شارك اساتذة الكلية من قسم المحاسبة كلا من أ.د. بشرى نجم عبدالله المشهداني ، الاستاذ الدكتور صفاء احمد محمد ، الدكتورة بشرى خضير و المدرس نجاة حميد ، في فعاليات الملتقى العلمي المحاسبي الاول الذي نظمته الجامعة المستنصرية تحت عنوان تطبيق المعايير الدولية لاعداد التقارير المالية بين الواقع والتحديات والافاق المستقبلية.
حيث شاركت الاستاذ الدكتورة بشرى المشهداني ببحث عنوانه متطلبات تطبيق معايير المحاسبة والإبلاغ المالي الدوليين IAS,IFRS
تماشياً مع التطورات التي شهدتها البيئة المحلية ما بعد سنة 2003 وإنسجاماً مع متطلبات فرضتها جهات دولية داعمة للعراق بإتجاه التغيير في كل المجالات فضلاً عن فلسفة التغيير التي تم تبنيها من قبل المجتمع المحاسبي الأكاديمي والمهني في السنوات الأخيرة , , فأن هناك جهود كبيرة تبذل من قبل المعنيين لتغيير أو ربما تعديل النموذج المحاسبي الحالي في العراق والمتمثل بالنظام المحاسبي الموحد , والتوجه نحو تبني إطار مفاهيم ومعايير المحاسبة والإبلاغ المالي الدوليين IAS,IFRS والتفسيرات التابعة لهما والصادرة عن مجلس معايير المحاسبة الدولي (IASB) , وفي هذا السياق وبحسب رؤيتنا المتواضعة للموضوع نرى بأن قرار التبني يستوجب توافر مجموعة من المتطلبات أهمها :
أولاً : إصدار قرار الموافقة من السلطات الحكومية بتغيير النموذج الإرشادي المحاسبي الحالي فــــي العراق ( النظام المحاسبي الموحد ) وإعتماد معايير المحاسبة الدولية ومعايير الإبلاغ المالي الدولية كبديل عنه , بحيث تكون تلك الموافقة مقرونة بالآتي :
- إنشاء مجلس مستقل متخصص في إصدار المعايير المحاسبية فقط يعرف باسم ” مجلس معايير المحاسبة المالية العراقي ” بدلاً من مجلس المعايير المحاسبية والرقابية في العراق, حيث ينجز مهامه الأساسية من خلال إستراتيجية الترجمة المقترحة لمكونات النموذج الإرشادي المحاسبي الدولي مع الاستفادة من التراجم العربية المتوفرة , فضلاً عن القواعد المحاسبية التي سبق إصدارها مــن المجلـس السابق والتي هي بحاجة إلى تحديث بما ينسجم مع الإصدارات والتعديلات الأخيرة للمجلس الدولي.
- يتعين تقســـيم IFRS/IAS في مجموعات متجانسة مع بعضها البعض, ويحدد على ضوء ذلك جدول زمني لتنفيذ الترجمة بحسب أهمية المعيار لظروف وواقع البيئة العراقية بكافة جوانبها , ويمكن في هذا المجال الاســتفادة من التقسيمات الواردة في مشــاريع التوافــق لبعض الدول العربية والتي أمتدت ما بين 6 – 4 سنوات كما حصل فــي الجزائر ويحصل حاليــاً في المملكة العربيــــة الســـعودية وجمهــورية مصر العربية على إعتبار إن تلك البلدان تتشابه إلى حد ما مع عوامل البيئة المحاسبية العراقية ويمكن أن يوفر الكثير من الجهد والوقت.
- تحديد الهيئات الدولية التي يمكن أن يستعين بها المجلس, لاسيما وأن العديد منها مستعدة لتقديم المساعدة والتمويل في هـذا الجانب مثل البنك الدولي ومنظمة التنمية والتعاون الاقتصادي , فعلى سـبيل المثال تحمل البنك الدولي تكاليف عملية تبني النظام المالي الجديد في الجزائر .
- الإشارة إلى وضع تفسيرات وإرشادات تطبيقية وإجراءات تفصيلية محددة للمعيار تكون ملزمة لكل من يطبق المعيار بهدف التبسيط وتوضيح كيفية تطبيق المعيار في البيئة العراقية , كذلك الإشارة إلى القوانين التي يجب أن تتوافق مع النموذج الإرشادي المحاسبي الجديد مثل قوانين الضرائب.
ثانياً : إصدار قانون من قبل السلطة التشريعية بإعتماد النموذج الإرشادي المحاسبي الجديد , يتضمن مواد تحدد الهدف من القانون ونطاق تطبيقه ( الوحدات الأقتصادية العراقية المشمولة بالتطبيق) والاطــار المفاهـــيمي ( بما في ذلك المفاهيم الأساسية وعناصر القوائم المالية ) وتنظيم المحاسبة والتغير في الطرق والتقديرات المحاسبية والقوائم المالية والأحكام الختامية ( أهمها تاريخ دخول القانون حيز التنفيذ ).
ثالثاً : إصدار نص تنفيذي من الجهة المسؤولة عن تطبيق النموذج الإرشادي الجديد الذي يشرح مواد القانون ويحدد كيفية تطبيقها, لاسيما المواد المتعلقة بتحديد كل من الأهداف والمفاهيم الأساسية والخصائص النوعية للمعلومات المحاسبية والمبادئ والفروض الاساسية التي تشكل المرجعية فــــي إصدار المعايير المحاسبية وتسهل تفسيرها . إن عبء هذه المرحلة هو الأكبر لانه يتضمن جميع الجهود التي توفر مستلزمات تطبيق النظام الجديد في البيئة العراقية والتي تتطلب تنسيق العمل مع الجهات الحكومية والمؤسسات التعليمية والوحدات الأقتصادية العراقية المشمولة بتنفيذ هذا التشريع .
رابعاً : البدء في تطبيق النموذج الإرشادي المحاسبي الجديد وفقاً لمتطلبات IFRS 1 , ومراقبة التنفيذ من قبل احدى لجان مجلس المعايير والأستمرار في متابعة المستجدات الجديدة على الصعيد الدولي والعمل على تكييفها وإدخالها في النموذج الجديد وبما يحسن نوعية المعلومات المطلوبة من قبل المستفيدين.
وركزت هذه الورقة على الجانب الفني للمتطلبات والذي يمكن تقسيمه إلى عدة محاور وكما يأتي :
المحور الأول : ويرتبط بإنشاء مجلس معايير المحاسبة المالية العراقي IFASB , وبإشـراف مباشر مـن قبل السـلطة التشريعية , بحيث يكون هــذا المجلـس غير تابع لأي تنظـــيم مهني بما يوفر له إستقلاليـة أكبر من الوضع الحالي , كما يقترح الباحثان تشكيل لجان فرعية للمجلس ومنها لجنة لتفسير المعايير المحاسبية , ولجنة للعلاقات الدولية . هذا وتتمثل إجراءات المجلس التنفيذية الخاصة بإصدار كل معيار بالآتي :
- تتولى اللجنة الفنية في المجلس بدراسة المعيار الدولي وما يرتبط به من تفسيرات للنظـر فـي إمكانية تطبيقه كما صدر أو ضـرورة إجـراء أي تعديـلات عليه بســبب متطلبات الأنظمــة أوالتعليمات المحلية العراقية.
- تقوم اللجنة الفنية بعد المناقشة بصياغة الاضافات أو التعديلات الضرورية على المعيار .
- مناقشة ما يرد من ملاحظات من العـــامة وتعديل ما يلـــزم لإعتمــاد المعيار للتطــبيق في العـراق , إن ما سبق من خطوات يتطلب تنفيذها إنشاء موقع الكتروني على شبكة المعلومات الدوليـة , ويمكن أن يصمم الموقع على ضوء المواقع الالكترونــية لمجالـــس المعايير للدول الأخرى , بحيث يتضمن جمــيع المعلومات التي تتصل بالمجلس الجديـد ويتيح حرية الوصول إلى المعلومات عن المعايير وإمكانية التواصل مع المجلس , كما يتطلب الأمر توفير التمويل اللازم لديمومة أعمال المجلس , ويمكن في هذا الخصوص الاعتماد على مصادر تمويل متعددة من بينها رسوم إلزامية على مكاتب المحاسبة والتدقيق والهبات والتبرعات من الغير لصالح المجلس والمدخولات المتأتية من ما يتم ونشرات مع حصيلة ما يتولد عن الدورات التدريبية التي يقيمها المجلس فضلاً عن مشاركة الحكومة في التمويل .
المحور الثاني : ويتطلب التوافق بين النموذج المحاسبي الجديد والنظام الضريبي , حيث تختلف القوانين المحددة للقواعد الضريبية العراقية عن مفاهيم وقواعد النموذج الإرشادي الجديد الذي يتوافق مع IFRS/IAS من حيث الأهداف , حيث تسعى القواعد الضريبية إلى تعظيم الايرادات الضريبية فضلاً عن تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية للدولة , في حين يسعى النموذج المحاسبي الجديد إلى تحسين الشفافية والمصداقية في القوائم المالية . ومع ذلك , فان تبني النموذج الإرشادي المحاسبي الدولي سينجم عنه آثار جانبية خاصة منها التي تعتمد على الجوانب المحاسبية أو لها علاقة بالمحاسبة كمجال الضريـبة , فاستخلاص النتيجة الضريبية من النتائج المحاسبية للقوائم المالية بعد إعادة معالجة خاصة حسب قانون الضريبة العراقي , يجعل من أي تعديل في النتيجة المحاســبية يؤدي بالضرورة إلى التأثير على النتيجة الضريبية , ويمكــــن تبويب الآليـــات المعتمــدة مـن قبل الــدول التي تبنت IFRS/IAS في معالجة الأختلافات بين القواعد الضريبـية وقواعـد النموذج المحاسبي الجديد في ثلاث آليات ممكنة هي الآتي:
- تعديل القواعد الضريبية وتكييفها مع النموذج الإرشادي المحاسبي الجديد شريطة أن لا يعمل هذا التكييف على تقليل الوعاء الضريبي .
- تغيــير المعالجــات المحاســبية بطريقة تســمح بالحفــاظ على الخصائص النوعــية للمعلومـــات المحاسبية وبما ينسجم مع نصوص القواعد الضريبية.
- السماح للشركات بمسك محاسبة بموجب قواعد النظام الجديد وأخرى بحسب القواعد الضريبية , ويقترح الباحثان باعتماد الخيار الأول , حيث يمكن إدخال نصوص تنظيمية في إطار تكييف القواعد الضريبية في العراق مع النظام المحاسبي الجديد شرط أن لا يؤثر سلباً على الايرادات الضريبية وفي هذا الوقت بالذات.
المحور الثالث : ويرتبط بالتعليم المحاسبي والتأهيل المهني , حيث يتبع التعليم المحاسبي في العراق طبيعة المحاسبة كتقنية ووسيلة للاثبات , ولكن مع تبني النموذج الإرشادي الدولي تتغير طبيعة المحاسبة وأهدافها , حيث تصبح أداة مفيدة لإتخاذ القرارات لمستخدمي المعلومة المالية . فهناك مبادئ وقواعد تسجيل وتقييم جديدة وفق إطار مفاهيمي يستجيب للجوهر الإقتصادي للمعاملات بطريقة واقعية , وبالتالي تتطلب هذه التغيرات من الجامعات العراقية والمعاهد المتخصصة في مجال تعليم المحاسبة أن تتكيف مع المستجدات الدولية في هذا الخصوص .
المحور الرابع : ويرتبط بتصنيف الوحدات الاقتصادية العراقية , فعلى الرغم من أن IASB يؤمن بأن أهداف القوائم المالية المحددة في إطاره المفاهيمي مناسبة للوحدات الصغيرة والمتوسطة الحجم كما هو بالنسبة للوحـدات التي تطبق كامل IFRS/IAS وأن هدف المحاسبة في توفير المعلومـــات المفيــدة حـــول الأداء والمركز المالــي والتغيرات فيــه تهم شريحــة واسعة من المستخدمين لهذه المعلومات في إتخاذ القرارات الاقتصادية بغض النظر عن حجــم الوحدة , فان IASB وجــه جهــــوده بأتجاه إصــــدار معايير محاسبية عالمــــية في العــام 2009 تناسب الوحدات الصغيرة والمتوسطة الحجم وهي معايير ذات جودة عاليـة , لا سيما وأن IFRS/IAS الشاملة قد صممت للوحدات التي تتداول أوراقها المالية في الأسواق المالية , ومـن هنا جاءت هذه المعايير موسعة ومعقدة في مجال القياس والافصاح , وعليه فقد قـــرر المجلــس تحديــد الاخـتلاف بين IFRS/IAS والمعيــار الخاص بالوحــــدات الصغيرة والمتوســــطة عــن طريــق تحديــد طبيــعة ودرجـة الاختلاف على أساس حاجة المستخدمين وتحليل الكلفة والمنفعة . إن دخـــول النمـوذج الإرشادي الجديد حيز التنفــيذ سيكون لـه آثار على الوحدات الأقتصــادية العراقــية , بعدّها المعنية بتطبيقه وسوف يؤدي إلى تغيير في الممارسـة المحاسبية والتأثير في الوظيفة المالية والمحاسبية فـي تلك الوحدات مـن ناحية , وسـوف يجلب المزيد مــن الشــفافيـة والموثوقية في حساباتها من ناحية أخرى . ورغـم المزايا التي يحققها تطبــيق النموذج الجديد إلا إن الزيادة في حجــم المعلومات قـيد الأتصال للجهات المستفـيدة تمثل كلفة بالنسبة للوحدة في إطار المتطلبات الجديـــدة التي تفرضها IFRS/IAS من خلال نماذج القوائم المالية ونوعية المعلومات الواجب الأفصاح عنها , ولغرض مواجهة تحديـــات عملـــية التغيــير , فان الوحدات الاقتصاديـــة العراقـــية يمكن أن تخضع للتصنيف بحســـب عدة معايير مثل عدد العاملين أو الايرادات الكليــة أوحجم الأستثمار وغيرها من المؤشرات لغرض مراعـاة قدرة وخصائص كل وحـدة على الوفـاء بمتطلبات النموذج الجديد.