دور القوة التنظيمية في بناء الكفايات الجوهرية
الطالبة : حنين رائد رشيد المشرف : الدكتورة سهير عادل حامد
تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة رسالة الماجستير في تخصص الادارة العامة للطالبة ( حنين رائد رشيد ) عن دراستها الموسومة ” دور القوة التنظيمية في بناء الكفايات الجوهرية – بحث تحليلي “.
ان العالم اليوم يشهد تحولات وتغيرات كبيرة والتي قد تشكل تهديداً او فرصاً للمنظمات وان هذه التغيرات السريعة تحتاج الى قوة بشرية كفؤة و واعية وقادرة على التعامل والتكيف مع هذه التغيرات للحفاظ على المنظمات وبقاءها, فينظر الى المنظمة بانها كيان اجتماعي منظم وهادف ذات تنظيم انساني يتفاعل فيها مجموعة من الافراد لتحقيق اهداف مشتركة , وان مصطلح القوة التنظيمية يتضمن بعدا انسانيا اذا ما استخدم بصورة عادلة تجاه اي فرد من افراد المنظمة فان المنظمات على اختلاف طبيعة اعمالها خاصة او عامة, انتاجية ام خدمية او غير ذلك فأنها تتفاعل مع البيئة الخارجية لتؤثر فيها وتتأثر بها ولذلك هي تحتاج الى تنظيم انساني من اجل توجيه اعمالها وتوفير الخدمات المادية والمعنوية لتحقيق الاهداف التنظيمية وحل المشكلات التي تواجهها.
و تشكل الموارد البشرية اليوم اهم الموارد التي تمتلكها المنظمة ، اذ قد تمتلك المنظمة الموارد المالية الجيدة والتكنولوجية المتقدمة وغيرها من الموارد ، الا انها لا تتمكن من استخدامها بالكفاءة والفاعلية المطلوبة من دون وجود موارد بشرية ذات مهارات مميزة وفريدة ومعرفة جيدة قادرة على توجيهها واستغلالها بالشكل الذي يتوافق مع اهداف المنظمة ، وعليه تبقى كفايات الموارد البشرية هي المحرك الاساسي لكافة النجاحات التي تحققها المنظمات اليوم.
لذا فان مهمة بناء وتطوير الموارد البشرية الموهوبة والتي تمتلك خصائص وكفايات مميزة والحفاظ عليها تشكل اهم التحديات التي تواجه المنظمات في ظل البيئة المعقدة , فعندما تواجه المنظمات بيئة تنافسية تكون الكفايات الجوهرية لها الدور الاساسي في التميز على المنظمات الاخرى لما تحققه من نتائج واغناء العمل وتعزيز الانتاجية والأهم من ذلك تحقيق القيمة المضافة للمنظمة وبناء فرصاً مستقبلية للمنظمة لذلك تسعى المنظمات إلى البحث عن أهم السياسات والنشاطات والمناهج التطويرية التي تمكنها من جذب الكفاءات وتطويرها وتجعلها المنطلق الأساس للتميز والبقاء والاستمرار فضلا عن دراسة سبل المحافظة عليها.
سعى البحث الحالي الى تناول القوة التنظيمية كمتغير مستقل متمثلاً بأبعاده الثلاثة (قوة الخبرة, القوة الهيكلية, وقوة المنزلة) و الكفايات الجوهرية بوصفها متغير مستجيب متمثلاً بأبعاده الخمسة (فريق العمل, حل المشكلات, الاتصالات, التفكير, الروح المعنوية), وتمثلت مشكلة البحث الحالي بما تعاني منه شركة الحفر العراقية من التحديات الكثيرة التي تواجه عملها نتيجة للظروف الحالية التي يمر بها العراق وما تبعه من تغييرات في سياسات الدولة مما تركت اثاراً على نشاطاتها وأهدافها مما ولد ضغطاً نحو أهمية وجود قوة تنظيمية قادرة على تدعيم النشاطات والعمليات التي تساهم في تشخيص الكفايات الجوهرية وتطوريها والحفاظ عليها لكي تسهم بالارتقاء والتفوق في اداء الشركة.
و تبرز الاهمية العلمية من خلال البحث في المتغيرات و التي تعد من الموضوعات الادارية المهمة في مجال الادارة العامة التي تهتم بدراسة علاقة القوة التنظيمية للإدارات العليا وتأثيرها في بناء الكفايات الجوهرية في شركة الحفر العراقية, وبالرغم من قلة وندرة الدراسات والبحوث التي ركزت على الجمع ما بين متغيري القوة التنظيمية والكفايات الجوهرية على حد علم الباحثة الا ان الباحثة حاولت الجمع بين المتغيرين وبذلك هي تسهم في اغناء المكتبة العربية عموما والمكتبة العراقية خصوصا فيما يتعلق بهذا الموضوع.
و لتحقيق اهداف البحث تم اختيار المعاينة القصدية كأسلوب من اساليب المعاينة غير العشوائية في اختيار مجتمع البحث, اذ قامت الباحثة بمسح شامل لآراء العاملين في الادارات الدنيا كمجتمع للبحث في شركة الحفر العراقية التي تمثل احدى تشكيلات وزارة النفط باعتبارها منظمة ادارة عامة وبأنها تعد تجسيداً لذلك المجتمع المناسب لموضوع البحث وكونها استطاعت اثبات قدراتها عبر تسجيلها ارقام قياسية في انجاز العمل والتزامات عالية في مجال السلامة والتي جاءت بعد جهود حثيثة وتدريب مكثف تمكنت خلاله الشركة من حصولها على شهادات (ISO) من قبل مؤسسات ومنظمات عالمية.
من هنا جاءت هذه الدراسة لتتناول موضوعات مهمة وحيوية وقد ركزت على موضوعين هما القوة التنظيمية والكفايات الجوهرية وعلى هذا الاساس جاء هذا البحث بأربعة فصول ، حيث اشتمل الفصل الاول على مبحثين, استعرض المبحث الاول منهجية البحث والثاني شمل على بعض الدراسات السابقة, وجاء تركيز الفصل الثاني للجانب النظري من البحث اذ اشتمل على ثلاث مباحث, خصص الاول لموضوع القوة التنظيمية, بينما أهتم الثاني بموضوع الكفايات الجوهرية في حين ركز المبحث الثلاثة على العلاقة بين متغيرات البحث, اما الفصل الثالث فقد عني بالجانب العملي للبحث مشتملاً على اربعة مباحث, الاول هو تشخيص اهمية متغيرات البحث, وركز المبحث الثاني في هذا الفصل على تحليل علاقات الارتباط بين المتغيرات البحث, والمبحث الثالث خصص لتحليل علاقات التأثير بين متغيرات البحث اما المبحث الرابع اهتم بدور المتغيرات الشخصية لتأثير ابعاد القوة التنظيمية في الكفايات الجوهرية , اخيراً جاء الفصل الرابع بمبحثين, الاول منها كان مخصصاً للاستنتاجات التي تم التوصل اليها , وركز المبحث الثاني على التوصيات.
واعتمدت الباحثة اسلوب البحث التحليلي وتم اعتماد الاستبانة كأداة رئيسية في جمع البيانات والمعلومات المتعلقة بالبحث, ووزعت على مجتمع مكون من(140) فرداً من المستويات الادارية الدنيا في شركة الحفر العراقية وتم اعتماد (110) استبانة فقط من مجتمع البحث, ولتحليل البيانات استعمل البرنامج الاحصائي الجاهز (SPSS), ومن اهم الادوات الاحصائية المستخدمة في التحليل هي: النسبة المئوية , الوسط الحسابي , الانحراف المعياري, معامل الاختلاف, معامل ارتباط بيرسون لاختبار صحة فرضيات الارتباط , والانحدار الخطي البسيط لاختبار صحة فرضيات التأثير.
وتوصل البحث الى مجموعة من الاستنتاجات اهمها ثبت ان القوة التنظيمية لها دور في بناء الكفايات الجوهرية اي كلما ازداد تطبيق القوة التنظيمية زاد من قدرة الادارة العليا للشركة في تنمية وتطوير قدرات العاملين بما يحقق اهداف مستقبلية والارتقاء بمستوى اداء الشركة ومواجهة التحديات مستقبلاً, كما شخص البحث وجود علاقة ارتباط وتأثير بين القوة التنظيمية و الكفايات الجوهرية بشكل عام فضلاً عن وجود ارتباط وتأثير بين المتغيرات الفرعية بين ابعاد القوة التنظيمية والكفايات الجوهرية بمحاورها لذلك تم قبول جميع فرضيات البحث الرئيسة والفرعية.
وانتهى البحث بمجموعة من التوصيات كان من اهمها ضرورة تبني استراتيجية وظيفية لإدارة الكفايات الجوهرية والاستفادة منها بما يضمن نجاح الاستراتيجية وقدرتها على تجاوز التهديدات الخارجية ونقاط الضعف الداخلية للشركة باعتبارها مورداً استراتيجياً يحقق منفعة مستقبلية واعداد برامج تدريبية خاصة ومكافأة الملاكات المتميزة من العاملين وتشجيعهم في تقديم الافكار والحلول الجديدة والمتنوعة واستثمار الموارد البشرية المبدعة وتطويرها والحفاظ عليها لتعزيز الكفايات الجوهرية والارتقاء بمستوى اداء الشركة مستقبلاً.