الطالب: حسن لازم لفته المشرف :أ. د. محمود محمد داغر
تمت في كلية الادارة والاقتصاد جامعة بغداد ، مناقشة رسالة ماجستير في تخصص الاقتصاد للطالب ( حسن لازم لفته ) بأشراف أ. د. محمود محمد داغر عن رسالته الموسومة (الدَّين المصرفي وقيد الاقتراض المصرفي في العراق )
يعتبر الدَّين العام ملجأ مهم للحكومات لترميم العجز الحاصل في موازينها العامة خصوصاً في الدول النامية بعد عجز الايرادات جراء الضعف الحاصل في الانظمة الضريبية وكذلك اعتماد بعض الدول النفطية بشكل كبير على الايرادات النفطية، ومن المعلوم ان هذه الايرادات تكون دائماً عرضة للتقلب بسبب عوامل عديدة ، وهذا بدوره ينعكس على موازين هذه الدول فتلجأ الى الاعتماد على الدَّين العام بشقيه المحلي والخارجي .
تتجه الدول التي تعاني من عجز في الموازنة الى الاقتراض عن طريق عرض الاوراق المالية والتي تعد من ادوات الدَّين المهمة التي تستعين بها الدول النامية والمتقدمة ، ان نسبة الدَّين العام الى الناتج المحلي الاجمالي في بعض الدول كاليابان تصل الى 130% ويعود ذلك الى ان الدَّين العام يوظف في جانب الاستثمار وبالتالي زيادة في الناتج المحلي الاجمالي وبالتالي النمو ، اذأ تتحقق الايجابية في الدَّين العام اذا وظف في جانب الاستثمار ، ويحدث العكس اذا وظفت في الجانب الآخر وهو الاستهلاك وهذا يعني تحمل الاجيال القادمة عبء الدَّين العام .
ان قيام الدول بتمويل الدَّين يحتاج الى قدرة مالية لدى المصارف الواقعة ضمن جهازها المصرفي والتي تتفاوت بين الدول من حيث الأداء والالتزام بمعايير السيولة وكفاية رأس المال (القدرة الايفائية) والتي دعت اليها لجنة بازل للانظمة المصرفية والرقابية والتي تشكلت عام 1974م وبقيت تعمل لعدة سنوات الى ان نشرت تقريرها النهائي عام 1988م ومن ثم تبعتها تعديلات تماشياً مع التطورات الحاصلة في النظام العالمي ، بمعنى ان الدَّين المصرفي العام له حدأ معين وهذا الحد يتمثل في قدرة المصارف على تحمل الدَّين المطلوب توفيره منها وهذا يتوقف على الاداء المصرفي والذي بدوره مرتبط بسيولة وكفاية رأس المال المصارف وفي الوقت نفسه يؤثر الوعي المصرفي لدى الجمهور على قدرة المصارف في منح القروض ايضاً ، اذ تعاني كثير من الدول من ضعف في الوعي المصرفي وهذا مقيداً للمصارف ايضاً .
يدخل البنك المركزي العراقي عن طريق ماموجود لديه من احتياطيات اجنبية ممولاً بذلك العجز الحاصل في الموازنة العامة وذلك عن طريق الحوالات المخصومة ، وبالتالي يمكن القول ان دين البنك المركزي العراقي للحكومة يدخل ضمن الدَّين العام الداخلي ، هذا يعني انه يشكل قيداً على الدَّين المصرفي العام .
مشكلة البحث :
يعاني العراق من عجز في موازنته العامة في السنوات الاخيرة وهذا يتطلب توفير التمويل اللازم ، ويمكن ان يجد هذا التمويل طريقه من خلال جهازه المصرفي ، ولكن هناك مشكلة تجعل هذا الدَّين محدد بقيود منها السيولة وكفاية رأس المال المصرفي والاحتياطيات الاجنبية للبنك المركزي العراقي ، والتساؤلات التي تقدم هنا :
- هل توجد علاقة بين الدَّين المصرفي العام والسيولة المصرفية ؟
- هل توجد علاقة بين الدَّين المصرفي العام وكفاية رأس المال ؟
اهمية البحث :
تأتي اهمية البحث من خلال اهمية متغير الدَّين المصرفي العام والمتغيرات التي يؤثر بها (السيولة المصرفية وكفاية رأس المال والاحتياطيات الاجنبية لدى المركزي العراقي) ، كون هذه المتغيرات تتأثر بتغيرات الدَّين المصرفي.
كذلك تأتي اهمية البحث في الدَّين المصرفي العام لما تعانيه الموازنة من عجز واضح في السنوات الاخيرة وحاجة الحكومة الى تمويل نفقاتها خصوصاً ان الموازنة تعتمد بنسبة كبيرة على الايرادات النفطية في تمويل نفقاتها ، يقابلها ضعف كبير وواضح في جانب الايرادات الضريبية ، وبكل تأكيد يدخل البنك المركزي العراقي كمقرض رئيس للحكومة وذلك عن طريق الحوالات المخصومة او السندات (السوق الثانوي) ، وبما ان السيولة المصرفية وكفاية رأس مال للمصارف والاحتياطي الاجنبي لدى المركزي العراقي تمثل قيداً على الدَّين العام ، وبالتالي لابد من دراسة هذه المتغيرات ومعرفة مدى تأثرها بالدَّين المصرفي العام.
وقد توصلت الدراسة الى العديد من الاستنتاجات اهمها :
- قبول فرضية البحث القائلة بوجود علاقة عكسية بين الاحتياطي الاجنبي والدَّين المصرفي ، اذ ادت زيادة الدَّين المصرفي (حوالات وسندات الخزنية) من البنك المركزي يؤدي الى انخفاض جزء من الاحتياطي الاجنبي.
- مساهمة المركزي العراقي بنسبة كبيرة في عملية الدَّين المصرفي للمدة (2017-2014) ، عن طريق خصم الحوالات في السوق الثانوي ، اذ بلغت مساهمة المركزي (63%) من اجمالي الدَّين المصرفي عام 2017 ، في الوقت الذي كان فيه البلد بأمس الحاجة إلى هذا التمويل لمواجهة الارهاب ، وهو مايعني وجود حاجة للتمويل مع وجود خطر يمس الأمن القومي.
- سيطرة شبه تامة للمصارف الحكومية على عملية الدَّين المصرفي الخاص بالجهاز المصرفي (كافة المصارف) ، حيث تكفلت ثلاث مصارف حكومية (الرافدين ، الرشيد ، TBI) بنسبة كبيرة من عملية الدَّين المصرفي العام ، اذ بلغت مساهمة المصارف الثلاث 96.21%)) عام 2017.
- تعاني المصارف الحكومية وبالخصوص مصرفي الرافدين والرشيد ، من تدني نسبة كفاية رأس المال (12%) ، اذ وصلت في بعض السنوات الى اقل من 1% لمصرف الرافدين ، وهو مايضعها موضع المخاطرة.
ومن خلال الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة قدم الباحث عدد من التوصيات اهمها :
- ضرورة إشراك بقية مصارف القطاع المصرفي في عملية الدَّين المصرفي لتقليل العبء الواقع على المصارف الثلاث (الرافدين ، الرشيد ، TBI) ، كون ان نسبة مشاركتها (بقية المصارف) تكاد ان تكون معدومة ،اضافة الى تمتعها بنسبة عالية من كفاية رأس المال.
- ضرورة تحسين نسبة كفاية رأس المال بالنسبة للمصارف الحكومية ، ذلك انها مسيطرة وبشكلٍ كبير على عملية الدَّين المصرفي ، فان هناك طريقين لتحسين هذه النسبة ، وذلك اما عن طريق تخفيض جزء من الموجودات (او الموجودات عالية المخاطر) او زيادة رأس المال.
- العمل على توظيف نسب السيولة العالية بالنسبة للقطاع المصرفي ، او من خلال الزام المصارف بنسب عليا ونسب دنيا للسيولة المصرفية.
- على الرغم من تجاوز حجم الاحتياطي للمعايير الدولية ، الا ان هناك ضرورة للحفاظ عليه ، كون ان العراق يعتمد بشكل اساسي على الاستيرادات لغرض الايفاء بمتطلبات السلع الاساسية.