تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة بحث الدبلوم العالي في تخصص التخطيط الاستراتيجي للطالب ( نصير فاضل ضفير ) بأشراف م.د. هنادي صكر مكطوف ، عن بحثه الموسوم ( استراتيجية مقترحة لاستخدام مياه المصب العام في الزراعة / دراسة حالة في وزارة الموارد المائية – دائرة المصب العام).
ان المياه اصبحت عاملاً من عوامل الصراع العالمي وأضحت عامل ضغط اقتصادي وسياسي وموضوعاً للمفاوضات الطويلة والمعقدة ومرشحاً لأشغال الحروب في منطقة الشرق الأوسط , لذلك كان لابد من صيغة استراتيجية مائية لاستعمال مياه المصب العام في حل هذه الازمة الحالية والمستقبلية لتكون منسجمة مع توجهات العراق المستقبلية في تحقيق التنمية الزراعية والصناعية والاجتماعية.
يعد مشروع المصب العام من مشاريع التنمية الكبرى في العراق وذلك لأهميته في نقل المياه المالحة المتأتية من استصلاح الاراضي الزراعية في وسط وجنوب العراق عبر شبكة مترابطة من المبازل تبدا هذه الشبكة من مجموعة المبازل الحقلية المغطاة الى المبازل المجمعة ثم الثانوية والرئيسية التي تصب في النهاية في مجرى المصب العام، وهو المسؤول عن دفع المياه المالحة الى البحر عبر اجزائه الرئيسية (الشمالي والاوسط والجنوبي) مروراً بالسهل الرسوبي بين نهري دجلة والفرات, كذلك الفائدة الاخرى منه هي خفض مناسيب المياه الجوفية بالإضافة الى اعتباره ممراً ملاحياً وخصوصاً للأجزاء الجنوبية منه والذي يربط مدينة ام قصر بمدينة الناصرية.
تبرز اهمية استراتيجية ادارة الموارد المائية من خلال تحقيق اقصى افادة من الموارد المتاحة والمتمثلة بمياه المصب العام واستغلالها في الزراعة بعد معالجتها ومجابهة حالات الجفاف التي يتعرض لها بلدنا العزيز ومن هنا تأتي أهمية هذا البحث كون القطاع الزراعي يعد اكبر القطاعات استهلاكا” للمياه وبما أن الموارد المائية ذات اهمية كبيرة في عملية التنمية الزراعية ومن ثم الأمن الغذائي الذي يعد جزء لا يتجزأ من الأمن المائي وعليه يتطلب بالأساس زيادة استعمال المياه المالحة بمشروع المصب العام وقياس استهلاك المياه تعد من ضروريات التنمية التي تتطلبها المرحلة الحالية والمستقبلية وذلك من خلال وضع استراتيجية متقنة تعمل على زيادة الاستغلال المائي للمزارعين للوصول الى حل لأبرز القضايا التي تواجه العراق الان ومستقبلا” .
يهدف البحث الى :
- صياغة استراتيجية مقترحة حديثة ومبتكرة تسهم في الاستعمال الامثل لمياه المصب العام بعد معالجتها في تحسين كفاءة الأنتاج .
- الوقوف على مستقبل استغلال المياه في العراق في ضوء ما تتعرض له الموارد المائية من شح في كميتها جراء عوامل سياسية وأقتصادية وفنية تتمثل بأستعمال مياه المصب العام في الزراعة وأمكانية تطوير الأنتاج الزراعي في ضوء ما يتاح للعراق من مياه في الوقت الحالي .
- متابعة تطوير وتنفيذ الاجراءات الفعالة التي من شأنها أن تساعد على استعمال مياه المصب العام بشكل أمثل واعتباره ممرا” ملاحيا” يحافظ على مشاريع الاستصلاح المنفذة .
وقد توصلت الدراسة الى مجموعة من الاستنتاجات اهمها :
- لم يتحقق الامن الغذائي العراقي منذ أكثر من نصف قرن تقريبا” بسبب مشاكل عديدة منها مشاكل الملوحة وتدهور الاراضي وعدم استكمال مشاريع استصلاح الاراضي واستعمال الطرق القديمة في الانتاج وتدهور وتقادم البنى التحتية للزراعة.
- من المتوقع ان تتفاقم مشكلة المياه في العراق الى الحد الذي قد تنخفض عنده حصة الفرد السنوية من المياه للأغراض البلدية والشرب والزراعة والصناعة والبيئة الى اقل من (500) متر مكعب في عام 2025 بالمقارنة مع نصيب الفرد على المستوى العالمي البالغة (7500) متر مكعب.
- يشكل الري السطحي أكثر من (95 %) من طرق الري الحقلية المتبعة في الزراعة العراقية وبكفاءة ارواء منخفضة (بحدود 40 %) تساهم في هدر المياه وزيادة ملوحة وتغدق الاراضي الزراعية.
- ان مياه المصب العام هي مياه البزل المالحة الراجعة من المشاريع الزراعية بين نهري دجلة والفرات. حيث تم تصميم المصب العام ليستوعب حوالي (7,5) مليار متر مكعب سنويا من مياه البزل في حالة اتمام تنفيذ جميع مشاريع الري في العراق وفي الوقت الحالي ينقل كمية من مياه البزل تقدر بـ (3,8) مليار متر مكعب وسوف تزداد لتصل عام 2035م الى (4,5) مليار متر مكعب سنويا.
ومن خلال الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة قدم الباحث عدد من التوصيات اهمها :
- معالجة مياه المصب العام والمبازل الاخرى وفق الضوابط والتشريعات الوطنية والافادة منها للاستعمالات الزراعية والصناعية والبيئية عن طريق نصب محطات تحلية في مناطق الحاجة الى المياه بدءا” من شمال بغداد وحتى مدينة البصرة , ويبلغ تصريف المصب العام التصميمي (220) متر مكعب/ثانية من مياه البزل وهي كمية كبيرة جدا من المياه.
- الافادة من موقع العراق على الخليج العربي لغرض تحلية مياه البحر والافادة من المياه المعالجة في تغطية جزء من الاحتياجات المائية الزراعية والصناعية للمناطق والمحافظات الجنوبية من العراق.
- اكمال ربط جميع المبازل الفرعية بالمصب العام ومنع رمي مياه المبازل في الانهار والمسطحات المائية لمنع تلوثها وتدهور نوعيتها.
- ضرورة التحول التدريجي والسريع إلى استعمال تقنيات الري الحديثة (الري بالتنقيط او الرش او الري تحت السطحي،…) وتبطين قنوات الري واستعمال الانابيب المغلقة في المشاريع الزراعية لغرض تحسين كفاءة الري مما سيقلل من كمية المياه المفقودة عن طريق الرشح والتبخر ويساهم في تقليل كميات المياه المطلوبة في الزراعة او الراجعة الى الانهار.