تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة رسالة ماجستير في تخصص الاقتصاد للطالبة (ريام علي طالب)  بأشراف أ.م.د. غفران حاتم علوان عن دراستها الموسومة ((قياس وتحليل أثر عجز الموازنة العامة على الدين الخارجي في العراق في اطار التكامل المشترك للمدة (1990 – 2016 ))   .

لقد اصبح مفهوم العجز في الموازنة العامة ظاهرة اقتصادية مزمنة تعاني منها معظم دول العالم سواء أكانت دول متقدمة ام دول نامية , وعلى الرغم من اختلاف رؤى المدارس الاقتصادية من فكرة قبول او رفض العجز في الموازنة العامة ألا أن الرأي الذي ساد هو بضرورة حكم دور الدولة من خلال تقليل الأنفاق العام الذي أدى إلى عجوزات مستمرة في الموازنة العامة ترتب عليها زيادة في الاقتراض الحكومي , وزيادة في الضرائب على الدخل والثروة , مما اضعف الحافز على الاستثمار الخاص , وكذلك اسهم في زيادة الركود التضخمي , واصبح من واجب الدولة تغطية النقص من مصادر التمويل المحلي التي أصبحت من الصعب ان توازي الزيادات المتواصلة في الأنفاق العام , فغدت مشكلة التمويل من ابرز المشكلات التي توجهها الدول النامية ولاسيما العراق , مما اجبرها على الاتجاه إلى القروض الخارجية التي غالبا ما تكون مشروطة بشروط سياسية واقتصادية معقدة .

ومن هنا ركز البحث على تحليل العلاقة بين العجز في الموازنة العامة والدين الخارجي خلال المدة (1990ـ 2016) , ونتيجة  الظروف غير طبيعية التي مر بها العراق خلال مدة فقد أتسمت الموازنة العامة بالعجز نتيجة الزيادة المستمرة في الأنفاق العام وترتب عليها زيادة في الدين الخارجي كمصدر من مصادر تمويل هذا العجز, وفي اطار تقدير هذه العلاقة قد توصلت الباحثة إلى وجود علاقة توازنيه طويلة الآجل بين العجز في الموازنة العامة والدين الخارجي.

 

وقد توصلت الدراسة الى مجموعة من الاستنتاجات اهمها :

1- اتبعت الحكومة العراقية سياسة مالية توسعية خلال مدة الدراسة نتيجة دخول العراق الحرب مع الخليج وفرض العقوبات الدولية والحصار الاقتصادي ،الذي ادى الى زيادة الانفاق العام بشكل اكبر من زيادة الايرادات العامة وهذا يعد السبب الرئيس في حصول العجز في الموازنة العامة ,وعدم قدرة الحكومة في هذه المدة من تسديد خدمة اعباء الدين مما ادى الى تراكم المديونية  الخارجية التي مازال الاقتصاد العراقي يعاني منها.

2- توجيه زيادة في الايرادات العامة نحو النفقات الجارية والتي تشكل اعلى نسبة الى النفقات العامة في عام (1996) والتي بلغت نحو(93.28%) مقارنة بنسبة النفقات الاستثمارية الى اجمالي النفقات العامة والتي قدرت حوالي (6.71%) في المدة نفسها، وهذا يشير الى عدم وجود استراتيجية من الحكومة العراقية للاهتمام بالمشاريع الاستثمارية وعدم توجيه الاموال المخصصة نحو الانتاج لتحقيق التنمية الاقتصادية للبلد.

3- تشكل الايرادات النفطية القسم الاكبر من اجمالي الايرادات العامة في الاقتصاد العراقي اذ بلغت نحو(99.10 % ) بينما تشكل الايرادات غير نفطية نحو(0.89 %) في عام (2011) وهذا يدل على هيمنة القطاع النفطي في تمويل العجز في الموازنة العامة فضلا عن تخلف الانظمة الضريبة في حصول على الايرادات.

4- حيث نلاحظ من جدول (2ـ2ـ4) ان خلال الاعوام (2012ـ2016) انخفض مؤشر خدمة  اعباء الدين  حيث بلغ (103.55, 96.10) وهذا يشير الى كلما انخفض المؤشر دل على قدرة الحكومة على تسديد اصل القرض والفوائد المترتبة  وهذا ينعكس بشكل ايجابي على مجمل الاقتصاد بسب دخول العملات الاجنبية الى العراق  نتيجة  زيادة الصادرات النفطية.

5- بعد اجراء اختبار السكون للمتغيرات المدروسة باستخدام اختبار ديكي فوللر الموسع (ADF) واختبار فليبس بيرون (P-P) توصلنا ان المتغيرات (اجمالي الدين الخارجي , ونسبة العجز الى الناتج المحلي الاجمالي , واجمالي العجز في الموازنة العامة , ونسبة الايرادات الى النفقات) غير ساكنة بالمستوى وتصبح ساكن بعد اخذ الفرق الاول لكلا الاختبارين اي انها متكاملة من درجة الاولى (I=1) , اما المتغيرين (نسبة اجمالي الدين الخارجي الى الناتج المحلي الاجمالي, ونسبة اجمالي الدين الخارجي الى الصادرات) ساكنة في المستوى اي متكاملة من الدرجة (I=0) وفي هذه الحالة سوف نستعمل أنموذج الانحدار الذاتي لفترات الابطاء الموزع (ARDL).

وفي ضوء الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة يوصي الباحث بالاتي:

  • وضع برنامج دقيق للتقشف في الموازنة العامة من خلال تقليل بنود الاستهلاك الحكومي غير ضروري (ترشيد النفقات العامة ) و تخفيض رواتب واجور كبار الموظفين وتقليل  من السفرات والحفلات والمؤتمرات الدولية فضلا عن الاثاث والسيارات وغيرها  فان ذلك يسهم في تقليل العجز في الموازنة العامة وربما يؤدي الى تقليل حاجة الحكومة الى الاقتراض الخارجي .

2- تنويع مصادر الايرادات العامة وعدم الاعتماد فقط على الايرادات النفطية ولكن الاهتمام بالإيرادات الاخرى ولاسيما الايرادات الضريبية ،من خلال اصلاح النظام الضريبي وجهاز الاداري لكي يكون اكثر كفاءة وفعالية لتمويل العجز في الموازنة العامة بمصادر سيادية وكذلك وضع قوانين وتشريعات للمكلفين ومعاقبة المتهربين بدفع الضريبة.

3- متابعة ومراقبة التخصيصات الاستثمارية في الموازنة العامة للدولة من خلال وجود موظفين ذوي كفاءة في وضع التخصيصات ،اذ نلاحظ هناك فرق كبير بين المخصصات والمصروف الفعلي.

4- يجب ان يكون هناك رقابة على تطور حجم الدين الخارجي من خلال وضع معايير وضوابط لمتابعة المديونية الخارجية فضلا عن توفير احصائيات كاملة ودقيقة لاتجاهات الدين الخارجي لكي نتمكن التعامل معها.

5- يحتل الدين الخارجي اهمية كبيرة في النشاط الاقتصادي اذا تم توجيه نحو المشاريع الاستثمارية في البنى التحتية ولاسيما في مجال التعليم او الصحة التي نستطيع من خلال تحقيق المصلحة العامة والتنمية الاقتصادية.

6- على الحكومة رسم سياسة مالية جديدة بالتنسيق مع السياسة النقدية وتكون من ضمن اهدافها الرئيسة معالجة العجز في الموازنة العامة للدولة ،على النحو الذي يكبح الحاجة المستمر الى الاقتراض الخارجي على أن لا يسلب الموازنة العامة القيام بوظائفها الاساسية في مجال التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.

7- العمل على مكافحة الفساد المالي والاداري في المؤسسات الحكومية من خلال وضع استراتيجيات جديدة تؤخذ بنظر الاعتبار الواقع العملي وفرض عقوبات صارمة على جميع المفسدين بدون استثناء كمصادر اموالهم وسحب امتيازاتهم وغيرها.

 

 

 

 

 

 

 

Comments are disabled.