نظم قسم الاحصاء ندوة بعنوان ( اساليب بحوث العمليات بين الواقع والطموح ) قدم فيها اساتذة القسم ا.م.د عبد الجبار خضر بخيت و ا.م.د سعد احمد عبد الرحمن و م. عباس حسين بطيخ والمدرس خالد وليد عطا محمد من مركز الحاسبة مجموعة من البحوث التي تتعلق بالموضوع .
حيث تطرق الباحثون الى البداية التاريخية لبحوث العمليات على المستوى العسكري والمستويات الحياتية الاخرى واثر ذلك على الاهتمام ببحوث العمليات من خلال النتائج الكبيرة التي تم تحقيقها
و نتيجة لنجاح بحوث العمليات في المجالات العسكرية فقد أخذت التنظيمات المختلفة تولي ، وبالتدريج ، اهتماماً أكبر لهذا الفرع من فروع العلم . فمع التعاظم السريع للصناعة الذي أعقب الحرب العالمية الثانية ومع المشكلات التي نشأت وازدادت تعقيداً نتيجة لهذا التعاظم السريع ومع ظهور التخصصات المختلفة في مختلف التنظيمات فقد كانت الحاجة مُلحَّة لزيادة عدد المشتغلين بتطبيق بحوث العمليات لحل مختلف المشكلات . وكانت البداية أن قام عدد من الذين اشتغلوا ببحوث العمليات العسكرية في الحرب العالمية الثانية في الدول المشار إليها أعلاه أن قاموا بتقديم استشارات وحلول لكثير من المشكلات الصناعية والأعمال والإدارات المختلفة بطرق علمية مناسبة في حينها . وتَبِعَ ذلك قيام الكثير من الجامعات والمعاهد العلمية ومراكز الأبحاث في الدول المتقدمة بتدريس بحوث العمليات فيها . بل وتشكلت في هذه الدول جمعيات ومجلات علمية لبحوث العمليات وعُقدت الكثير من الندوات لتعني بهذا الحقل من حقول المعرفة . وكان لذلك الأثر الكبير في تطوير واستحداث الكثير من الأساليب والوسائل والطرق العلمية في بحوث العمليات والتي لم تكن معروفة من قبل مما أسهم في تحقيق المزيد من التطور والتقدم في هذا الفرع من فروع العلم .
وفي أيامنا هذه انتشر تدريس بحوث العمليات في معظم جامعات العالم فقلما نجد جامعة في هذه الأيام إلا وتُعنى بتدريس مقررات في بحوث العمليات بل وأن بعضها يمنح درجات متخصصة في بحوث العلميات بدءً من البكالوريوس والماجستير وانتهاءً بالدكتوراه .
ولبحوث العمليات عدة سمات رئيسية هي :
السمة الأولى :
إنها تستخدم ـ كما أشرنا في تعريفها ـ الأساليب العلمية وذلك بالبدء أولاً بدراسة المشكلة المطروحة وتحديدها بشكل دقيق ومن ثم صياغتها صياغة علمية تشمل جميع جوانب المسألة قيد الدراسة . وتمكن هذه الصياغة من بناء نموذج علمي للمسألة وهو غالباً ما يكون نموذجاً رياضياً (mathematical model) ونتوخى من النموذج رياضياً كان أم غير ذلك أن يستوعب روح وجوهر المسألة وأن يمثل خواصها الرئيسة تمثيلاً كافياً وواضحاً بحيث تكون الحلول الناتجة من هذا النموذج صالحة للتطبيق على المشكلة الحقيقية التي نواجهها . كما نتوخى من النموذج أيضاً أن يعطينا نتائج إيجابية مفهومة لصانع أو صانعي القرارات .
السمة الثانية :
هي شمول وجهة النظر فيما يخص المشكلات التي يواجهها النظام أو التنظيم ككل . فمن المعروف أن ما هو مفيد لأحد فروع تنظيم ما قد يكون ضاراً لواحد أو أكثر من فروعه الأخرى مما يجعل من الصعب على جميع هذه الفروع أن تعمل ضمن أطر وأهداف مشتركة . فعلى سبيل المثال ، كثيراً ما تنشأ في مشكلات التخزين الخاصة بتنظيم ما ( شركة ـ منشأة … الخ ) تعارضات بين فروع التنظيم المختلفة . ففرعا إدارة الإنتاج والتسويق يهتمان بزيادة الإنتاج وينتج عن ذلك زيادة في عدد الوحدات المخزونة وبالتالي إلى تعطيل جزء من رأس المال والتعرض لانخفاض الأسعار الأمر الذي يضر بالإدارة المالية التي تسعى بدورها إلى تخفيض النفقات مما قد ينتج عنه انخفاض في كمية الإنتاج الأمر الذي يضر بإدارات الإنتاج والتسويق والعمال وقد ينتج عن ذلك أيضاً خسارة للزبائن في الأسواق . وكما أشرنا في تعريف بحوث العلميات هي أنها تتبنى وجهة النظر التنظيمية بين عمليات وأنشطة النظام فإنها تسعى في الوقت نفسه لإزالة التعارضات بين مختلف فروع أي تنظيم بطريقة تجعل التنظيم ككل أكثر انسجاماً وتناسقاً وبطريقة تقود إلى إيجاد حل يوازن بين متطلبات جميع فروع التنظيم بحيث يكون هذا الحـل حـلاً أمــثل (optimal solution) من بين جملة من الحلول الممكنة .
السمة الثالثة :
الاستعانة بخبرات المختصين في الحقول الأخرى . ذلك أنه من غير السهل أن يمتلك شخص واحد مهارة في مختلف المفاهيم التي تتطلبها حل مشكلة ما في بحوث العلميات . كما أنه من غير السهل أيضاً أن يتمكن فرد بمفرده من التوصل إلى حل أمثل لمشكلة . ولذلك يبدو من الأفضل أن يتولى فريق (TEAM) من المختصين في بحوث العلميات وبمساعدة عدد من المختصين أو الذين يملكون مهارات في الحقول المختلفة التي تقع فيها المشكلة المطروحة كأن يكون أحدهم مختصاً في الرياضيات وآخر في الإحصاء والاحتمالات وثالث في الاقتصاد ورابع في إدارة الأعمال وخامس في علوم الحاسب الآلي وسادس في العلوم المسلكية وغيرها من التخصصات التي تسهم في تقديم المعلومات اللازمة لفهم وإحاطة المسألة المطروحة بشكل جيد . ومن ثم فإن خبرة هؤلاء جميعاً تذهب إلى فريق بحوث العلميات الذي يقوم بدوره بصياغة المسألة صياغة صحيحة وإيجاد النموذج السليم والملائم لحلها .
السمة الرابعة :
وهي أن بحوث العمليات تهدف بالدرجة الأولى إلى إيجاد حل أمثل أو حلول مثلى لمشكلات النظام قيد الدراسة من بين جملة من الحلول الممكنة . ومع أن المشكلات التي تتعرض بحوث العمليات لحلها هي مشكلات قرارية معقدة أحياناً فإن تحسين الأمور الجارية لا يعني حلاً أمثل لهذه المشكلات بل لابد من استعراض جميع الحلول الممكنة أو ما يسمى أحياناً جميع البدائل (alternatives) وإجراء اختبار عليها لمعرفة أفضلها واختياره .
بعدها قدم المشاركون مجموعة من التوصيات اهمها:
1- يتطلب تعريف دوائر الدولة باهمية تطبيقات اساليب بحوث العمليات من خلال عقد الندوات العلمية في هذه الدوائر كلا ضمن اختصاصاتها
2- ضرورة فتح قسم متخصص في بحوث العمليات ضمن جامعاتنا كلا ضمن اختصاصة العلمي يضطلع بهذه المهمة وليس فقط في كليتنا.
3- توجية وزارات الدولة للاستفادة من خريجي بحوث العمليات من خلال فتح اقسام في كل وزارة لبحوث العمليات ليساعد في عمليات اتخاذ القرارات الصائبة في تذليل المعوقات في هذه الدوائر على جميع النواحي العامة او ضمن اقسام البحث والتطوير ليكون هناك دافع للمتخصصين في بحوث العمليات.
4- ضرورة توجيه الوزارات وكذلك القطاع الخاص للتعاقد مع طلاب الدراسات العليا في اختصاص بحوث العمليات لغرض حل المعوقات في هذه الوزارات والدوائر التابعة اليها ودوائر القطاع الخاص .
5- ضرورة تعاون طلبة الدراسات العليا الماجستير والدكتوراه في اختصاص علوم الحاسبات مع طلبة الماجستير في اختصاص بحوث العمليات واعتبار عنوان الطروحة الدكتوراه او رسالة الماجستير في اختصاص علوم الحاسبات هو تطوير البرامجيات الجاهزه لحل اساليب بحوث العمليات لأهمية هذه البرامجيات وتوفير المبالغ الطائلة اذا قررنا شرائها لان هذه البرامجيات لاتكفي طاقاتها الاستيعابية في بعض الاحيان لحجم البيانات الكبيرة .
6- ضرورق فتح دراسة الدكتوراه في اختصاص بحوث العمليات وتماشيا مع تكاليف وانفقات في حالة اكمال دراسة الدكتوراه مع الحالة المادية للدولة في الوقت الحضر علما ان هناك مئات الخريجين من حملة شهادة الماجستير في اختصاص بحوث عمليات يرغبون اكمال دراسة الدكتوراه في هذا الاختصاص.
7- وكون اختصاص بحوث العمليات من الاختصاصات النادرة فهناك فقرة في قانون فتح الدراسات العليا الفقرة (2) والتي ننص على امكانية فتح دراسات عليا بغض النظر عن الشروط الاساسية لفتح هذه التخصصات.
8- بنظر لكون اختصاص بحوث العمليات منفتح مع جميع التخصصات العلمية وبالامكان اشراك هذه التخصصات في اكمال الدراسات العليا للماجستير في هذا الاختصاص, وبالتالي سيعمل على كيفية توظيف اساليب ومفاهيم بحوث العمليات ضمن اختصاصة العلمي وسيكون لهو دور اساسي في حل مشاكل الجهة التي ينتسب اليها بالتعاون مع الاختصاصات الاخرى.