تمت في كلية الادارة والاقتصاد جامعة بغداد ، مناقشة رسالة ماجستير في تخصص المحاسبة للطالبة (شذى اكرم احمد ) بأشراف أ.م.د محمد عبد الله ابراهيم عن رسالتها الموسومة (مدى تأثير آليات حوكمة الشركات في تفعيل المسؤولية الاجتماعية للوحدات الاقتصادية العراقية )
تنبع اهمية البحث من ازدياد مطالبات المجتمع في تفعيل المساءلة والمسؤولية والشفافية لإدارات الوحدات الاقتصادية وبيان تأثير انشطتها على المجتمع، لذا اصبحت تقارير المسؤولية الاجتماعية CSR عامل مهم وحاسم في تقييم وتقويم اداء الوحدات الاقتصادية. وهذا ما يتطلب دراسة وتطبيق حوكمة الشركات وتعزيز دورها التنظيمي في تفعيل تقارير المسؤولية الاجتماعية. خصوصا بعدما بين الباحثون ان فشل استقرار الاسواق الاقتصادية ناتج من فجوة الحوكمة وضعف تلبية احتياجات وتوقعات المجتمع من السلع والخدمات بشكل عام ومن المعلومات بشكل خاص. وتساعد الحوكمة على تحسين الاداء بأعلى مستوى من الجودة ليحقق الميزة التنافسية التي تمكنه من دخول الاسواق العالمية. ومن هنا جاءت اهمية الموضوع الذي يعد من المواضيع الحديثة الذي تحاول بيان تأثير الحوكمة على تقارير المسؤولية الاجتماعية في الوحدات الاقتصادية العراقية.
وتنبع مشكلة البحث من قصور في تطبيق الوحدات الاقتصادية العراقية لغالبية قواعد واليات الحوكمة بما يؤثر على الافصاح في التقارير المالية وغير المالية لهذه الوحدات والذي ينعكس بدوره على عدم اعطاء الصورة الصحيحة لأداء الوحدة وقيمتها ومساهمتها في المجتمع . أن حاجة مجتمعنا الملحة تتطلب التحول من نموذج استخدام المسؤولية الاجتماعية كأداة مسكنة الى تقارير المسؤولية الاجتماعية التي تعالج المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، لتعزز اهداف الوحدة الاستراتيجية من جانب وتخلق قيمة اقتصادية ذات أبعاد مستدامة من جانب اخر. وفي الوقت الحاضر فان اغلب الوحدات الاقتصادية في كافة انحاء العالم تعد تقارير طوعية او الزامية للمسؤولية الاجتماعية(CSR). وفق مؤشرات مبادرة الابلاغ العالمي GRIعام 2013 التي اصدرتها الامم المتحدة ، المتضمنة لثلاث ابعاد رئيسية (الاقتصادية، الاجتماعية والبيئية).
يسعى البحث الى تحقيق الاهداف الاتية :-
- بيان مفهوم اليات ومبادئ حوكمة الشركات ودورها في الافصاح عن المعلومات المالية وغير المالية في الوحدات الاقتصادية .
- بيان مفهوم وابعاد تقارير المسؤولية الاجتماعية CSR واهمية التزام الوحدات الاقتصادية بهذه التقارير.
- بيان تأثير تطبيق اليات حوكمة الشركات في تفعيل تقارير المسؤولية الاجتماعية(CSR) في الوحدات الاقتصادية العراقية.
وقد توصلت الدراسة الى مجموعة من الاستنتاجات اهمها :
- يعد مفهوم حوكمة الشركات مفهوم معقد وغامض لارتباطه بالأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتفاعله مع البيئة الداخلية والخارجية المحيطة به. لذا يصعب تحديد نموذج واحد شامل يمكن تنفيذه في جميع الدول باختلاف اقتصادياتها، وتسعى المنظمات الدولية على تطوير نماذج الحوكمة التي تتوافق مع المعايير الدولية وتلائم البيئة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لكل دولة، لضمان سلامة واستقرار الاسواق الاقتصادية
- اكتسبت مبادئ الحوكمة لمنظمة OECD بمراحلها المتسلسلة القبول العالمي الواسع النطاق،لانها تمثل معيار عالمي واطار مرجعي مشترك، يسهل تنفيذه ومقارنته بين الوحدات الاقتصادية لكل بيئة، وتساعد مبادئ الحوكمة لمنظمة OECD2015 على تعزيز ممارسات الحوكمة الاخلاقية المسؤولة والشفافة، وتحسين الاطر القانونية والاقتصادية والاجتماعية للوحدات الاقتصادية لكل دولة، مما تساهم في توفير التقارير المالية وغير المالية بأفضل جودة ممكنة لكسب ثقة المستثمرين واصحاب المصلحة الداخليين والخارجين .
- ان حاجة العراق اليوم تتطلب وجود ممارسات الحوكمة السليمة ودورها التنظيمي في بناء واصلاح واعادة هيكلة البنية التحتية المتهدمة بسبب النزاع السياسي وعمليات التخريب التي تعرض لها البلد. لذا توجهت بعض الوحدات الاقتصادية الى تبني ممارسات الحوكمة في مناطق محددة في اربيل وصلاح الدين، لكنها لم تعمم في كافة محافظات البلد لعدم وجود قانون مستقل فيها. فضلاً الى ضعف المعرفة الكافية بأهمية الحوكمة الحديثة ودورها الحيوي في تحقيق الاهداف الاقتصادية والاجتماعية والاستراتيجية.
- تفتقر القوانين والتشريعات العراقية لوجود قانون مستقل لحوكمة الشركات، يساعد على تنظيم الممارسات الاقتصادية والاجتماعية، هذا ما ادى الى الهدر والاسراف بالموارد الاقتصادية، وعدم القدرة على ادارة الموارد النفطية بنزاهة. في بلد يحتل المرتبة الثانية لإنتاج النفط في منظمة اوبك، مما يعرقل دخول الوحدات الاقتصادية الى الاسواق العالمية للمنافسة فيها وجذب رأس المال الاجنبي لتحقيق اهداف استراتيجية وتطويرية
ومن خلال الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة قدم الباحث عدد من التوصيات اهمها :
- ينبغي تكوين نموذج فعال لحوكمة الشركات، مستمد من المعايير الدولية ويلائم البيئة العراقية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ،ويتوافق مع القوانين والتشريعات السائدة فيها، مما يسهل فهمه وتطبيقه في الوحدات الاقتصادية، ليساعد على تحسين الاطر القانونية والتنظيمية والادارية داخل الوحدات وادارة الموارد بكفاءة .
- ضرورة اتباع اليات ومبادئ الحوكمة لمنظمة OECD،التي تتميز بقابلية فهمها وتطبيقها في كافة البيئات، وقدرتها على الاستجابة لحاجات وتوقعات كافة اصحاب المصلحة المتجددة من المعلومات المالية وغير المالية، للمساهمة في خلق بيئة استثمارية سليمة تجذب راس المال الاجنبي وتحقق التنمية الاقتصادية.
- دعم الدولة والجهات التشريعية لمبادئ واليات الحوكمة واصدار القوانين الالزامية المستقلة المعززة لممارساتها التنظيمية وتحسين مستوى الاداء للارتقاء بمستوى الجودة العالية في كافة قطاعاتها الاقتصادية. وتحقيق الاستخدام الامثل للموارد الاقتصادية، وتفعيل المساءلة والمسؤولية والشفافية لتحقيق النزاهة في الاعمال.
- ان التطبيق السليم لأليات الحوكمة تتطلب دعم الاجهزة الرقابية والمنظمات المهنية للإفصاح والشفافية عن المعلومات المالية وغير المالية التي تبين مدى التزام الوحدات الاقتصادية بممارسات الحوكمة، ويسهل عملية المتابعة والتقييم والتقويم للأداء، كما يساعد الافصاح على الحد من الفساد المالي والاداري بكافة اشكاله.