دور الانفاق البلدي في المسؤولية البيئية


الطالب : معد منعم خلف            المشرف : أ.د. عبد السلام لفته سعيد

تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة بحث الدبلوم العالي المعادل للماجستير في تخصص ادارة البلديات للطالب ( معد منعم خلف ) عن دراسته الموسومة ” دور الانفاق البلدي في المسؤولية البيئية – بحث تحليلي مقارن “.

إنّ علاقة الفرد بالبيئة والنظام البيئي علاقة وثيقة ومتبادلة التأثير والاتصال, فالإنسان يعد جزاً لا يتجزأ من النظام يتأثر بما يؤثر به بشكل مباشر ويؤثر فيه وهو أحد معطياته وفي الوقت نفسه هو الجزء المدبر والفعال فيه , إذ إن المسؤولية البيئية تهدف إلى المحافظة على البيئة الخضراء وتنميتها واستدامتها ولها أهمية كبيرة , ولأنّ لها العلاقة التأثيرية المتبادلة بين الفرد والبيئة , وجب التعرف على عناصرها ومكوناتها والقضايا والإشكاليات المتعلقة بها وإدراك احتياجاتها.


وتعدُّ ظاهرة التلوث البيئي من الظواهر التي لاقت اهتماماً متزايداً في الآونة الأخيرة ، ولاسيما في ظل التقدم الصناعي والتكنلوجي الذي يشهده عالمنا المعاصر, وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة غير جديدة وموجودة منذ القدم إلا أن الجديد فيها هو تعدد وتنوع مصادر التلوث وتأثيراته الضارة , فضلاً عن محاولة المنظمات الاقتصادية الصناعية التخلص من نفاياتها أو فضلاتها المضرة بالبيئة عن طريق إطلاقها في الهواء أو إلقائها في النهر أو البحر أو دفنها في الأرض، مما كان له تأثير سلبي على الحياة البيئية , و تؤدي التأثيرات البيئية الناجمة عن ممارسة المنظمات الاقتصادية لمهامها أو لأنشطتها المختلفة إلى انعكاسات خطيرة على البيئة التي تمثل الوعاء الشامل لعناصر الثروة الطبيعية وعلى المجتمع والحياة بصورة عامة ، وأصبح من مسؤولية المنظمات التي تمارس مثل هذه الأنشطة أو المهام أن تحافظ على البيئة بخفض أو تقليل الأضرار الناشئة عن تلك التأثيرات البيئية وذلك إيفاءً لمتطلبات التنمية والمجتمع , وتتمحور هذه المسؤولية بأن تتحمل الكثير من الإنفاق العام , ومن ثم الحد أو منع مثل هذه الآثار السلبية وتقليلها , وللإنفاق البلدي (العام) , له الدور الفاعل في التنمية البيئية وفي اتخاذ القرارات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والبيئية والقانونية والإدارية وتنفيذها في المجتمع ، من خلال المعلومات المالية المتعلقة بالأنشطة البيئية للمنظمة التي هي الوسيلة المساعدة في التنمية ووضع الخطط وصنع القرارات ورسم السياسات الهادفة إلى الوقاية أو الحد من أو تقليل التأثيرات البيئية ودراسة الإنفاق العام والبلدي والبيئي ومقارنته وقياسه وإدارته.


وإذ تُعد السياسة المالية من السياسات الأكثر فاعلية في التأثير في مجمل النشاط الاقتصادي والالتزام البيئي التنموي لأي دولة ، إذ تستطيع الدولة أو الحكومة من خلال أحدى أدوات السياسة المالية   (الإنفاق العام أو الإنفاق البلدي( , أن تؤثر في النشاط الاقتصادي والأنشطة البلدية والتنمية ودرجة الالتزام البيئي انتعاشاً وركوداً عن طريق رفع أو زيادة الإنفاق العام أو تقليله أو خفضه وأدارته بشكل كفء وعادل من اجل الوصول إلى تحقيق العديد من الأهداف ، إذ يعد من أهم المكونات الأساسية للنشاط الاقتصادي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وصولاً إلى أهميته في تحقيق الأهداف الاقتصادية في الإنفاق العام أو البلدي وكذا متطلبات المسؤولية البيئية ، وإذ إن التغييرات الحديثة في مفهوم الإنفاق العام لم تجعل منه مجرد تخصيص نقدي بحت , وإنما أصبح اليوم أداة مهمة من أدوات السياسة المالية وإحدى الدعائم الرئيسة التي تستند إليها في تحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وتحقيق التنمية بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.


وتختلف سياسة الإنفاق العام من دولة لأخرى لاسيما الإنفاق البلدي نتيجة اختلاف الظروف الاقتصادية والسياسية واختلاف أولويات الإنفاق في كل دولة ، أما على مستوى العراق فقد شهدت السياسة المالية والتوجهات البيئية تغييرات كبيرة بعد عام )2003) ,  الأمر الذي يتطلب وقفة طويلة أمام هذا المنعطف ومحاولة تشخيص دور الإنفاق العام (البلدي) العراقي في المسؤولية البيئية في العراق للخروج بمجموعة من المعالجات البديلة التي تسهم في إنجاح العملية التنموية للمسؤولية البيئية من الإنفاق العام (البلدي).


وكان هدف البحث هو إجراء مقارنة ما بين الإنفاق البلدي والمسؤولية البيئية للبلديات في أطراف العاصمة بغداد وعددها ست عشرة بلدية , مستنداً إلى متغيرات هذين العنصرين , وهي خمسة متغيرات للإنفاق البلدي (الرواتب والأجور , المستلزمات السلعية , المستلزمات الخدمية , الاندثار , المصروفات الأخرى) , وخمسة متغيرات للمسؤولية البيئية (الكثافة أو التركيز للسكان والمساحة , المخدومين بخدمة جمع النفايات , كمية النفايات الاعتيادية , كمية المخلفات المرفوعة , معدل تولد النفايات لكل فرد) ولمدة خمس سنوات للإنفاق البلدي , وسنتين للمسؤولية البيئية.


إذ برزت أهمية البحث كونه يعكِس ضُعف وفي بعض الاحيان غياب الإهتمام بالمسؤولية البيئية , وإن أبرز أهداف البحث هو بيان دور أو مدى تأثير الإنفاق البلدي على المسؤولية البيئية.


وتم تقسيم الدراسة الى اربعة فصول ، ومنها تناول الفصل الأول ليحتوي مبحثه الأول على الإطار المنهجي للبحث , وفي مبحثه الثاني على الدراسات السابقة ومناقشتها و الإفادة منها واختلافها عن بحثنا. اما الفصل الثاني (الإطار النظري), يحتوي مبحثه الأول على الإنفاق العام ومبحثه الثاني على المسؤولية البيئية , أما المبحث الثالث فهو البلدية والبيئة .وفي الفصل الثالث (الإطار العملي) , يحتوي في مبحثه الأول على الإنفاق البلدي , ومبحثه الثاني على المسؤولية البيئية , أما مبحثه الثالث فهو الإنفاق البلدي والمسؤولية البيئية . وأخيرا الفصل الرابع ليحتوي في مبحثه الأول على الاستنتاجات وفي مبحثه الثاني على التوصيات وأخيراً وليس أخراً المصادر.


وكانت أبرز النتائج , من خلال تطابق أو عدم تطابق عناصر المتغيرين , سُجِّلَت حالة تطابق واحدة فقط من أصل ست عشرة بلدية لم تتطابق , وكذا فأن أول مرتبة لبلدية في الإنفاق البلدي كانت في المرتبة الرابعة بالمسؤولية البيئية.


لذا إن أبرز ما نوصي به الجهات المعنية بضرورة تفعيل قانون إدارة البلديات المعطل , ومن ثم إقرار قانون إدارة النفايات , كبداية لتبني متطلبات المسؤولية البيئية , كما يمكن الإستفادة والتوجه نحو الاستثمار في السياحة البيئية ونقصد هنا الأهوار , كدخل مالي قومي جديد , والحفاظ والإهتمام بالبيئة والمسؤولية البيئية.

Comments are disabled.