الطالبة : بشرى جواد مهدي المشرف : أ. م.د. صباح نعمة علي
تمت في كلية الادارة والاقتصاد جامعة بغداد ، مناقشة رسالة ماجستير في تخصص الاقتصاد للطالبة ( بشرى جواد مهدي ) بأشراف أ. م. د. صباح نعمة علي عن رسالتها الموسومة (برامج صندوق النقد الدولي وانعكاساتها على اقتصادات بلدان مختارة مع إشارة إلى العراق)
لقد خضعت البلدان النامية لضغوط المؤسسات المالية الدولية كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، والتزمت ببرامج الإصلاح الهيكلي المعدة من قبل تلك إلا أن الوصفات العلاجية التي قدمتها لغرض معالجة الأوضاع الاقتصادية لتلك البلدان، لا تهدف إلا لإخضاع هذه البلدان لتلك المؤسسات المالية الدولية و جعلها مطيعة لأوامرها و منفذة لمطالبها ، أدت إلى سلب إرادتها الوطنية وتفاقم مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية ، كالفقر والبطالة وانخفاض في معدلات الناتج المحلي الإجمالي والديون وفوائدها إلى أن يستمر الوضع بوقوعها في ما يسمى بفخ المديونية.
إن الإصلاحات الاقتصادية التي اقترحها صندوق النقد والبنك الدوليين ، لم تؤد إلى تحقيق الرخاء والرفاهية الاجتماعية في البلدان التي طبقتها، وإنما أسهمت في تفكيك هياكلها الاقتصادية القائمة ، فمن الناحية الاقتصادية ، تقلص الأنفاق التنموي العام في الثمانينيات ، عقب أزمة المديونية، مما كان له آثار مدمرة في البني الأساس ، كما أن البلدان النامية لم تعد قادرة على خلق فرص عمل كافية لاستيعاب العدد المتزايد من القوى العاملة، في حين أن معالجة الأزمة يتطلب مستويات من الاستثمار لا تستطيع توفيرها . إما من الناحية الاجتماعية فأن المؤشرات الاجتماعية تشهد تدهوراً شاملاً ، منها انخفاض مستويات التعليم والصحة وانخفاض في مستويات المعيشة .
أهمية البحث: تأتي أهمية الدراسة من كون البلدان عينة البحث (الأردن والإمارات العربية المتحدة وتونس وكوريا الجنوبية وسنغافورة ) اعتمدت كثيرا على برامج الإصلاح الاقتصادي للتغلب على العقبات الرئيسة التي تزيد من الاختلال في هياكلها الإنتاجية والاقتصادية. وكذلك التعرف على الآثار الناجمة التي أحدثتها برامج الإصلاح الاقتصادي في مؤشرات النمو الاقتصادي من خلال تحليل و تقييم تلك البرامج في مؤشرات النمو الاقتصادي فيها.
مشكلة البحث: تعاني اغلب اقتصادات البلدان النامية الكثير من التحديات سواء على الصعيد الداخلي أم الخارجي المتمثلة بالاندفاع نحو آليات جديدة للاقتصاد الرأسمالي واقتصاد السوق التي تحملها المؤسسات المالية الدولية على وفق شروطها، او تصطدم بضعف قدرتها على تكييف هذه السياسات في ضوء الضغوط الخارجية ومصالحها الوطنية لتحقق أهدافها من الإصلاح الاقتصادي فضلاً عن ضعف في مؤسساتها المالية والنقدية , وتقوم مشكلة الدراسة في مدى فاعلية الإصلاحات الاقتصادية في تحقيق النمو الاقتصادي في البلدان المختارة قيد البحث.
وقد توصلت الدراسة الى مجموعة من الاستنتاجات اهمها :
تعاني البلدان النامية من غياب إستراتيجية للتنمية الشاملة وهي عاجزة من امتصاص الصدمات الخارجية والتطورات في الاقتصاد العالمي بفعل أنماط التنمية المتبعة التي تسند على التبعية للخارج. لم تحقق زيادة ملموسة في معدلات النمو الاقتصادي عند اعتمادها على برامج الإصلاح الاقتصادي لصندوق النقد الدولي والرضوخ لشروطها بالرغم من الآثار الايجابية للإصلاح الاقتصادي على المستوى العالمي وإنما أسهمت في تفكيك هياكلها الاقتصادية القائمة وتحملها إجراءات التكييف والتثبيت الاقتصادي ما يفوق طاقاتها ، وفشل الحكومات وقوى السوق في ضمان ما يكفي من الخدمات الاجتماعية وتخفيف الفقر والعدالة في توزيع الدخل .
2- تتباين تأثير الإصلاحات الاقتصادية لبرامج صندوق النقد الدولي للبلدان عينة الدراسة (الأردن والإمارات العربية المتحدة وتونس وكوريا الجنوبية وسنغافورة) عند تبنيهم تلك الإصلاحات من قبل صندوق النقد الدولي, وانعكاسها على معدلات النمو الاقتصادي إزاء كل منهم.
3- لم تستطيع الأردن أن توفر ما يكفي لتلبية الاحتياجات الاستثمارية والتي تتطلبها عملية التنمية كما إن التمويل الخارجي في ظل سياسات الإصلاح الاقتصادي من قبل صندوق النقد الدولي لم تساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي أو إحداث تقليص في فجوة الموارد المالية إذ استمر الاعتماد على الخارج في تمويل الاستثمارات المحلية وتلبية الاحتياجات الاستهلاكية.
4- إن النمو الاقتصادي في الأردن بقيت مستقرة على المدى المتوسط إذ أن التحدي الرئيس الذي تواجهه الحكومة الأردنية ما يزال يتمثل في توفير فرص العمل وضبط العجز المالي إذ بلغت نسبة البطالة نحو 18.2 % عام 2017، كما إن الموازنة العامة لعام 2018 تضمنت مزيدا من الأعباء المالية بسبب ارتفاع الأسعار وأسعار النفط بالرغم من اتخاذ إجراءات صعبة عن طريق زيادة الضرائب بفعل ارتفاع كلفة استضافة أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين التي أثرت في أوضاعها المالية.
ومن خلال الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة قدم الباحث عدد من التوصيات اهمها:
يحتاج الأردن وتونس إلى إتباع رؤية وإستراتيجية وطنية تأخذ بعين الاعتبار التحديات التي يواجهها ورفض برامج المواءمة الهيكلية التي يعمل بها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في رؤيتهما للإصلاح والاهتمام بإصلاح الإدارة وتصحيح الوضع الاقتصادي في أجهزة الدولة والذي يتطلب تعديل وإنجاز استقرار اقتصادي كلي، و التركيز على القوانين والتشريعات في عملية الإصلاح الاقتصادي والإداري.
2-ينبغي على الحكومة العراقية أن تقوم بالتدريج في تحسين عناصر التصحيح المالي من خلال تخفيض الإنفاق الجاري وزيادة الإيرادات غير النفطية والعمل على إصلاح القطاعات الاقتصادية التي تعزز الناتج المحلي الإجمالي وفسح المجال أمام الإنفاق الاستثماري تتميز بالكفاءة وفاعلة عالية بما يدعم تحقيق النمو الاقتصادي.
3- العمل على إتباع إستراتيجية وطنية تقوم على تقليل الإنفاق وترشيد النفقات التشغيلية وتقليل الهدر بالمال العام وإلغاء بعض الحلقات الزائدة في إدارة الدولة ودمج بعض المؤسسات في تقديم الخدمات وتعظيم الموارد وترشيد الدين العام منها إعادة الهيكلة في بعض المؤسسات التشريعية والمؤسسات الاقتصادية ذات المردود المالي ورفع مستوى تنويع مصادر الدخل.
4- تحسين البيئة الاستثمارية والأطر القانونية والإدارية اللازمة وتهيئة الكوادر الفنية والإدارية اللازمة من خلال التدريب والتأهيل لتوفير البيئة الملائمة وحوافز الاستثمار والبنية التحتية لجذب الاستثمار الأجنبي وعودة رؤوس الأموال من الخارج وتشجيعها في الاستثمار في البنية التحتية نظرا لضعف الإنفاق الاستثماري الحكومي بوضع خريطة استثمارية تشمل المزايا النسبية لكل منطقة جغرافية تسهم في دعم النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل .