تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة رسالة الماجستير في تخصص التخطيط الاستراتيجي للطالب (عمّار صلاح أحمد)  بأشراف أ.م.د.علي موّات سعد عن رسالته الموسومة (  بناء نموذج استراتيجي لادارة التفاوض على المياه في وزارة الموارد المائية)

ان فكرة البحث  تتمحور بخصوص بناء نموذج استراتيجي للتفاوض على المياه في وزارة الموارد المائية، ذلك النموذج الذي يأخذ بنظر الاعتبار العوامل البيئية بشكل مفصّل وعلى وفق منهجيةٍ علميةٍ سليمة يشرف عليها الاساتذة المختصّون بالفكر الاستراتيجي ويشارك في اعدادها أصحاب الشأن الحقيقيون في ادارة المياه المشتركة في وزارة الموارد المائية والوزارات والجهات ذات الصلة مشاركةً فاعلة، ضماناً لأن يستجيب لحاجاتهم وهم يحاولون السعي لتأمين حصة العراق العادلة من مياه الأنهار المشتركة.

وتعاني الدولة العراقية من عدم وجود اتّفاقيات تفاوضية شاملة ومنصفة مع الدول المتشاطئة بخصوص المياه المشتركة كمّاً ونوعاً، فضلاً عن غياب استراتيجية تفاوضٍ منهجيةٍ واضحة، الأمر الذي أحاق الضرر بالعراق ماضياً وحاضراً ولربما مستقبلاً، بالنظر لكونه دولة مصب تقع في منطقةٍ شبه جافة. اتّساقاً مع ما تقدّم، يمكن أن تتمثّل مشكلة البحث بحقيقةٍ مفادها “عدم وجود نموذج استراتيجي تفاوضي في وزارة الموارد المائية تستخدمه باعتبارها الجهة الفنّية الرئيسة عند التفاوض مع الدول المتشاطئة بخصوص كمية ونوعية المياه المشتركة”.

يهدف هذا البحث الى:

  1. تقديم تأطير نظري عن التفاوض واستراتيجياته وتكتيكاته وأنماطه، بالشكل الذي يساهم في تعميق المعرفة الادارية والتنظيمية ويعزّز القدرات المعرفية للمعنيين بالتفاوض على المياه المشتركة في وزارة الموارد المائية والجهات والوزارات الأخرى في مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية ذات الصلة.
  2. تقديم آلية عملية لبناء النموذج الاستراتيجي التفاوضي، وما يتضمّنه من مكوناتٍ ذات علاقة بتوجّه البحث الحالي باستخدام اسلوب دلفي.
  3. بيان التصوّر الخاص بوزارة الموارد المائية (الجهة الفنّية الرئيسة)، جنباً الى جنب مع الجهات الساندة في عملية التفاوض عن مفهوم النماذج الاستراتيجية وامكانية استعمالها لدى التفاوض على المياه المشتركة.
  4. بيان طبيعة وأبعاد النموذج الاستراتيجي التفاوضي المعني، من خلال تحديد استراتيجيات وتكتيكات وأنماط التفاوض الممكن تضمينها في النموذج.

ويستمد البحث أهميته من الموضوع الذي يتناوله، والمشكلة التي يستهدف معالجتها. فضلاً عمّا يأتي:

  1. يوفّر البحث لأول مّرةٍ على صعيد العراق (على حدِّ علم الباحث) جهداً علمياً وعملياً على حدٍّ سواء لبناء نموذج استراتيجي تفاوضي يستعمل استراتيجيات وتكتيكات التفاوض بشكلٍ فاعلٍ في التفاوض على المياه المشتركة.
  2. يوفّر البحث دليلاً ارشادياً للجهات المعنية بالتفاوض على المياه المشتركة، وتحديداً للمفاوضين في وزارة الموارد المائية، فضلاً عن المعنيين في الوزارات والجهات الأخرى الساندة، في خضّم سعيهم لضمان حصة العراق العادلة من المياه المشتركة. وبما يعدُّ مساهمةً في تحقيق رؤية ورسالة وهدف وزارة الموارد المائية.

وقد توصلت الدراسة الى مجموعة من الاستنتاجات اهمها :

  1. أن العلاقة بين الاستراتيجية والتفاوض علاقةٌ واضحةٌ تماماً قدر تعلّق الأمر بالمنظور العملي، كما تناولت أدبيات الاستراتيجية هذه العلاقة على صعيد العديد من المجالات بالتنظير والتفسير والتحليل.
  2. أن استراتيجية التفاوض هي سلوكياتٌ وأساليبٌ حديثة يمكن للطرف التفاوضي المعني استعمال واحدةٍ منها أو أكثر أثناء التفاوض.
  3. أن تكتيكات التفاوض هي الوسائل المتّبعة لتحقيق أهداف استراتيجيات التفاوض، وهي ليست أهدافاً أو غاياتً بحدّ ذاتها، بل هي وسائل اضافية تدعم استراتيجية التفاوض.
  4. أن نمط التفاوض هو أين يرى المفاوض مكانه الطبيعي في التفاوض، وكيف يمكنه استخدام غرائزه أساساً متيناً ليصبح مفاوضاً أفضل. وهنا غالباً ما يجري التأكيد على أن نمط التفاوض يعتمد الى حدٍّ كبير على السمات الفردية لشخص معيّن

ومن خلال الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة قدم الباحث عدد من التوصيات اهمها :

  1. أن تقوم وزارة الموارد المائية بادامة نقاط القوّة المميزة التي تمتلكها في بيئتها الداخلية والتي تتعلق معظمها بالقدرات والموارد الملموسة وغير الملموسة وبناء الكفاءات الجوهرية، بغية تحقيق الاستدامة في هذه القوّة وانماءها ابتغاءً لتدعيم هذا المحور البيئي والاستفادة من ذلك في ادارة التفاوض على المياه المشتركة مستقبلاً.
  2. ضرورة قيام وزارة الموارد المائية بتقصٍ دقيق عن الأسباب المالية (في مجملها) التي أدّت الى ظهور الضعف في كلٍ من عاملي الموارد الملموسة (الموارد المالية)، والموارد غير الملموسة (الموارد الابداعية)، وضرورة معالجة كلٍ منها كما ينبغي، وذلك لتقوية البيئة الداخلية استعداداً لمواجهة التهديدات الواسعة في البيئة الخارجية. ويمكن في هذا الجانب أن تبدأ ادارة الوزارة بتخصيص بنود فرعية لنشاط التفاوض على المياه المشتركة في موازنة الوزارة، أي أن تقوم باعداد الموازنة على أساسٍ وظيفي. لتقوم بعدها باستجلاب القروض الدولية والمحلية للنشاطات والمشاريع التي تقتضيها المصلحة العامة ذات الصلة.
  3. أن تشرع حكومة العراق وبضمنها وزارة الموارد المائية والوزارات والجهات ذات الصلة باستثمار والانتقاع من الفرص الحاسمة التي يحملها كلٌّ من العامل السياسي ــ القانوني، والعامل الثقافي ــــ الاجتماعي عند التفاوض على المياه المشتركة مع الدول المتشاطئة، لا سيّما في تحييد التهديدات في ذات البيئة.
  4. ضرورة قيام حكومة العراق وبضمنها وزارة التخطيط ووزارة الموارد المائية والوزارات ذات الصلة بعملية مسح شاملٍ وممنهج ودائم لكافّة عوامل البيئة الخارجية التي مثّلت تهديداتٍ تحيق بالتفاوض على هذه المياه في المستقبل. وبالأخص العامل الاقتصادي، والسعي نحور التخلص من حالة الاقتصاد الريعي غير المستدام. وفي هذا الصدد توجد امكانية لاحداث نوع من التوازن الاقتصادي في قطاع المياه في العراق من خلال فرض واستيفاء ما يعرف برسوم خدمات المياه، واستهلاك المياه، واسترداد تكاليف الري، وبما يغطي جزءً كبيراً من النفقات ذات الصلة وبما يرفع الثقل عن كاهل الموازنة العامة للدولة.

 

 

Comments are disabled.