إن جامعة بغداد لم تكن يومًا مجرد مؤسسة تعليمية، بل كانت وما زالت تمثل روح العراق العلمية، وذاكرته الأكاديمية، ومنهله الفكري الذي نهلت منه أجيال من العلماء والمفكرين وصناع القرار. فمنذ تأسيسها، كانت الجامعة الأم التي أرست دعائم التعليم العالي في العراق، واحتضنت الكفاءات العلمية والفكرية في مختلف مجالات المعرفة، وأسهمت بدور محوري في بناء الدولة والمجتمع.
لقد تميزت جامعة بغداد بريادتها بين الجامعات العراقية والعربية والإقليمية، بما تملكه من عمق تاريخي، وتنوع أكاديمي، وثراء بحثي، فهي تضم أكبر عدد من الكليات والمراكز البحثية المتخصصة، وتخرج سنويًا الآلاف من الطلبة الذين يسهمون في مختلف ميادين العمل والتنمية.
وفي الوقت الذي تواصل فيه الجامعة تحقيق إنجازات نوعية على مستوى التصنيفات الأكاديمية العالمية، عبر ارتفاع نسب النشر العلمي والاستشهادات، وتنامي حضورها البحثي في قواعد البيانات الرصينة، شهدت الساحة في الآونة الأخيرة حملات إعلامية مغرضة على بعض منصات التواصل الاجتماعي، حاولت النيل من مكانة هذه الجامعة العريقة، والتشكيك بسمعتها العلمية، من خلال تداول مؤشرات غير دقيقة وغير معتمدة أكاديميًا، كزج الجامعة ضمن ما يسمى بـ”مؤشر العلم الأحمر”، وهي تقارير لا تستند إلى أسس علمية أو مؤسسات تصنيف موثوقة.
إن جامعة بغداد أكبر من أن تُقوَّم بتقارير هامشية أو تنال منها إشاعات عابرة، فهي الجامعة التي خرّجت خيرة العقول العراقية والعربية، وأسهمت في رفد المؤسسات والوزارات والمراكز العلمية بكفاءات مشهود لها محليًا ودوليًا.
وليعلم الجميع أن سمعة الجامعة لا تُبنى بتغريدة أو منشور، بل بصروح من العلم، ومكتبات من الفكر، وعقود من التراكم الأكاديمي، وملايين من الخريجين الذين يشهدون بعراقتها وريادتها.
وختامًا، نقولها بثقة وإيمان:
جامعة بغداد لا تُعرّف… لأنها هي من عرّفت العلم في العراق، وستبقى رغم كل المحاولات، منارةً للمعرفة، وحصنًا للهوية الأكاديمية الوطنية، وبيئةً حاضنةً للبحث والتجديد تحت إشراف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ومتابعة مستمرة من معالي الوزير المحترم ، ودعم مؤسسات الدولة، وجهود أساتذتها وطلبتها وباحثيها الذين يمثلون نبض هذه الأمة.
أ.د.صباح منفي رضا
عميد كلية الادارة والاقتصاد / جامعة بغداد