية الجامعات بأبعادها (الاطار ، وتوجه الادارة ، والحكم الذاتي ، والمسائلة ، والمشاركة ) و مقارنة مدى تحقيق تلك العلاقة بين كل من جامعتي بغداد والمستنصرية ، لمعرفة مدى وجود الفروقات ذات الدلالة الاحصائية بين الجامعتين المبحوثتين اولاً باعتمادها متغيرات البحث.


لقد تم هيكلة البحث على مقدمة و أربع فصول خُصص الفصل الأول منها للإطار العام للبحث , وتضمن مبحثين الأول لمنهجية البحث، إذ تم استعراض مشكلة البحث, وتم عرض اهمية البحث , فضلاً عن عرض اهداف البحث ، كذلك تم أستعراض هيكلية البحث ومقياس البحث , وأنموذج البحث , وفرضيات البحث , وكذلك تم استعراض مجتمع البحث والعينة , وخصائص عينة البحث , واختبار الصدق والثبات.


وتم تخصيص المبحث الثاني لمناقشة الجهود المعرفية من خلال بعض الدراسات السابقة ذات الصلة بمتغيرات البحث ومن ثم مناقشتها وبيان مجالات الاستفادة منها واوجه الشبه والاختلاف بينها وبين البحث الحالي.


في حين خُصص الفصل الثاني للتأطير النظري من خلال مبحثين , تضمن الاول المدخل المتدرج للقرار الاستراتيجي من خلال عدد من الفقرات ، اما المبحث الثاني تم استعراض متغير حاكمية الجامعات.


وجاء الفصل الثالث ليبين الجانب العملي من خلال عرض النتائج وتحليلها وتفسيرها , وتضمن خمسة مباحث المبحث الأول يبين الأساليب والمقاييس الاحصائية المستعملة في تحليل بيانات الاستبانة ، المبحث الثاني فحص واختبار أداة  القياس الاستبانة ، وفي المبحث الثالث التحليل الوصفي للمعلومات التعريفية أما المبحث الرابع فهو التحليل المقارن بين جامعة بغداد والجامعة المستنصرية والمبحث الخامس التحليل الوصفي لمتغيرات الدراسة اما المبحث السادس جاء ليغطي الاختبارات الاحصائية لفرضيات الارتباط والتأثير بين متغيرات الدراسة.


وفي الختام كان الفصل الرابع الذي ضم مبحثين تم تخصيص الأول منها للاستنتاجات , تَبعَهُ المبحث الثاني بالتوصيات والمقترحات التي استنبطت من الدراسة موضوع البحث.


وأدت الأساليب الاحصائية لجملة من النتائج ابرزها عدم وجود فروق معنوية بين جامعة بغداد والمستنصرية من حيث متغيري البحث المدخل المتدرج للقرار الاستراتيجي و حاكمية الجامعات عدا وجود فرق طفيف لا يكاد يكون ملموس بين الجامعتين في احد ابعاد المدخل المتدرج للقرار الاستراتيجي وهو بعد المبادرة ؛ وجاءت النتائج لتؤكد أن هناك علاقة ارتباط معنوية ذات دلالة احصائية بين المدخل المتدرج للقرار الاستراتيجي وحاكمية الجامعات ؛ وأن هناك تأثير معنوي ذو دلالة احصائية لمتغير المدخل المتدرج للقرار الاستراتيجي في حاكمية الجامعات.


وخلص البحث الى مجموعة من التوصيات أهمها دعوة لصناع القرار الاستراتيجي في جامعتي بغداد والمستنصرية للاهتمام بالمدخل المتدرج للقرار الاستراتيجي كأحد المداخل المهمة لصنع قرارات استراتيجية كفؤة وفاعلة وضرورة توظيف أفكار هذا المدخل بما يتلاءم وتحقيق حاكمية الجامعات التي هي من سمات الجامعات المتطورة التي تنافس الجامعات العالمية.

Comments are disabled.