تمت في كلية الادارة والاقتصاد / جامعة بغداد ، مناقشة رسالة الماجستير الموسومة (تطور الخدمات المصرفية ودورها في تعزيز العمق المالي في العراق السياسات الزراعية ومتطلبات تحقيق الامن الغذائي في العراق في ظل تحديات ازمة الغذاء العالمية ) في تخصص الاقتصاد للطالبة (دعاء علي عبد الحسين) بأشراف أ .د صباح نعمة علي
يهدف البحث إلى بيان واقع الإنتاج الزارعي وأبرز التحديات التي تواجه القطاع الزراعي والتي تقف أمام تحقيق الأمن الغذائي في ظل تدهور مؤشرات أداء الزارعة في العراق وما يواجهه العالم من ازمة الغذاء وبيان دور السياسات الزراعية التي تعزز من الامن الغذائي وامكانية الاستفادة من التجارب لمواجهة الازمة و محاولة رسم وايجاد آفاق مستقبلية للأمن الغذائي من خلال السعي نحو تفعيل السياسات الزراعية الملائمة للواقع لغرض تمكين العراق من تحقيق متطلبات الأمن الغذائي ولاسيما تحقيق الاكتفاء الذاتي للمحاصيل الاستتراتيجية ودعم وحماية الاسواق من الاغراق بعد 2003 ودعم وحماية البطاقة التموينية وتوزيعها في وقتها.
وتنبع أهمية البحث من تسليط الضوء على السياسات الزراعية، لدورها المهم في تحقيق متطلبات الامن الغذائي في العراق، كونها من السياسات الرئيسة الواجب تفعيلها لمواجهة تحديات ازمة الغذاء العالمية، ومن خلال تخصيص الموارد المحلية المتاحة، بالشكل الذي يسمح برفع مستوى القطاع الزراعي وانتاجيته، وتحقيق زيادة في الاحتياطات الغذائية للحالات الطارئة، ومواجهة خطر العجز الحاصل اثناء الازمات الاقتصادية، ومن ثم تحقيق الامن الغذائي ومن خلال اعداد السياسات الزراعية الملائمة وعلى وفق أسس علمية قابلة للتطبيق.
وقد توصلت الدراسة الى عدد من الاستنتاجات اهمها:
- لم تنظر السياسات الزراعية المتعاقبة في العراق إلى القطاع الزراعي كعنصر فعال في النمو الاقتصادي ويسهم في التحول الهيكلي للاقتصاد. وهو السبب الكامن وراء تراجع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، ومن ثم استمرار حالة العجز في تلبية الطلب المحلي من المنتجات الزراعية (النباتية والحيوانية) وتنامي مشكلة الامن الغذائي على الرغم من امتلاك العراق اغلب مقومات الزراعة من موارد وامكانات.
- انخفاض انتاجية الاراضي الزراعية في العراق من المحاصيل الاستراتيجية وذلك نتيجة للإهمال وسوء الإدارة وقلة التوجيه والتقيد بوسائل الانتاج القديمة والتقليدية، الأمر الذي قاد الى زيادة نسبة الأملاح وبقاء هذا القطاع الحيوي يدار بتلقائية بعيدة عن الوسائل التكنولوجيا الحديثة.
- يواجه العراق ازمة مستقبلية حقيقية، تقود الى تدهور أكبر في القطاع الزراعي، نتيجة التغيرات البيئية والمناخية وموجات الجفاف الذي تعرض العراق بها، وانخفاض واردات نهري دجلة والفرات المائية، بسبب قيام دول الجوار بإنشاء مشاريع مائية كبيرة، بالرغم من حاجة العراق للموارد المائية الحالية والمستقبلية. فضلاً عن بقاء القطاع الزراعي على استخدام طرائق الري التقليدية والهدر المائي الناتج عنها، وفي ظل عدم وجود خطة الاستراتيجية الحقيقية للنهوض بهذا القطاع الحيوي.
- لم يحقق العراق مستوى الاكتفاء الذاتي لأغلب المنتجات الزراعية، ولاسيما الاستراتيجية منها، بل اتسعت الفجوة الغذائية (الانتاج المحلي لا يغطي الاستهلاك) في ظل تقلص الإنتاج، وهو ما يجعل العراق ملزماً بالاستيراد لسد هذه الفجوة وذلك يشكل عبئا على ميزانية الدولة من جهة، ويضعه امام مخاطر انعكاس الازمات العالمية على الامن الغذائي من جهة اخرى.
ومن خلال الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة قدم الباحث عدد من التوصيات اهمها :
- توجيه السياسات الزراعية بالدرجة الاولى الى زيادة الانتاج بنوعيه الحيواني والنباتي واعطاء الاولوية الى المحاصيل الاستراتيجية لتحقيق الاكتفاء الذاتي والاهتمام بسياسة دعم الاسعار (سياسة سعرية) , لأنها تعاني من التذبذب والتغير بين مدة واخرى وذلك بدعم سعر المنتج ويكون قريب من الاسعار العالمية لتحفيز الشركات الزراعية والفلاحين على الاستثمار ولاسيما المحاصيل الاستراتيجية التي تدخل في صلب الامن الغذائي.
- وضع استراتيجية شاملة ومتكاملة لتحقيق الأمن الغذائي المستدام تأخذ بعيد الاعتبار الإمكانات والموارد المتاحة، بعد دراسة حقيقية لمستوى الطلب الفعلي على السلع الغذائية وتحديد فجوة الطلب، واعتماد سياسات فعالة لتنمية القطاع الزراعي تحمي المنتجات المحلية من الإغراق وسياسات التمييز السعري الممنهجة من قبل الشركاء التجاريين. فضلا عن تبني استراتيجية لإقامة سدود على طول نهري الفرات ودجلة للتحكم والاستفادة من المياه كونها ثروة وطنية لابد من حمايتها وتطوير وسائل ادارتها وإدخال تقنيات الري الحديثة.
- تعزيز الإمدادات الغذائية المستدامة من خلال الحد من تقلبات العرض والإنتاج، والإدارة السليمة للاحتياطيات الغذائية الوطنية، وتطوير البنية التحتية للنقل وأنظمة التسويق لتوفير العلاقات الاجتماعية والاقتصادية التي تضمن حصول افراد المجتمع على الغذاء دون استثناء.
- توفير مراكز للأبحاث والمختبرات الزراعية المتخصصة، إذ ذلك يسهم في إحداث تغييرات جوهرية في المجالات الزراعية اسوة بدول العالم، فضلا عن دعم الخبرات الوطنية التي تدخل التقانات الحديثة في الزراعة، لتطوير المحاصيل الزراعية الاستراتيجية كافة وزيادة معدلات الغلة وتطوير الأنواع وانتاج محاصيل تتلاءم مع البيئة المحلية وابتكار وسائل ري حديثة ومتطورة واقتصادية ووسائل لمكافحة التصحر والأدغال وتقليل الضائعات المائية، وتوفير المبيدات لمكافحة الآفات الزراعية، ودعم المدخلات وبأسعار مناسبة.