الطالب: جبار كريم ثامر المشرف : أ.م. د. لورنس يحيى صالح
تمت في كلية الادارة والاقتصاد جامعة بغداد ، مناقشة رسالة ماجستير في تخصص الاقتصاد للطالب ( جبار كريم ثامر ) بأشراف أ.م. د. لورنس يحيى صالح عن رسالته الموسومة (تحليل العلاقة بين المرض الهولندي وهدر الموارد في الاقتصاد العراقي ).
إن اعتماد الاقتصاد العراقي على النفط (اقتصاد أحادي) ولاسيما بعد فترة السبعينات من القرن المنصرم, أدى إلى إصابته بالمرض الهولندي (Dutch disease) عبر الاختلال الاقتصادي (اختلال الهيكل الإنتاجي, واختلال هيكل الصادرات). وقد أدى ذلك إلى اختلال مؤسساتي (اختلال المتغير السياسي) عبر زيادة العوائد النفطية وكذلك اختلال ميزان المدفوعات واختلال الموازنة العامة للاقتصاد العراقي، مما أدى ذلك إلى هدر الموارد الاقتصادية المتوفرة أو المتاحة في العراق ولاسيما بعد عام 2003 عبر هدر الموارد المالية والطبيعية والبشرية فضلاً عن هدر حقوق الأجيال اللاحقة في الموارد الطبيعية والأصول البيئية وفي نهاية المطاف خسارة عقد التنمية الاقتصادية والنمو المفقر عبر الصدمات الخارجية وتدهور معدلات التبادل التجاري.
سيحاول الباحث في هذه الدراسة تحليل العلاقة التكاملية لمعرفة آثار ونتائج المرض الهولندي (Dutch disease) في الاقتصاد على القطاعات والموارد الاقتصادية الأخرى من خلال التعرف على مقدار الهدر الحاصل في عدم استغلال هذه القطاعات ومدى إمكانية الاستفادة منها لمعالجة الاختلالات التي أصبحت اليوم العبء الكبير على بنية الاقتصاد العراقي المهدد بشبح المديونية والبطالة ورهن الموارد الطبيعية لتغيرات الأسواق العالمية والتي ما في شك ستترك ظلالها على الأجيال الحالية واللاحقة.
تتمثل مشكلة البحث في شيوع وترسيخ ظاهرة المرض الهولندي واثر هذه الظاهرة في ضعف انتاجية القطاعات الاقتصادية الحقيقية والتي تركزت في اختلال الهيكل الإنتاجي واختلال هيكل الصادرات فضلاً عن الاختلال المؤسساتي, والتي أدت بدورها إلى هدر الموارد الاقتصادية في العراق بعد العام 2003.
تكمن أهمية البحث في تحديد الأسباب الأساسية التي أدت إلى إصابة الاقتصاد العراقي بالمرض الهولندي ومن ثم هدر الموارد الاقتصادية ومن ثم تقديم مقترحات موضوعية لعلاج مرحلي لتلك الأعراض (المرض الهولندي, وهدر الموارد).
وقد توصلت الدراسة الى مجموعة من الاستنتاجات اهمها :
- إن الاعتماد الاقتصاد العراقي على المورد النفطي كمصدر أساس في توفير الموارد المالية لإدارة البلد يؤشر وبشكل واضح إلى وقوع العراق تحت تأثير المرض الهولندي وبروز الدولة الريعية ذات الاقتصاد أحادي الجانب.
- تدني إنتاجية القطاعات الاقتصادية الأخرى، وتوقفها بشكل شبه تام، وانخفاض نسبة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي بالرغم من امتلاكها مقومات النهوض كونها قطاعات رائدة، إلا أن آثار المرض الهولندي جعلتها قطاعات متخلفة غير قادرة على المساهمة في الاقتصاد.
- اختلال هيكل الصادرات والواردات، إذ تمثل الصادرات النفطية الجزء الأكبر والتي بلغت نسبه تجاوزت 90% من إجمالي الصادرات المحلية مقابل واردات متنوعة وواسعة من السلع والخدمات، وهذا ما يؤشر ضعف القاعدة الإنتاجية والاتجاه الأحادي الجانب للصادرات النفطية.
- فشل إدارة الدولة في استغلال الإيراد النفطي في معالجة العديد من المشاكل الاقتصادية، ولعل من أبرزها البطالة، والفقر، وتدني التعليم، والصحة، وانتشار الجريمة، وهدر كبير في المال العام، وسوء الاستغلال الكفوء للثروة، إذ أنفقت الدولة منذ عام 2003 ولغاية 2016 ما يقارب من (700 مليون دولار) دون وجود أي تحسن وتطور في البنى التحتية وتنمية اقتصادية، بل على العكس من ذلك وجود تدني واضح في مؤشرات التنمية الاقتصادية.
ومن خلال الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة قدم الباحث عدد من التوصيات اهمها :
- نؤكد على ضرورة اعتماد العلاجات المُقترحة والتي من شأنها ان تُساهم في التخلص من الاحادية والريعية وهدر الموارد التي يُعاني منها الاقتصاد العراقي، ومن ثم بداية الطريق باتجاه التنمية.
- ضرورة العمل على تنويع القاعدة الإنتاجية لزيادة وتنويع مصادر الدخل الأخرى وزيادة التنافسية للقطاعات غير الريعية لتخفيف آثار وأبعاد المرض الهولندي.
- العمل على تبني اتجاه استثماري، وتوفير بيئة ملائمة لتطوير القطاعات الإنتاجية غير الاستخراجية لتساهم في رفع نسبتها في الناتج المحلي الإجمالي، وهذا يعتمد على استخدام الإيراد النفطي كدفعة قوية لتحقيق تنمية شاملة.
- إعادة النظر في رسم الموازنة العامة للدولة من حيث تمويلها وربطها بأسعار النفط العالمية بالاتجاه نحو زيادة مصادر الإيرادات الأخرى لاسيما الضرائب والرسوم مع رفع نسبة الإنفاق الاستثماري مقارنة بالإنفاق الجاري (الاستهلاكي).