الطالب: سيف علي يحيى   المشرف : أ. د. صلاح مهدي عباس

تمت في كلية الادارة والاقتصاد جامعة بغداد ، مناقشة رسالة ماجستير في تخصص الاقتصاد  للطالب (سيف علي يحيى ) بأشراف أ.د. صلاح مهدي عباس ، عن رسالته الموسومة (تأثير تمويل الإنفاق العام في تحديد عرض النقد في العراق).

يُعد الإنفاق العام من الموضوعات المهمة في اقتصاديات الدول النامية والمتقدمة على حدً سواء، ومن ثم فهو أحد أهم أدوات السياسة المالية ذات التأثير الكبير على النشاط الاقتصادي. وبطبيعة الحال إن تزايد حجم النفقات العامة مقابل انخفاض في الإيرادات العامة تعكس حالة من عدم التوازن في الموازنة العامة، مما يتطلب هذا الموقف مصادر لازمة لتغطيتهُ، ومن ثم سيترتب على ذلك تبعات كبيرة على النشاط الاقتصادي أهمها على السياسة النقدية بشكلً عام وعلى عرض النقود بشكلٌ خاص.

وفي الاقتصاد العراقي يُعد الإنفاق العام العنصر الأكثر أهمية وفاعلية في خلق ما يسمى بالدفعة القوية في النشاط الاقتصادي، إذ يُعد المحرك الرئيسِ للنشاط الاقتصادي في البلد، وبالتالي فهو يمثل الجزء الأكبر من حجم السيولة المحلية في الاقتصاد.

و تكمن مشكلة الدراسة في ما مر به العراق من ظروف أمنية واقتصادية وسياسية صعبة جداً منذ تسعينات القرن الماضي ولحد الآن، فتكاثرت المتغيرات الاقتصادية وأصبحت واحدة تؤثر على الأخرى سواء باتجاه واحد أو باتجاهين، ومن هذه المتغيرات الاقتصادية هي النفقات العامة المتضخمة بشكلٌ كبير جداً، مما ترتب على هذه الأخيرة تنفيذ آليات عدة لتمويلها، وهذه الآليات أصبحت لها تداعيات أو تأثيرات كبيرة على السياسة النقدية بشكل عام وعرض النقد بشكل خاص، ومن خلال هذا المنطلق تركزت مشكلة الدراسة في مدى قدرة الإنفاق العام وآليات تمويله في التأثير على متغير عرض النقد الواسع MS2 في العراق .

وتنبع أهمية الدراسة من الدور الذي يمكن أن يلعبهُ الإنفاق العام وآليات تمويله في التأثير على المعروض النقدي في العراق، ولهذا تحاول الدراسة تسليط الضوء على هذا الدور، وإعطاء رؤية واضحة للاقتصاد العراقي .

وتهدف الدراسة الى قياس وتحليل العلاقة القصيرة والطويلة الأجل بين الإنفاق العام وآليات تمويله وعرض النقد الواسع في الاقتصاد العراقي، وإيجاد أفضل السياسات الاقتصادية للحد من الآثار السلبية التي يتركها فائض العرض النقدي على الاقتصاد بفعل عامل الإنفاق العام، إذ يُعد الأخير كأداة رئيسة من أدوات السياسة المالية، وهو المحرك الأساسِ للاقتصاد .

وقد توصلت الدراسة الى مجموعة من الاستنتاجات اهمها :

  1. إن السياسة النقدية الممثلة بالبنك المركزي تكون ذات فعالية في التأثير على عرض النقد عندما يكون الأخير متغيراً خارجياً ومستقل عن طلبه. والعكس من ذلك تكون السياسة النقدية فاقدة للفعالية عندما يكون عرض النقد متغيراً داخلياً وغير مستقل عن طلبه .
  2. إعتماد الاقتصاد العراقي بشكل كبير على الإيرادات النفطية، إذ شكلت الأخيرة النسبة العظمى في تغذية الإيرادات العامة مقارنةً بما غذتهُ الإيرادات الضريبية والإيرادات الأخرى طيلة مدة الدراسة، إذ بلغ متوسط نسبة مساهمة الإيرادات النفطية (66.6%) من الإيرادات العامة، في حين بلغ متوسط نسبة مساهمة الإيرادات الضريبية والإيرادات الأخرى (10.8%)،(22.5%) من الإيرادات العامة على التوالي، وهذه الحقيقة تكشف لنا بلا شك بأن الإيرادات النفطية هي الأساس في تمويل النفقات العامة، لذا فهي تُعد محور ديناميكية النشاط الاقتصادي .
  3. أغلب النفقات العامة في الاقتصاد العراقي هي نفقات جارية مقابل انخفاض كبير في النفقات الاستثمارية طيلة مدة الدراسة، إذ بلغ متوسط نسبة مساهمة النفقات الجارية ما يقارب (76.4%) من إجمالي الإنفاق العام، في حين بلغ متوسط نسبة مساهمة النفقات الاستثمارية (19.5%)، وهذا بطبيعة الحال يعكس الاختلال الكبير في هيكل الاقتصاد العراقي، بمعنى إن الطاقة الإنتاجية الاستيعابية لِاستيعاب تلك النفقات تكاد تكون شبه معدومة .

ومن خلال الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة قدم الباحث عدد من التوصيات اهمها :

  1. ضرورة البحث عن مصادر أخرى لتغذية الإيرادات العامة بسبب إن الإيرادات النفطية معرضةً للتغيرات التي تشهدها الأسواق الدولية الأمر الذي يجعل إيراداتها متذبذبة وقلقة، وهذا ما ينعكس سلبياً على نفقاتها، وخير دليل على ذلك عندما حدثت الأزمة العالمية انخفضت الإيرادات النفطية بفعل انخفاض أسعارها مما أدت إلى انخفاض الإيرادات العامة كما في العام 2009، ولهذا بات من الضروري جداً التركيز على المصادر التي تتصف بالثبات والاستقرار النسبي لضمان استقرارية الإنفاق العام، وذلك من خلال إصلاح النظام الضريبي وتحسين طرائق تحصيل وجباية الضرائب وإمكانية فرض أوعية ضريبية جديدة فضلاً عن تفعيل التعريفة الكمركية بشكلٌ جاد .
  2. إِعادة هندسة الإنفاق الجاري وتحقيق توفير سنوي لا يقل عن (10%) في الموازنة الجارية، فهناك وظائف وهمية وهناك رواتب متضخمة جداً وهناك إعفاءات ضريبية غير مسوغة في المرتبات الكبيرة والكثير من النفقات غير المسوغة، ولهذا ينبغي إعادة كلفة الإنفاق الجاري بالتدريج والتوجه لصالح النفقات الاستثمارية لمعالجة هذا الاختلال .
  3. التأكيد على تحقيق الانضباط المالي للإنفاق العام، وتوجيه الإنفاق بالشكل الصحيح، فضلاً عن محاربة الفساد الذي يحصل في مؤسسات الدولة والهدر المالي .
  4. تقليل الاعتماد على الديون الخارجية والاقتصاد العراقي أساساً مثقل بالديون الخارجية التي تقدر ﺑ (6822) مليار دولار، فضلاً عن الشروط الصارمة على هذه القروض .

 

Comments are disabled.