تمت في كلية الادارة والاقتصاد جامعة بغداد ، مناقشة رسالة ماجستير في تخصص الاقتصاد للطالبة (صابرين قاسم بيدة) بأشراف (أ. د. ثريا عبد الرحيم ، أ.د. محمد صالح سلمان ) عن رسالتها الموسومة (دور الاحتياطيات الأجنبية في تعزيز سياسة التعقيم النقدي في العراق بعد عام 2003 )
ينطلق البحث من مشكلة مفادها هي زيادة تدفقات النقد الأجنبي وتراكمه بعد عام (2003 ) الناتج عن الطبيعة الريعية والاحادية للاقتصاد العراقي قد اسهم بقوة في زيادة الاحتياطي الأجنبي في البنك المركزي والتي تمثل المصدر الرئيس للتوسع النقدي الذي اسهم بصورة كبيرة في ارتفاع معدلات التضخم والارتفاع في المستوى العام للأسعار مما استوجب تدخل البنك المركزي عن طريق اتباع سياسة التعقيم النقدي، تلعب سياسة التعقيم النقدي دوراً مهماً وذلك من خلال عزل اثار فائض السيولة الناتجة في الاحتياطيات الأجنبية المتراكمة على الأساس النقدي وامتصاصه بهدف الحد من التضخم وتحقيق الاستقرار في المستوى العام لأسعار.
يهدف البحث الى الإجابة عن التساؤلات الاتية:
- هل استطاعت السياسة النقدية في العراق من التحكم في الكتلة النقدية ومن ثم تحقيق هدف استقرار الأسعار والحد من الضخم؟
- هل أدت أدوات التعقيم التقليدية دوراً فاعل في الحد من التضخم ومن اثار تدفقات النقد الأجنبي على السيولة المحلية والمحافظة على الاستقرار السعري .
- ما هو دور الأدوات الحديثة التي استخدمها البنك المركزي العراقي وهل كانت لها دور متميز في الوصول الى هدف السياسة النقدية والمتمثل في الحد من التضخم وتحقيق الاستقرار السعري .
توصلت الدراسة الى عدد من الاستنتاجات يمكن ايجازها فيما يأتي:
- لوحظ بأن نافذة بيع العملة تمثل الاسلوب الأكثر فاعلية في عملية تعقيم العرض النقدي من خلال تأثيرها على العملة في التداول كونها تمثل النسبة الاكبر من العرض النقدي في الاقتصاد، والذي يمثل متغير خارجي حتى عن سلطة البنك المركزي، ومن ثم فإن آلية التعقيم سوف تختلف هنا عن عمليات السوق المفتوحة ففي حين ان الاخيرة تؤثر على احتياطيات المصارف والائتمان المحلي فإن النافذة تؤثر على العملة المحلية والاحتياطيات الأجنبية، بمعنى ان الزيادة في العرض النقدي الناجمة عن زيادة الانفاق العام يتم احتواءها من خلال بيع العملة الاجنبية مقابل العملة المحلية في سوق الصرف المتمثل في نافذة بيع وشراء العملة الاجنبية.
- حتمية اجراء التعقيم النقدي كونه خط الدفاع الأول ضد الاثار الغير مرغوبة و لتحييد التوسعات في الكتلة النقدية التضخمية الناجمة من زيادة الاحتياطيات الدولية والتي قد تفوق قدرة السياسة النقدية في ضبط مستوى الأسعار العام في الامدين القصير والطويل.
- نجحت الاحتياطيات الأجنبية في تجاوز النسبة المعيارية الخاصة بمؤشرات كفاية الاحتياطيات باستثناء بعض السنوات التي شهدت صدمة انخفاض أسعار النفط واحتلال داعش لمناطق محددة في البلد.
ومن خلال الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة قدم الباحث عدد من التوصيات اهمها :
- ضرورة قيام البنك المركزي العراقي بوضع نسبة مستهدفة للتعقيم النقدي في سياسته النقدية لغرض تهيئة الأدوات النقدية اللازمة لعمليات التعقيم قبل مدة معينة لتكون جاهزة للاستخدام في أوقات زيادة الاحتياطيات الأجنبية مع تنفيذ سياسة نقدية فعالة لتحقيق الاستقرار في الأسعار.
- ان التعاون بين السلطتين المالية والنقدية هو ضرورة ملحة بالنسبة للاقتصاد العراقي لان البنك المركزي لا يمكنه الاستمرار في معالجة الضغوط التضخمية الناتجة عن زيادة حجم النفقات العامة التشغيلية، ولاسيما في أوقات الصدمات الخارجية، وان هذا التعاون يجب ان يتم وفق ميثاق عمل داخلي او مبادرة حكومية على مستوى الدولة من اجل انجاحه في مرحلة التخطيط والتنفيذ.
- استخدام جزء من الاحتياطيات الأجنبية للاستثمار الخارجي وفي جوانب تنخفض فيها المخاطرة في الدول التي يكون تصنيفها الائتماني عالي، وبما يضمن الحصول على إيرادات إضافية تضاف للاحتياطي الأجنبي فضلا عن إيرادات المورد الريعي أو العمل بجدية لتخصيص جزء الاحتياطيات الفائضة لبناء صندوق سيادي هدفه هو استخدامه بكفاءة في أوقات الازمات ناهيك عن ضمان حقوق الأجيال القادمة من ثروة العراق بعد نضوب الموارد النفطية.