نظم قسم الاقتصاد ندوة بعنوان ( البيئة الملائمة للاستثمار وموقع العراق في المؤشرات الدولية ) قدم فيها الاستاذ الدكتور ثائر محمود رشيد من قسم الاقتصاد شرحا وافيا لأبعاد البيئة الملائمة للاستثمار في العراق واهم القوانين واللوائح الخاصة بالموضوع ووجوب توفير بيئة سياسية وقانونية واقتصادية وتشريعية لتدفق الاستثمار بين الدول والتي تعد شروط تشكل المناخ الاستثماري.
وعرض تجارب البلدان المجاورة في الموضوع وخرجت الندوة بمجموعة من التوصيات والاستنتاجات اهمها
اهم الاستنتاجات والتوصيات الخاصة بالندوة
1. وفقا لظروف ومستجدات البيئة الاقتصادية والسياسية العالمية أعادت العديد من دول العالم النامي النظر بقوانينها وتشريعاتها الاقتصادية ولاسيما في الاستثمار ومكانة النشاط الخاص وتحجيم دور الدولة وقطاعها العام في النشاط الاقتصادي انسجاما مع ما يدعو إليه صندوق النقد والبنك الدوليين من وصفات وإلزام البلدان المدينة بوجوب إتباعها لإعادة جدولة ديونها.
2. سنت العديد من بلدان العالم قوانين بهدف جعل بيئتها الاقتصادية أكثر تنافسية وجاذبة للاستثمار الخاص ،ولتحقيق هذا الهدف عملت تلك الدول ليس على إزالة عوائق الاستثمار فحسب بل على تقديم الحوافز المغرية لاجتذاب قطاع الإعمال، وعليه كانت تلك الجهود قد توافقت على إبرام الكثير منها اتفاقيات ضمان الاستثمار الدولية واكتساب عضوية منظمة التجارة العالمية وما في ذلك من وجوب الالتزام باتفاقية تدابير الاستثمار وشرط المعاملة الوطنية, وأصبحت حتى الدول الصغيرة الحجم تقدم نفسها للمستثمر وتبحث عن مزاياها النسبية في مجالات عدة سواء كميناء للتصدير ومستغلة موقعها الاستراتيجي أو السياحي أو المالي أو من حيث توافر رأس المال البشري.
3. من خلال استخلاص تجارب الدول المختارة تأكد وجود علاقة جدلية بين توفير البيئة الاستثمارية الملائمة ونمو وتطور قطاع الإعمال وعوامل جذبه. حيث اخذت حكومات تلك الدول بمفهوم البيئة الملائمة ومعاييرها الأساسية, فالأمر لا يتعدى سن قانون للاستثمار فحسب , وإنما وجوب توفير بيئة سياسية وقانونية واقتصادية وتشريعية لتدفق الاستثمار بين دولة وأخرى والتي تعد شروط تشكل المناخ الاستثماري.
4. إن كافة المؤشرات الخاصة بالقطاع العام في العراق توكد وجود ( تناقص في مستويات الإنتاجية والنمو وتدني مستمر في معدلات جودة المنتجات وتحقق خسائر ووجود بطالة مقنعة ) دون التوصل لحلول وفلسفة خاصة بعملية الإصلاح الاقتصادي ومسألة إعادة التأهيل وما ينبغي إن تكون عليه.
5. بالرغم من ترويج ودعوة العراق الى أجراء إصلاحات اقتصادية موضوعها الرئيس تحقيق لامركزية في آلية صنع القرار وإتاحة الفرصة لمؤشرات السوق والمبادرة الخاصة بان تلعب دوراً اكبر في تخصيص الموارد ، ومنح مؤسسات الدولة مزيداً من الاستقلال في التخطيط لعملياتها وتخفيف القيود لفسح المجال إمام الإدارة الذاتية ،إلا إن هذه الإصلاحات ماتزال تتطلب شروطاً وبيئة مهيأة لتحرير الاقتصاد من المركزية إلى اقتصاد السوق.
6. المبالغة في تعقيدات وطول مدة الإجراءات الحكومية وتعددها على صعيد الإعمال في العراق مما يشكل عامل يدفع برجال الإعمال بالعزوف عن الاستثمار.
7. ضعف القاعدة المعرفية والمعلوماتية والتكنولوجية للقطاع الخاص مما عمق من انعدام قدرته على استيعاب متغيرات السوق العالمية المتسارعة ومواكبتها كإحدى عناصر المنافسة والنفاذ إلى الأسواق الخارجية.
8. إن تبني وإطلاق التصريحات المتتالية حول الاستثمار في العراق لا يجوز أن يرتبط بهموم ومشكلات تتعلق بفجوة الادخار – الاستثمار وفق منظور خطة التنمية القومية فحسب وإنما يجب أن ينظر إليه في إطار إصلاح سياسي واقتصادي وإداري شامل.
9. يجب ان لا نتوقع دخول كبير وقوي للاستثمارات الأجنبية الكبيرة بالكمية والقيمة التي تستطيع إن تنهض بالاقتصاد العراقي بالسرعة المطلوبة لمواجهة التحديات الاجتماعية والسياسية التي يفرضها الواقع الاقتصادي المتردي بالاستناد الى مؤشر سهولة ممارسة الاعمال والمؤشر المركب لمناخ الاستثمار.
10. أدى عدم التنسيق بين الوزارات والجهات القطاعية إلى استقلال كل واحدة منها في ممارسة صلاحياتها يشكل يتقاطع بين صلاحيات منها ازاء الأخرى . بحيث ان تنفيذ قانون الاستثمار يواجه مشكلة التفسير الواسع للمواد القانونية التي لا تنسجم مع سياسة جذب الاستثمار للمواد القانونية.
11. إن توفر الأموال الاستثمارية في العراق بالرغم من كونها ضرورية لكنها غير كافية وحدها لاتخاذ قرار بالاستثمار وذلك لوجود محددات تحد من قدرة الاقتصاد على الاستثمار ، منها عدم وجود البنية التحتية (كالنقل والمواصلات والاتصالات والكهرباء والماء والمجاري والموانئ والمطارات ومؤسسات التعليم والصحة) والخدمات العامة وكذلك النقص في مؤسسات التدريب للارتقاء باليد العاملـة ونشر المعرفة التكنولوجية . فضلا عن ضعف الجهاز المالي والمصرفي والتي تشكل عوائق أساسية وكابحة للحد من ولوج الشركات المحلية والأجنبية للاستثمار في العراق.
12. إن العولمة والتغييرات التكنولوجية ودورات الإنتاج القصيرة والأشكال الجديدة في تنظيم العمل أدت جميعها إلى تغيير البيئة المحفزة للاستثمار الخاص في العراق حيث قلة العوائد وارتفاع كلفة المخاطرة . فالمشروعات الخاصة غير قادرة على التنافس للاحتفاظ بحصتها السوقية في ظل إغراق السوق وتوقف العديد من المشاريع جزئيا او كليا عن العمل في ظل عدم توحيد وغياب المواقف والسياسات الحكومية تجاه دعم تنافسية الإنتاج المحلي.
13. ظهور موجة جديدة من هجرة رأس المال البشري ورؤوس الأموال إلى الخارج بسبب عدم توافر بيئة لتحفيز رأس المال على الاستثمار, بحيث أخذت تعاني اغلب هذه المشروعات من تآكل وحداتها ومكائنها بسبب قدمها فضلاً عن عدم توفر رأس المال التشغيلي اللازم وغياب الدعم المالي والتكنولوجي والانفتاح التجاري وإغراق السوق بالسلع فنجد من الصعوبة بمكان معاودة الإنتاج تحت ظروف المنافسة التجارية اللامتكافئة.
14. أوضح مؤشر الحرية الاقتصادية والذي يعكس درجة التضييق الحكومي على الحرية الاقتصادية , ويغطى183 دولة عام2010 من بينها والذي ويستند الى((السياسة التجارية ووضع الإدارة المالية لموازنة الدولة , وحجم مساهمة القطاع العام في الاقتصاد, السياسة النقدية ولاسيما مؤشر التضخم, تدفق الاستثمار الخاص المحلي والأجنبي- وضع القطاع المصرفي والتمويل, مستوى الأجور والأسعار , حقوق الملكية الفكرية , التشريعات والإجراءات الإدارية والبيروقراطية, أنشطة السوق السوداء )). فعند تطبيق هذا المؤشر فان العراق يقع ضمن تصنيفها بالموقع(154) حيث انعدام الحرية الاقتصادية.
1. إن القرارات الصائبة لقطاع الإعمال ستكون بحاجة إلى وجود نظام مالي شفاف يرفع من مستوى ثقة المستثمر ويقنعه بتوجيه استثماراته نحو المجالات التي ستزيد من حجم الطاقات الإنتاجية أو تزيد من فرص التشغيل . فمن الضروري العمل على توفير الائتمان من خلال تسهيل إجراءات الحصول عليه ولاسيما فيما يتعلق بمسالة الضمان التي تتركز في معظمها بالعقارات.
2. إن العراق بحاجة ماسة إلى استراتيجية طويلة المدى لتطوير قدرته التنافسية ترتكز على محاور اهمها (( تحقيق الاستقرار – الإصلاح الاقتصادي – تحسين الإنتاجية )) كون تحقق الاستقرار يعد البداية لكل الجهود التي يمكن أن تبذل ، أما الإصلاح فهو ضرورة لإعادة هيكلة الاقتصاد وتنويع النشاط الاقتصادي ، أما الإنتاجية فهي المحور الاساس لرفع القدرة التنافسية للقطاعات الاقتصادية بان يقوم قطاع الأعمال بالاستثمار أكثر فأكثر في مجال تحسين الإنتاجية من خلال ما يتمتع به من مزايا في إدخال وتحسين الماكينات والمعدات وتدريب العاملين.
3. لا بد من اتخاذ إجراءات من شأنها أن تنمي الاستثمار وتزيل المعوقات أمام التجارة وأعمال الشركات . كإنشاء صندوق لتشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة وذلك للمساعدة في جذب الاستثمارات الخاصة وتدفق رأس المال الخاص. وتنظيم عمليات التعاقد الحكومي لتشجيع القطاع الخاص وتقديم المعونة الفنية لدعم المؤسسات الحكومية لتجميع المعلومات الخاصة بمناخ التجارة والاستثمار وكذلك دعم المؤسسات الخاصة لحل الاختناقات القائمة, كذلك ضرورة دعم الدولة للقطاع الخاص بسبب عدم امتلاكه الملاءة المالية والاقتصادية والوسائل الضرورية لتمويل المشروعات المتوسطة والكبيرة . ولم يمتلك بعد أية مقومات لإنجاز واتمام عملية تمركز رأس المال الضرورية لاستكمال سيطرة النمط الرأسمالي للإنتاج , وتأسيسا على ما تقدم ينبغي التأكيد على دور الدولة في الإصلاح لدعم اتجاهات اقتصاد السوق وبناء قواعده وإقرار وإنفاذ القوانين.
4. تفعيل القطاعات الإنتاجية في العراق سواء الصناعية أو الزراعية والخدمية وإعادة تأهيلها من خلال اعتماد مبدأ الشراكة مع القطاع الخاص ، لذلك فإنه من المطلوب التفكير في وضع برنامج متكامل من الأنشطة يساعد على التنمية الصناعية ووضع برنامج متكامل لدعم أنشطة الأعمال الزراعية والخدمات كذلك يجب على صانعي السياسات ان يصمموا سياسة زراعية وصناعية حكومية من شانها التركيز على مجموعة منتقاة من المشاريع تتمتع بالحماية والدعم الحكومي من اجل حيازة التكنولوجيا والتدريب والنفاذ الى الاسواق ونشر المعلومات وتقديم القروض باسعار فائدة منخفضة وذلك لتمكينها من النمو والمنافسة .
5. قيام الحكومة بإلزام مشروعات القطاع العام بتقديم المعلومات الفنية والتكنولوجية والتسويقية اللازمة لنجاح المشروعات الخاصة واستخدام منتجات المشروعات الصغيرة والمتوسطة لضمان الجانب التسويقي لها ، فضلا عن تقديم امتيازات وإعفاءات واعانات ملموسة من جانب الحكومة سواء على صعيد مستلزمات الانتاج او المنتج النهائي.
6. من أجل نجاح عملية الخصخصة في العراق ، يجب وضع إستراتيجية واضحة المعالم تتضمن التزام الجهات المعنية ببرامج الخصخصة وتشجيع القطاع الخاص في التوجه نحو الاستثمار وتوسيع وتنويع أنشطته ، بما يجعله أكثر اطمئنانا وثقة فضلا عن التنوع في استخدام أدوات التحول بين أكثرها شمولا كتصفية المؤسسات العامة وبين بيع أسهم المؤسسات للعاملين وصغار المستثمرين.
7. معالجة الارتباك في السياسة التشريعية واعادة الاعتبار للتسلسل التشريعي ، اذ ينبغي تمكين مجلس شورى الدولة من معالجة التعارض بين التشريعات الجديدة فيما بينها وبين التشريعات السابقة لها بواسطة التفسير التوافقي بما يساعد على تنفيذ هذه التشريعات من خلال التنسيق فيما بينها وبما يعالج تعارضها . فضلا عن الزام الوزارات والجهات القطاعية بعرض مشاريع قوانينها على مجلس شورى الدولة لعلاج العيوب الصياغية والتشريعية التي تنتابها بغية الحفاظ على سياسة تشريعية متنافسة في العراق.
8. توفير قاعدة بيانات والمعلومات الدقيقة لدى المستثمرين تتعلق بطبيعة عمل القطاع الخاص وصميم نشاطه والاستثمارات التي يمكن ان يضطلع بها وفقا لمسار انمائي محدد تحقيقا للهدف العام للتنمية.
9. توفير الحماية للمنتجات المحلية تقوم من خلالها بزيادة كفاءتها التقنية وبتحسين ميزتها التنافسية والغاء الحماية تدريجياً عن الصناعات المتقاعسة .اذ ان مدة الحماية الطويلة تكون مرتفعة للمحافظة على الارباح المرتفعة ( الاصطناعية ) للشركات المحمية والتكاليف الاعلى للمدخلات المستوردة.
10. استخدام نظام اسعار الصرف المتعدد كأحد الحوافز المعتمدة لتنمية الصادرات ففي ظل هذا النظام يحدد سعر صرف منخفض عن سعر الصرف السائد يستعمل لتغطية مستلزمات الانتاج المخصصة للتصدير من اجل خفض كلفة الانتاج.
11. الاهتمام بالمجمعات التجارية والصناعية والتي تعد بيئة حاضنة لكل الإعمال والمشروعات المبعثرة جغرافيا والتي بعيدة عن أنظار الدولة وتوفير الحوافز الاستثمارية.
12. وفيما يتعلق بالموقع الشبكي الأساسية فينبغي :
أ. اعداد توقعات صحيحة باحتياجات المستثمر ، ومراعاة اهتمامات المستثمرين بإتاحة المقارنات والبيانات والإحصاءات وتقديم خدمة سريعة وسهلة للاتصال بالهيئة.
ب. لتواجد الدائم والقدرة على التواصل والاستعداد للرد على كافة الاستفسارات والاستجابة للطلبات والتعامل مع الاستفسارات . مع الوقوف على الأسباب الكامنة وراء انسحاب المستثمر او العدول عن فكرة تنفيذ المشروع او الاستمرار فيه وذلك لغرض تحسن الاداء وضمان عدم تكرار ذلك مستقبلا.