تمت في كلية الادارة والاقتصاد جامعة بغداد ، مناقشة رسالة ماجستير في تخصص الاقتصاد للطالب (هيثم عبد الحسين كاظم ) بأشراف أ.م.د. أزهار حسن علي عن رسالته الموسومة (دور السياسة المالية في تحسين مؤشرات التنمية البشرية في العراق)
تمارس السياسة المالية دوراً مهما في تأثيرها على النشاط الاقتصادي عبر أدواتها المتمثلة بالايرادات العامة والنفقات العامة والموازنة العامة،إذ إن التطور في دور الدولة نتيجة اتساع نشاطها ووظائفها اعطى مبررا لزيادة نفقاتها العامة والحصول على الايرادات من أجل تغطية هذه الزيادة في النفقات،ولاسيما بعد أن اصبحت (السياسة المالية) مسؤولة عن تحقيق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية للفرد.
إذ جاء هذا الهدف منسجماً مع التوجهات الحديثة للتنمية البشرية التي تسعى لتحقيق مستويات متقدمة من التنمية البشرية عبر الاستثمار في هذا المورد البشري المتجدد ودعمه بمجموعة من المقاييس،كمقياس الفقر،ودرجة التفاوت في توزيع الدخول بين أفراد المجتمع الواحد،وكذلك الحال ينطبق على مقاييس المستويين الصحي والتعليمي وعكس صورة اكثر دقة ومصداقية عن واقع حال التنمية البشرية ومؤشراتها،لما لهذا المفهوم من أهمية كبيرة تتمثل في الارتقاء بالبشر.
أملاً في أن ينعكس هذا المفهوم على المحور الاساس لهذا البحث والذي يتضمن العراق من اجل الوصول الى تحقيق الهدف الرئيس وهو تحسين واقع الحال في ظل الظرف الاستثنائي الذي يمر به البلد ، ولاسيما ان البلد في الوقت الحاضر بحاجة الى هكذا تنمية ترتقي بقدرات وامكانيات ابنائه الى مستويات متقدمة من الكفاءة والمهارة لتقديم الافضل لهذا البلد ،على أمل أن تنعكس الايرادات المالية بشكل ايجابي على التنمية البشرية ومؤشراتها ولاسيما وان البلد يمتلك كل مقومات الثروة المادية والبشرية التي تؤهله لذلك ومن الممكن ان تعود بالمردود الايجابي على مؤشرات التنمية البشرية اذا ما وظفت بشكل سليم ،الا إننا قد نصل الى نتائج مغايرة لذلك اذ ما تم مقارنة ما تم تخصيصه لمؤشرات التنمية البشرية في الموازنة العامة لمدة الدراسة (2017-2004) وبين المنجز والمتحقق الفعلي على ارض الواقع .
تتبلور مشكلة البحث في انخفاض مؤشرات التنمية البشرية في العراق بعد سنة 2003 في ظل أرتفاع الموازنات العامة مما يوضح فشل السياسة المالية المتبعة.
يستمد هذا البحث اهميته من اهميته السياسة المالية بجوانبها الثلاثة (الايرادات العامة،النفقات العامة،الموازنة العامة) في رفع مؤشرات التنمية البشرية في العراق.
يهدف البحث الى التاكد من صحة الفرضية من عدمها من خلال:
1- تحليل اثر السياسة على التنمية البشرية.
2- تحليل أثر السياسة المالية على التنمية البشرية (الصحة،التعليم،الدخل) في العراق مع أقتراح مجموعة من الاستنتاجات والتوصيات ، التي يمكن أن تساعد في رسم السياسات الاقتصادية الداعمة للتنمية البشرية.
وقد توصلت الدراسة الى مجموعة من الاستنتاجات اهمها :
يعد المورد البشري هو الثروة الحقيقية للشعوب، إذ إن اية عملية انتاجية لا تخلو من اسهامه فيها، فضلا عن كونه مورداً متجدداً قابل للتطور بصورة مستمرة ،كما ان المردود الاقتصادي الناجم عن الاستثمار في هذا المورد اكبر من المردود الناجم عن بقية الموارد الاقتصادية الاخرى.
2- انخفاض نسبة مساهمة النفقات الاستثمارية إلى إجمالي النفقات العامة، يقابلها ارتفاع نسبة مساهمة النفقات الجارية إلى اجمالي النفقات العامة ، التي تعد من اهم هذه التحديات التي تواجه الموازنات العامة في العراق خلال مدة الدراسة وذات اثر سلبي على تطور التنمية البشرية.
3- انخفاض نسبة مساهمة الايرادات الضريبية والايرادات الاخرى للإيرادات العامة في العراق ، وعدم كفايتها لتمويل النفقات العامة ، بسبب انتشار ظاهرة التهرب الضريبي وكثرة الاعفاءات والاستثناءات، فضلا عن اتساع النشاط غير المنظم الذي هو السائد والذي يتولد من خلاله معظم الدخل للقطاع الخاص مما ينعكس على صعوبة حصر الدخل الخاضع للضريبة.
4-على الرغم من أن دليل التنمية البشرية في العراق يقع ضمن الدول ذات التنمية البشرية المتوسطة الا إنه في الواقع الفعلي لم يشهد تحسناً (بقي ضمن هذه الفئة)،على الرغم من امتلاكه لموارد مالية من الممكن ان تجعله يرتقي بمؤشرات التنمية البشرية للمرحلة المتقدمة.
ومن خلال الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة قدم الباحث عدد من التوصيات اهمها :
1- تفعيل التنمية البشرية في العراق من خلال النهوض بهذا المورد المتجدد الذي يعد من اهم الاستثمارات عالميا بعدّه هو القائد للعملية الانتاجية ونجاحها يعتمد على مدى النجاح الذي يحققه هذا المورد البشري، فمتى ما كان هذا المورد مؤهلاً وقادراً على العطاء كانت العملية الانتاجية تسير بالوجهة الصحيحة، وان تاهيل العنصر البشري لابد ان يكون مسبوقاً بالاهتمام بالجانب الصحي والتعليمي والمستوى المعيشي الذي سيحفز العنصر البشري على العطاء الذي سيؤدي الى تقليل الاعتماد على الخبرات والعمالة الاجنبية ،فضلا عن توفير العملة الصعبة للبلد.
2- ضغط النفقات الجارية وزيادة النفقات الاستثمارية التي يعول عليها في تطوير البنى التحتية الارتكازية وزيادة الدخل وتحسين القطاع الصحي والتعليمي.
3- انشاء صناديق الثروة السيدية لغرض الاستفادة من العوائد النفطية المتحققة في سنوات معينة،وكما نعلم فان العراق بلد ريعي يعتمد بشكل رئيس على العوائد النفطية لتمويل موازناته العامة،اذ إن انشاء هذه الصناديق تعمل على توزيع الثروة النفطية بشكل اكثر عدالة بين الاجيال فضلا عن توجيهه نحو زيادة تمويل التخصيصات المالية لعناصر التنمية البشرية (الصحة ،التعليم،الدخل) وضمان ديمومتها.
4- تفعيل النظام الضريبي في العراق وزيادة كفاءته من خلال ادارة محكمة،فضلا عن الاعتماد على الضرائب التصاعدية من اجل تخفيف حدة التفاوت في توزيع الدخول، على اعتبار ان الضرائب التصاعدية يقع عبئها الاكثرعلى طبقة الاغنياء منه على طبقة محدودي الدخل،وتوسيع الاوعية الضريبية من اجل زيادة مساهمتها في الايرادات العامة.