تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة بحث الدبلوم العالي في تخصص التخطيط الاستراتيجي للطالبة ( رنا صادق علي ) بأشراف أ.م.د. مها كامل جواد ، عن بحثها الموسوم (قياس فجوة تطبيق استراتيجية موارد المياه والأراضي في العراق SWLRI – دراسة حالة في وزارة الموارد المائية).

تعاني السياسات المائية في العراق من اضطرابات وضغوطات عديدة وتأثيرات خارجية مع الدول المتشاطئة لحوضي نهري دجلة والفرات، وعدم أستقرار الأوضاع المحلية والأقليمية والدولية مما يؤثر سلباً على أهداف التنمية المستدامة بشكل عام، وعلى أنشطة وإدارة القطاع المائي وتأمين الأحتياجات المائية لمختلف القطاعات الحيوية للبلد بشكل خاص.

أن أهمية الموارد المائية تستلزم عدداً من المتطلبات في مقدمتها دعم وتأطير السياسات المائية من خلال إستراتيجية تتناغم مع الأوضاع الراهنة، ومن خلال عمل الباحثة في وزارة الموارد المائية وهي الجهة المسؤولة عن إدارة الملف المائي العراقي داخل وخارج العراق ولإمتلاك الوزارة إستراتيجية طويلة الأمد لموارد المياه والاراضي في العراق للمدة من عام 2015 لغاية عام 2035 وعلى خمس مراحل زمنية، وعمل على أعدادها فريق متخصص من إستشاريين فنيين عراقيين وأجانب بمساندة مراكز ومختبرات عالمية منذ عام 2011 وأنجزت عام 2014، لكن لوحظ عدم أحتساب وبيان مدى تطبيق المرحلة الاولى من هذه الإستراتيجية SWLRI بعد أنتهاء المدة الزمنية المخططة للأنجاز وهنا تكمن مشكلة البحث، ويعد هذا أمراً ضرورياً لمعرفة نسب أنجاز هذه المرحلة من الإستراتيجية.

وتبرز أهمية إستراتيجية إدارة الموارد المائية من خلال تحقيق أقصى أستفادة من الموارد المتاحة وهذه الإدارة يجب ان تكون متكاملة في حزمة واحدة من الممارسات التي تتضمن الري، وأستغلال مياه الامطار، والتحكم بمياه الفيضان، ومجابهة حالات الجفاف، وان سياسة المياه تكون أكثر فاعلية أذا تم توجيه أدارتها مركزياً على صعيد التخطيط الاستراتيجي ولا مركزياً على صعيد التنفيذ. تكمن أهمية البحث للجهة المستفيدة المتمثلة بوزارة الموارد المائية من خلال معرفة مقدار الفجوة المتولدة لتطبيق الإستراتيجية للعمل على ردم وتجسير هذه الفجوة من خلال معرفة المعوقات (نقاط الضعف) التي أدت الى تولد هذه الفجوة، وتحديد أهم التوصيات (نقاط القوة) التي تساعد في وضع الحلول الملائمة لجعل الامور في نصابها ولتحقيق أقصى أستفادة ممكنة من الخطط الموضوعة لتحقيق أهداف هذه الإستراتيجية.

يهدف البحث الى عدة جوانب أهمها :
1) عرض موجز للفقرات الرئيسة للمرحلة الاولى من إستراتيجية موارد المياه والاراضي في العراق SWLRI.
2) بيان مدى تنفيذ المشاريع المحددة للمرحلة الاولى من الإستراتيجية SWLRI .
3) قياس مقدار فجوة تطبيق إستراتيجية موارد المياه والاراضي في العراق SWLRI.
4) معرفة الأسباب الرئيسة والفرعية التي تسببت بوجود فجوة في تطبيق الإستراتيجية SWLRI.
5) تقديم المقترحات اللازمة لتجسير الفجوة المتولدة نتيجة التلكؤ في تطبيق الخطة الموضوعة.

وقد توصلت الدراسة الى مجموعة من الاستنتاجات اهمها :
1) أن تقييم المرحلة الاولى من SWLRI يشير لوجود فجوة سلبية كبيرة في تنفيذ متطلباتها الخاصة بوزارة الموارد المائية، وذلك يعود الى :-

أ‌) الجانب المالي : العجز الكبير في توفير التخصيصات المالية اللازمة لأنجاز المشاريع الاستثمارية لأغلب وزارت الدولة نتيجة تذبذب أسعار بيع النفط الخام في الاسواق العالمية وتخصيص الجزء الاكبر من ميزانية الدولة لتغطية نفقات الحرب ضد الارهاب.

ب‌) الجانب الأمني : أن أنهيار الوضع الامني اصبحت له انعكاسات عديدة وخطرة على كافة مفاصل الحياة خصوصاً بعد سيطرة عصابات داعش الارهابية على بعض المنشأت المائية والمشاريع الحيوية لأدارة قطاع الموارد المائية وتخريبها المتعمد بشكل كبير أخرجها عن الخدمة، وأضاف مبالغ مالية كبيرة لأعادة تأهيلها وأدخالها للخدمة من جديد، كذلك التجاوزات والانتهاكات المتكررة على الملاكات العاملة في مواقع المشاريع أدى لنزوح العاملين وتركهم العمل.
ج) المعاهدات والاتفاقيات الدولية : ان غياب وجود اتفاقيات ومعاهدات مع الدول المتشاطئة مع العراق داخلة في حيز التنفيذ أدى الى عدم القدرة على الحصول والمحافظة على الحقوق المائية للبلد وجعل دول المنبع تتحكم بحجم الاطلاقات المائية الواردة للعراق وكذلك سيطرتها بشكل كبير على واردات نهري دجلة والفرات عبر أنشائها العديد من السدود والخزانات على النهرين وروافدهما قبل دخولهما الاراضي العراقية، دون الأخذ بنظر الاعتبار أحتياجات العراق المائية مما أدى لتدهور الواقع المائي كون العراق دولة مصب.
د) أصحاب المصالح : وتشمل الاسباب الفرعية التالية :-
1) غياب دور وعدم تعاون الجهات المعنية المشتركة مع وزارة الموارد المائية في أعداد هذه الاستراتيجية SWLRI أدى لعدم تطبيق توصياتها فيما يخص جميع القطاعات، أذ ان الاستراتيجية SWLRI وبالرغم من كونها تشير لموارد المياه والاراضي الا أنها خارطة طريق وطنية تتعاطى مع قضايا الامن المائي والامن الغذائي والطاقة والبيئة، ويتوجب على القطاعات الاخرى ان تكون منخرطة في تنفيذ العمل وتحسين حوكمة هذه القطاعات عبر التنسيق مع الشركاء لضمان تحقيق الاهداف المنشودة منها.
2) أتباع الطرق التقليدية في تنفيذ المشاريع وعدم مواكبة التطورات والاساليب العلمية الحديثة أدت الى أحداث فجوة كبيرة في أمكانات ملاكاتنا مقارنة بالملاكات الاجنبية التي يتم أستقطابها لتنفيذ بعض المشاريع.
3) ضعف تنفيذ بعض فقرات الاستراتيجية بسبب عدم نقل المعرفة بدقة ممن قام بالأشراف والمشاركة بأعدادها (الخبراء) الى الملاكات الشابة، وعدم تقديم الدعم اللازم لهم لضمان نجاح تنفيذ بنود هذه الاستراتيجية عبر طاقات متجددة مواكبة للثورة العلمية والتكنولوجية والهندسية.

ومن خلال الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة قدم الباحث عدد من التوصيات :
1) يتوجب على المستفيدين من هذه الإستراتيجية SWLRI الاعتماد عليها وتطبيق بنودها لتوفير جميع الاحتياجات المستقبلية من المياه للقطاعات المعنية لأحتواءها على قاعدة بيانات يعتمد عليها لاستشراف الطريقة المثلى في المستقبل لغرض الحصول على النتائج المرغوبة بأقل الخسائر المائية .

2) تعاون الشركاء بأوسع نطاق للاستفادة القصوى من خارطة الطريق المتمثلة بهذه الإستراتيجية SWLRI للنهوض بجميع القطاعات لمواكبة النهضة التكنولوجية والارتقاء بنوعية وكيفية ادارة وتنفيذ المشاريع بمختلف مستوياتها لتحقيق اقصى خدمة مجتمعية تقدم للشرائح التي ستستفيد من مخرجات هذه الاستراتيجية.

3) توجيه وزارة الزراعة لتوفير الامكانات اللازمة وحث المزارعين وعقد ندوات تعريفية لهم بخصوص فائدة ومردودات استخدام طرق الري الحديثة لما توفره من كميات كبيرة من المياه وتقليل الهدر اثناء مواسم الري وهذا بالتالي ينعكس على مقدار مانوفره ونحافظ عليه من خزيننا المائي لمواجهة مواسم الشحة والجفاف المتوقعة، كذلك المحافظة على الحصص المائية لجميع المستفيدين وضمان وصول المياه للأراضي الزراعية ضمن حدود الأرواء للمساعدة على أنجاح الخطة الصيفية والشتوية للموسم الزراعي في العراق.

4) ضرورة مراجعة أولويات تنفيذ المشاريع في الاستراتيجية SWLRI من الأكثر أهمية الى الأقل أهمية لغرض التأقلم مع الوضع المائي الراهن والتغيرات المناخية للمحافظة على مصادرنا المائية وبحث مدى انسجام المشاريع المقترحة أو الحصص المائية مع مشاريع الوزارات والجهات الاخرى التي ترتبط بالخدمات التي تقدمها لها وزارة الموارد المائية .

 

Comments are disabled.