تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة اطروحة دكتوراه في تخصص الاقتصاد للطالب (حسين مهجر فرج )  بأشراف أ.د. عماد محمد علي العاني عن دراسته الموسومة ((الاستقرار الاقتصادي بين سياستي الانضباط المالي و التعقيم النقدي في العراق )).

يبحث هذا البحث في استعراض مدى تحقق الاستقرار الاقتصادي في العراق، الذي يعاني من اختلالات واسعة أبرزها اختلال البنية التحتية للقطاعات الاقتصادية المختلفة من زراعة وصناعة وصحة وتعليم وغيرها الأمر الذي اثر سلبيا على الإنتاج الكلي ،وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي في القطاعات غير النفطية،  إذ أن الاقتصاد العراقي اقتصاد ريعي أحادي الجانب يعتمد على النفط بشكل شبه كامل في تمويل الموازنة العامة للدولة وهو ما يعكس حالة المرض الهولندي التي يعاني منها العراق ، فأدى ذلك إلى انتشار البطالة بشكل كبير اذ أن قطاع النفط لا يستقطب أيدي عاملة كبيرة ، وكذلك حدوث ارتفاع في المستوى العام للأسعار نتيجة عدم التناسق بين الكتلة النقدية والقطاع الحقيقي (السلعي) الناجم عن عدم مرونة الجهاز الإنتاجي في العراق .

تتمثل مشكلة البحث في ان الاقتصاد العراقي يفتقر إلى عدم وجود تنسيق عالٍ بين كلٍ من سياستي الانضباط المالي والتعقيم النقدي اذ أن افتقار السياسة المالية في العراق إلى انضباط مالي وأنفاق عقلاني (rational) رشيد لأموال الثروة النفطية الناضبة من خلال تزايد الالتزامات (obligations) الملقاة على عاتق السياسة المالية في أوقات الوفرة المالية مما يعمل على التأثير سلبا على وضع الحكومة المالي في أوقات العسرة المالية (Financial hardship).

تستمد أهمية البحث من أن تحقيق الاستقرار الاقتصادي (economic stability)يؤدي الى تجنب حدوث ارتفاع كبير في المستوى العام للأسعار عن طريق تخفيض معدلات التضخم أو على الأقل المحافظة على مستوياته عند معدلات معينة، كذلك يؤدي إلى تحقيق معدلات تشغيل مرتفعة عند مستوى الناتج المحلي الإجمالي الممكن، وان تحقيق هذا الاستقرار مرهون بعدة سياسات اقتصادية تمثل مجموعة متكاملة، فسياسة الانضباط المالي أصبحت ضرورة ملحه للدول النامية ولاسيما العراق وذلك لان الانضباط يعني أن تكون الحكومة قادرة على الحفاظ على سياساتها المالية بشكل واضح ومتناسق وفق قواعد معينة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي خلال الدورات الاقتصادية ليس للأجل القصير فحسب بل للأجل الطويل أيضا، لكن يجب أن يقترن مع سياسة التعقيم النقدي لحالات الإنفاق غير المرجوة على الاقتصاد العراقي والتي عن طريقها يعمل البنك المركزي على الحد من اثر التدفقات النقدية الداخلة والخارجة على عرض النقد للحد من اثر السياسة المالية حتى يتم تحقيق مستويات طموحة (Ambitious levels) من الاستقرار الاقتصادي، وعليه فأن البحث يستند على تعقيم السياسة النقدية لآثار السياسة المالية حصرا وليس على تعقيم الآثار الناجمة عن الصدمات أيّاً كان نوعها أو مصدرها.

ينقسم البحث إلى عدة فصول، الفصل الأول (Chapter I)سيشمل منهجية البحث والدراسات السابقة حيث سيتكون من مبحثين رئيسين الأول سيخصص لمنهجية البحث العلمي المعتمدة والمبحث الثاني سيشمل دراسات سابقة تخص الموضوع باللغة العربية واللغة الانكليزية.

سيشمل الفصل الثاني (Chapter II)ثلاثة مباحث اذ سيختص الأول بالجانب التعريفي للاستقرار الاقتصادي والنظريات الخاصة والمفسرة له و المبحث الثاني للجانب النظري للانضباط المالي وما هي الحاجة له والقواعد الدولية الخاصة بالانضباط المالي، وأخيرا سيخصص المبحث الثالث لسياسة التعقيم النقدي المتبعة من قبل البنك المركزي .

سيخصص الفصل الثالث (Chapter III) إلى تحليل التناغم بين سياسة الانضباط المالي وسياسة التعقيم النقدي وقنوات عدم الاستقرار، حيث سيكون المبحث الأول لدراسة الآثار المتبادلة بين السياستين المالية والنقدية وتأثير السياسة النقدية على السياسة المالية وتأثير السياسة المالية على السياسة النقدية في حين سيخصص المبحث الثاني بدراسة قنوات عدم الاستقرار الاقتصادي.

يخصص الفصل الرابع(chapter IV )إلى دراسة تحليل سياسة الاستقرار الاقتصادي في العراق اذ سيقسم إلى عدة مباحث فالمبحث الأول يخصص لبحث اتجاهات كل من السياسة المالية والنقدية العراق، المبحث الثاني يختص بدراسة الاستقرار الاقتصادي في العراق.

يختص الفصل الخامس (Chapter V) بالآثار المتبادلة لسياستي الانضباط المالي والتعقيم النقدي وانعكاسها على الاستقرار الاقتصادي، المبحث الأول يختص بالانضباط المالي في العراق وانعكاسها على سياسة التعقيم النقدي في العراق في حين المبحث الثاني بسياسة التعقيم النقدي في العراق وانعكاسها على سياسة الانضباط المالي في العراق اما المبحث الثالث فيختص بالعلاقة بين الانضباط المالي والتعقيم النقدي والاستقرار الاقتصادي.

 

وتوصلت الدراسة الى مجموعة من الاستنتاجات اهمها :

  1. ان الاستنتاج الرئيس الذي تخلص إليه الدراسة هو وجود حالة من عدم الانضباط المالي ادى الى حدوث حالة عدم الاستقرار الاقتصاد العراقي وان محاولات البنك المركزي العراقي قد عملت بشكل جزئيا على الحد من الاثار السلبية للسياسة المالية التوسعية.
  2. يعتمد الاقتصاد العراقي بنحو كبير على الإيرادات النفطية في تمويل الإيرادات العامة مما يعكس حالة الريعية الاقتصادية اذ بلغت الإيرادات غير الضريبية خلال متوسط مدة الدراسة (97.5%) مقابل انخفاض نسبة مساهمة الإيرادات الضريبية الى (2.5%) وهي نسبة متدنية.
  3. عدم الاهتمام بأدوات السياسة النقدية (سعر اعادة الخصم ، نسبة الاحتياطي القانوني، عمليات السوق المفتوحة) بشكل كبير في الاقتصاد العراقي وانصباب التعقيم النقدي على (نافذة بيع العملة) وهي ذات صلة وثيقة بالسياسة المالية، اذ ان زيادة تصدير النفط وزيادة الإيرادات بالدولار تنقد إلى العملة المحلية عن طريق البنك المركزي مما يعمل على زيادة نسبة الاحتياطيات من العملة الأجنبية لدى البنك المركزي الذي يستخدمه للمحافظة على سعر صرف الدينار وتحقيق الاستقرار الاقتصادي .
  4. مزاحمة القطاع العام للقطاع الخاص وهو ما ينعكس سلبا على دور القطاع الخاص في عملية التنمية فعلى الرغم من أن الائتمان المقدم للقطاع الخاص يمثل نسبة اكبر من نضيره المقدم للقطاع العام(55.1%) مقابل (44.9%)،الا ان تلك الزيادة ليست بالمستوى المرغوب لقيادة القطاع الخاص للاقتصاد.

وفي ضوء الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة يوصي الباحث بالتوصيات الاتية :

  1. العمل على تحقيق المزيد من الانضباط المالي في السياسة المالية من اجل تقليل حالة عدم الاستقرار الاقتصادي وتخفيف سياسة التعقيم النقدي من قبل البنك المركزي وما يرافقها من تكاليف بتحملها الاقتصاد
  2. تنويع الاقتصاد العراقي وتطوير الزراعة والصناعة وتقليل الاعتماد على النفط في تمويل الإيرادات العامة وتوجيه الفائض من تلك الإيرادات الى مجالات استثمارية في البنى التحتية او صناديق ثروة سيادية او صناديق للتحوط.
  3. تفعيل ادوات السياسة النقدية مثل سعر اعادة الخصم وعمليات السوق المفتوحة ونسبة الاحتياطي القانوني وعدم الاعتماد على نافذة بيع العملة في عملية التعقيم النقدي.
  4. توسيع الائتمان المقدم إلى القطاع الخاص من اجل بناء قطاع خاص مؤهل لقيادة الاقتصاد وتقليل دور الدولة او القيام بحالات شراكة بين القطاع العام والخاص على المدى القصير والمتوسط تمهيدا لتهيئة القطاع الخاص للأداء دور اكبر في النشاط الاقتصادي .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

Comments are disabled.