نظم قسم الادارة العامة ندوة عن تاثير المخدرات على الشباب وخصوصا الفئة الجامعية قدمها ا.د. نسرين جاسم رئيس القسم و المدرس امال نوري و المدرس المساعد اسرار عبد الزهرة ، حيث تمارس المخدرات دورا كبيرا جدا في دفع الإنسان إلى ارتكاب مختلف الجرائم , إذ إنها تؤثر على الجهاز العصبي والحسي للإنسان فتفقده السيطرة على نفسه عندما يحتاج إلى جرعة المخدر , إذ يكون في نفسية مضطربة تماما فيكون مستعدا لارتكاب أية جريمة من اجل الحصول على هذه الجرعة , لكي يتخلص من الآلام الجسدية والنفسية التي يتركها عدم حصوله على المخدر اللازم لتهدئته , هذا من جانب ومن جانب آخر إن المدمن قد يرتكب الجريمة وهو في حالة التأثر بالمخدر إذ إن المخدرات تضعف تمييز الشخص وإدراكه للأمور وحكمه عليها , وبالتالي قد يرتكب الجريمة من حيث لا يعلم كارتكاب جريمة الدعارة أو الزنا أو اللواط , وسواء أكان هذا الأمر بالنسبة للرجال أو النساء.

بل إن أغلب الجرائم الإرهابية – كالتفجيرات الانتحارية – ترتكب تحت تأثير المخدرات التي تعطى لأولئك الانتحاريين , ولا أكون مبالغا عندما أقول بأن للإرهاب سببا مهما – بالإضافة إلى أسباب أخرى – ألا وهو الإدمان على المخدرات.

للمخدرات دور كبير جدا في تكوين الشخصية الإجرامية لإنسان معين , وذلك لأنها تأثر على الجهاز العصبي بالحديد وبالتالي تنعكس على تصرفات الإنسان المدمن أو المتعاطي للمخدرات حيث تحدث خللا في تكوينه النفسي أو لعقلي وتدفعه نتيجة لذلك إلى ارتكاب الجرائم المختلفة , سواء أكانت تلك الجرائم الماسة بالأشخاص أو الأموال كالقتل أو الضرب أو الجرح أو السرقة أو الاختلاس أو الرشوة أو التعذيب , أو الجرائم الأخلاقية كجرائم الاغتصاب الجنسي أو اللواطة أو هتك العرض , مع ملاحظة إن اغلب مدمني المخدرات ومتعاطيها يرتكبون الجرائم الأخلاقية لفقدانهم السيطرة على غرائزهم وبالتالي يضعف دور العقل في السيطرة على الغرائز وبالخصوص الغريزة الجنسية.

وفيما يتعلق بالأسباب التي تؤدي إلى الإدمان على المخدرات أو تعاطيها فهي مختلفة باختلاف دور تلك الأسباب وأهميتها بالنسبة للمدمن أو المتعاطي للمخدرات , فقد تكون التربية اللاخلاقية التي تلقاها المدمن في صغره من أبويه هي الدافع إلى ذلك , أو قد تكون البيئة المدرسية عن طريق أصدقاء السوء , أو بيئة العمل حيث إن ظروف العمل وساعاته الطويلة مثلا أو سوء الإدارة وضغطها على الموظفين قد تدفع بعضهم أيضا إلى الإدمان على المخدرات أو تعاطيها للخروج من الضغط النفسي المتأتي من ذلك , لا بل قد تؤثر المشاكل الزوجية في كثير من الأحيان إلى إدمان الابن أو تعاطيه المخدرات من خلال محاولته الخروج من الجو المشحون الذي يعيشه مع أبويه المتخاصمين دوما.

أما بالنسبة إلى أنواع المخدرات فهي تنقسم إلى المخدرات النباتية والمخدرات الصناعية أو الكيماوية ( أو كما تسمى في بعض قوانين المخدرات العربية بالسلائف ) , ويلاحظ أيضا بأن المخدرات يمكن أن يكون استخدامها مشروعا كما في حلة الوصفة الطبية اللازمة لمعالجة مريض معين .
ومن جانب آخر يلاحظ بان للمخدرات تأثير كبير في تكوين النفسية الإجرامية من خلال التأثير على الجهاز العصبي وكذلك على نفسية المدمن وبالتالي تكوين نفسية إجرامية من خلال الإدمان على المخدرات وتعاطيها , ويلاحظ هنا أيضا بان الإدمان عل المخدرات لا يقتصر تأثيره فقط على الصفة الجرمية لفعل المدمن بل تمتد إلى الآثار الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأخلاقية والأدبية بالإضافة إلى الآثار الدينية , وتنعكس هذه الآثار سلبا على المجتمع.

وفيما يتعلق بمشكلة الموضوع فتتمثل بالوسائل اللازمة لمكافحة المخدرات , حيث من الواضح أن الوسائل الوقائية هي خير من الوسائل العلاجية , لكن عندما يتم الإدمان على المخدرات أو تعاطيها ففي هذه الحالة يجب البحث عن العلاج لان المحذور قد وقع وهو الإدمان على المخدرات , وتتمثل الوسائل الوقائية بوجوب تقوية رابطة الشخص بأسرته وبمجتمعه وبالتالي بوطنه وتعزيز ثقة ذلك الشخص بنفسه , بالإضافة إلى تقوية الروادع الدينية بالنسبة له حتى يمكـن توقــــي الــوقــــوع في ( وحل ) الجريمة عن طريق المخدرات المحظورة قانونا , أما إذا لم تنفع كل تلك الوسائل في منع بعض الأشخاص من تعاطي المخدرات ففي هذه الحالة يجب تحريك الوسائل العلاجية والمتمثلة بالوسائل الأمنية والمتجسدة في إنشاء إدارات مكافحة المخدرات في مختلف الدول بالإضافة إلى الشرطة الجنائية الدولية ( الانتربول ) , وكذلك القانون بوصفه الوسيلة العلاجية التي تتعامل مع مخالفي قواعده , وبالإضافة إلى هذه الوسائل الداخلية لمكافحة المخدرات هناك أيضا الوسائل الدولية والمتمثلة بالاتفاقيات الدولية الخاصة بذلك مثل اتفاقية مكافحة الاتجار غيـــر المشــــروع بالمخــدرات لسنة 1988.

ومن بين أهم الأسباب التي تؤدي إلى تعاطي المخدرات أو الإدمان عليها تأتي البيئة الأسرية أو المدرسية أو أصدقاء السوء أو ظروف العمل أو دور المجتمع عموما أو غير ذلك من الأسباب.

ويلاحظ بشأن أنواع المخدرات بأنها يمكن أن تنقسم إلى مخدرات نباتية أصلها الطبيعة من خلال النباتات , أو من الممكن أن تكون تلك المخدرات كيمياوية إذ تدخل النباتات في صناعتها أو تكون كيمياوية بدون تدخل النباتات . وتظهر مشكلة الموضوع أيضا من خلال الكيفية التي يمكن من خلالها إعادة المدمن إلى حظيرة المجتمع كإنسان عادي غير مريض جسديا أو نفسيا بفعل المخدرات , وهذا لا يتأتى إلا من خلال تفهم وضعيته ونفسيته ومحاولة التخلص من كل الآثار التي تتركها المخدرات عليه , سواء أكانت الجسدية أو النفسية من خلال طرق المعالجة الطبية والترفيهية ومحاولة القضاء على الأسباب إلي أدت إلى تعاطيه المخدرات أو إدمانه عليها , وهذه المشكلة يجب على المسؤولين أخذها بعين الاعتبار والرعاية والاهتمام حتى يمكن تخليص المدمن من المخدرات وآثارها السلبية.

هناك مجموعة من الأسباب التي ترجع إلى الفرد خصوصا وتشكل عاملا مهما في دفعه إلى تعاطي المخدرات أو الإدمان ( الاعتماد ) عليها ، ويمكن إجمال هذه الأسباب بما يأتي :

أولا / عدم التقيد بالحدود الدينية.
ثانيا / زيادة القدرة المالية للفرد.
ثالثا / التقليد.
رابعا / السلوك المنحرف لبعض الأفراد.
خامسا / انخفاض مستوى التعليم.

التوصيات :

1- دعوة المشرع العراقي في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 إلى التشدد في عقوبة جرائم السكر الواردة في المواد ( 386 – 388 ) , لان المسكرات هي من أنواع المخدرات والتي لا تقل في آثارها السلبية والمدمرة عن تلك الآثار التي تحدثها المخدرات الواردة في فانون المخدرات العراقي رقم 68 لسن 1965 , وجعل تلك العقوبة هي الحبس بين مدتيه الدنيا والعليا أي بين مدة ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات.

2- اقترحنا على المشرع العراقي حذف عبارة ( المصحات ) الواردة في المادة ( الرابعة عشر/سابعا) من قانون المخدرات رقم (68) لسنة 1965 المعدل لان هذه العبارة تجيز للقاضي وضع المدمن في إحدى المصحات العقلية أو النفسية وهذا ما لا يؤدي إلى تحقيق أهداف العلاج , والاقتصار على عبارة ( الأماكن الصحية التي تخصصها الوزارة لهذا الغرض ليعالج فيها ) أو عبارة (احد المصحات التي تنشأ لهذا الغرض ) خصوصا وان العبارة الأخيرة واردة في المادة ( 386 / 2 ) من قانون العقوبات العراقي وبالتالي يكون من الأفضل قانونا توحيد هذا الأمر بالنسبة لمعالجة المدمنون سواء على السكر أو المخدرات.

3- ندعو المشرع العراقي في قانون المخدرات إلى إتباع ما ذهب إليه المشرع اللبناني في المادتين ( 182 , 183 ) من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف رقم (673) لسنة 1998 , والمشرع السوري في المادة ( 44) من قانون المخدرات رقم (2) لسنة 1993 , وذلك فيما يتعلق بتنظيم الوضع القانوني لمن تقدم اختيارا وبرغبته الشخصية بطلب إلى المصحات الخاصة بمعالجة مدمني المخدرات أو المسكرات لكي يعالج فيها , بالإضافة إلى مراعاة السرية عند دخول المدمنين إلى تلك المصحات الخاصة بمعالجتهم سواء أكان هؤلاء المدمنون متهمون بارتكاب الجرائم أو محكوم عليهم و من المتقدمين طوعا واختيارا بطلباتهم لغرض المعالجة في تلك المصحات . وعند ذلك يمكن للمعالجة الطبية في تلك المصحات الخاصة بالمدمنين أن تحقق أغراضها في شفاء المدمن وتحسن حالته الصحية ومن ثم عودته إلى المجتمع إنسانا معافى من آثار المخدرات وصالحا لخدمة أسرته ومجتمعه.

 

 

Comments are disabled.