تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة بحث الدبلوم العالي في تخصص التخطيط الاستراتيجي للطالب ( احمد جبار جلعوط ) بأشراف أ.م. عالية جواد محمد علي ، عن بحثه الموسوم ( تقييم الرقابة الاستراتيجية في وزارة الداخلية العراقية – دراسة حالة ).

أن العمل الامني له من الخصوصية ما يميزه عن بقية الاعمال التي تمارسها بقية المنظمات فهو يواجه الكثير من التحديات التي تجعل من القيام بذلك العمل أمراً صعباً يحتاج الى الكثير من العناية والرعاية في وضع الخطط ولاسيما الخطط الاستراتيجية منها، فيتم تخصيص الموازنات والامكانات الكبيرة والموارد البشرية الضخمة التي تشكل عبئا كبيرا على الادارة العليا في التخطيط والتنفيذ كي تتمكن من تقديم الاداء الذي يتوافق مع  تلك الامكانات والموازنات، فكان لمكتب المفتش العام في وزارة الداخلية العراقية الحصة الاكبر من هذا الجهد الرقابي كونه الجهة الرقابية المتخصصة في مكافحة الفساد الاداري والمالي ولهذا السبب تم اختياره (كعينة للبحث)،فتعددت وتنوعت مديريات واقسام وشعب ووحدات مكتب المفتش العام وفق هيكل تنظيمي تم اعداده بالتشاور مع خبراء في مجال الرقابة من مختلف الدول كون مكتب المفتش العام بصورته التي رسمها الأمر (57) تجربة جديدة في النظام الاداري العراقي ولحداثة التجربة وضخامة التحديات التي واجهها المكتب من فساد وارهاب كانا حاضرين بقوة كون المكتب وكوارده ينتسبون الى وزارة أمنية فكانوا هدفاً للجماعات الارهابية ومن جهة اخرى مواجهته للتحدي الاكبر والمتمثل في الفساد واللذين شكلاّ العائق الاكبر في تحقيق مهامه وواجباته، فقد تم تعديل الهيكل التنظيمي لأكثر من مرة ليتلائم مع تلك التطورات المتسارعة ولقلة الدعم المقدم لهذه المكاتب فلم تكن هذه التعديلات كافية لتطور المكتب ومنها اغفاله لدور الرقابة الاستراتيجية والتنظير لها والتوثيق لإجراءاتها والعمل بهذا النظام استنادا الى مفاهيمه الاصيلة اسوة بالمنظمات الاخرى، فمن خلال البحث سنلقي الضوء على نظام وممارسات الرقابة الاستراتيجية في مكتب المفتش العام لوزارة الداخلية العراقية  في محاولة لتقييم مدى فعالية هذا النظام في دعم الخطط الاستراتيجية لنفسه وللوزارة بأكملها وتقديم الاستنتاجات والتوصيات العامة التي من شأنها ان تدعم الرقابة الاستراتيجية في وزارة الداخلية العراقية.

يستمد البحث أهميته من أهمية الرقابة الاستراتيجية والتي تمثل المرحلة الاخيرة من عملية التخطيط الاستراتيجي والتي تتميز بالاستمرارية والمواكبة لجميع مراحله فضلا عن التغذية العكسية للبيانات والتي ستساهم في مساعدة الادارة العليا على التقييم السليم لأحدى ادواتها الرقابية والمتمثلة بالرقابة الاستراتيجية و ذلك من خلال معرفة مدى اسهامها في تحقيق الخطط الاستراتيجية المختارة قيد التنفيذ وقياس مدى النجاح المتحقق وتشخيص مواطن الخلل وتقديم الحلول كما وستسهم في تعريف كوادر المنظمة بتقديم التوضيح الكافي للعاملين فيها حول مفهوم الرقابة الاستراتيجية ومدى مساهمتها في تنفيذ الخطط الاستراتيجية الموضوعة.

يهدف البحث الى ما يأتي:

  • توضيح مفهوم الرقابة الاستراتيجية وماذا نعني به.
  • تقييم الرقابة الاستراتيجية في مكتب المفتش العام في وزارة الداخلية ومدى العمل بها و اسهامها في تحقيق الغرض من وجودها .
  • تقديم التوصيات الملائمة للإداريين في وزارة الداخلية والتي من شأنها المساهمة في معالجة كل مل يحول دون اجراء الرقابة الاستراتيجية بشكلها الامثل.

وقد توصلت الدراسة الى مجموعة من الاستنتاجات اهمها :

  • ان مفهوم التخطيط الاستراتيجي واضح وجلي لدى الادارة العليا الاّ ان الرقابة الاستراتيجية معمول بها من قبل الادارة دون وجود ما يوثق ذلك والدليل عدم وجود قسم مستقل للرقابة الاستراتيجية ضمن الهيكل التنظيمي لمكتب المفتش العام للوزارة تمارس الادارة العليا من خلاله تلك الادوار.
  • لا يمتلك كل العاملين الرؤية الواضحة بخصوص عمليات التخطيط والرقابة الاستراتيجية والتي ان وجدت ستسهم في تعجيل وتنظيم الممارسة السليمة للخطط الاستراتيجية ومن ثم القيام بأنشطة الرقابة الاستراتيجية على اتم وجه.
  • التداخل في المفاهيم بين مفهومي الرقابة بصورتها الاشمل والرقابة الاستراتيجية لدى العاملين في المكتب والوزارة عموماً، الامر الذي يمكن ان يقلل من فرص النجاح الذي المتحققة من خلال ممارسة الادارة العليا لدورها في الرقابة الاستراتيجية.
  • الهيكل التنظيمي بشكله الحالي كافٍ لتنفيذ مهام المكتب الاّ انه لا يلبي متطلبات الرقابة الاستراتيجية.

ومن خلال الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة قدم الباحث عدد من التوصيات :

  • الاهتمام بتوعية وتثقيف العاملين من خلال اقامة الدورات التخصصية التي تتولى توضيح مفاهيم الخطط الاستراتيجية والرقابة والعلاقة بينهما التي من شأنها تحقيق رؤية المنظمة عبر ممارسة فعلية للرقابة الاستراتيجية التي تشكل الاداة الفعالة في مراقبة التنفيذ الصحيح لتلك الخطط وفك التداخل بين مفهوم الرقابة الاستراتيجية وبقية انواع الرقابة الاخرى.
  • مما سبق ذكره ان الادارة العليا تعمل وفق مفهوم الرقابة الاستراتيجية الاّ ان تلك الممارسات ليست موثقة وانما نتيجة للخبرة المتراكمة للقيادات والتي اذا ما انتقلت الى مكان آخر سينخفض مستوى الاداء نتيجة لعدم اجراء الرقابة الاستراتيجية فيتطلب الامر توثيقا لتلك الاجراءات الممارسات الرقابية بغية ان تكون دليلاً ومرجعاً للإدارات المتتالية.
  • استحداث قسم للرقابة الاستراتيجية يتم تعيين مجموعة من الافراد المتخصصين والمستشارين والخبراء كأفراد المسح البيئي وافراد الرقابة التشغيلية الذين يزودون بالتقارير حول تطور تنفيذ الاستراتيجية يتولون مهمة تهيئة المعلومات والمتطلبات اللازمة والتي تساعد الادارة العليا على ممارسة الرقابة الاستراتيجية وتوفير الموارد اللازمة لذلك الغرض.
  • تطوير المعايير المستخدمة في تقييم استراتيجية المنظمة عبر تطوير انظمة الرقابة الاستراتيجية تتميز بالمرونة وتحديثها باستمرار بما يتوافق مع التغييرات البيئية الحاصلة.

 

Comments are disabled.