مشاريع تنمية الاقاليم ودورها في التنمية المحلية في ضوء التخصيصات المالية لغاية عام 2014

الطالب : محمد تحسين طه       المشرف : الدكتورة هنادي صكر مكطوف  

تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة بحث طالب الدبلوم العالي في التخطيط الاستراتيجي للطالب (محمد تحسين طه ) عن دراسته الموسومة ” مشاريع تنمية الاقاليم ودورها في التنمية المحلية في ضوء التخصيصات المالية لغاية عام 2014 – دراسة حالة لمحافظة ديالى “.


بعد احداث عام 2003 التي تعرض لها العراق وما تبعتها من تغييرات في جميع مفاصل ادارة الدولة العراقية, فقد خاضت الوزارات والمحافظات والدوائر التابعة لها تجربة جديدة في العمل التخطيطي  اطلق عليها رسمياً خطة تنمية الاقاليم التي كان الهدف الاساس لها النهوض بالواقع الخدمي والعمراني للمحافظات والأقاليم, وتضمنت الخطة تخصيص ميزانيات للإدارات المحلية ضمن    الموازنات السنوية للدولة لمساعدتها على القيام بالمهام الموكلة اليها ضمن الخطة المذكورة . والملاحظ  خلال السنوات الماضية من عمر الخطة مسألتين مهمتين أولهما تذمر أغلب المحافظات وشكواها من قلة التخصيصات المالية المقدمة من الحكومة المركزية ضمن خطة تنمية الاقاليم , وثانياً فشل الكثير من ادارات المحافظات في ادارة وصرف هذه التخصيصات التي ادعت مسبقاً أنها قليلة وغير كافية لإنجاز مشاريعها.


وبالنسبة لمحافظة ديالى فقد عانت شانها شأن معظم المحافظات العراقية من مشاكل خطيرة عديدة يقف في مقدمتها العمليات العسكرية والقتالية والاعمال الارهابية التي تعرضت لها بعد احداث عام 2003 , اذ عدت من المحافظات الساخنة غير المستقرة امنيا , مما ساهم في تفاقم ازماتها على مختلف الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.


وما يهمنا في البحث الحالي لمحافظة ديالى من الموضوع هو ما قامت وتقوم به ادارة المحافظة في اطار خطط تنمية الاقاليم لخدمة مواطنيها ومدى نجاحها واخفاقها في هذا الجانب , وبيان المعايير المعتمدة لقياس مدى النجاح من عدمه , وهل هناك خطط عمل رصينة وطويلة الأمد يتم فيها تحديد الاولويات والاحتياجات المتنوعة ؟ وما هي نقاط القوة والضعف المسجلة حول الخطط التنموية التي تم اعتمادها ؟.


و يمكن تحديد مشكلة البحث التي تم تناولها من خلال دراسة الحالة لمحافظة ديالى بالتخطيط لمشاريع خدمية مختلفة مع تخصيص مبالغ طائلة بلغت مليارات الدنانير طوال السنوات المدرجة بالبحث  (2010-2013) عبر خطط مشاريع تنمية الاقاليم وانفاقها في مختلف القطاعات الخدمية كالتعليم , الصحة , مشاريع الطاقة الكهربائية , والخدمات البلدية وغيرها ومع ذلك لاتزال المحافظة  تعاني من ضعف حاد في مستوى الخدمات المقدمة من قبل الدوائر المختصة بما لا يتناسب ومجموع المبالغ المالية التي  صرفتها , فضلاً عن عدم نجاح تلك الخطط التنموية في تحقيق تنمية محلية بالمعنى الحقيقي السائد , واقتصارها على تحقيق  جانب واحد او جانبين في احسن الحالات من جوانب التنمية المتعددة ولفترة قصيرة الامد.


يبتغي الباحث من خلال البحث الوصول الى الاهداف الأتية :-

1- تحليل شامل لخطط تنمية الاقاليم لمحافظة ديالى على مدى السنوات المبحوثة وبيان مدى نجاحها واخفاقها في تحقيق الاهداف المخطط لها.

2- تحديد الاسباب الحقيقية الكامنة وراء عدم تحقيق انجاز كامل لمشاريع الخطط التنموية مع توضيح علاقة هذه الاسباب بالتأخر في تحقيق الانجاز.

3- محاولة الوصول الى تحقيق الاستخدام الامثل للتخصيصات المالية عبر خطط مشاريع تنمية الاقاليم , وتوجيه هذه المبالغ بالاتجاه الصحيح , وانفاقها على الوجه الذي يضمن تنفيذ مشاريع تعود بالنفع المستقبلي الدائم طويل المدى وليس منفعة وقتية قصيرة.

4- التخطيط السليم للمشاريع , ووضع أليات وخطط ناجحة من خلال وضع اولويات لتنفيذ المشاريع بحسب الاهمية من خلال دراسة واقع حال المشاريع التي تحتاجها المحافظة والبدا بتنفيذها قبل غيرها بمعنى الاهم ثم المهم.

5- عدم الاكتفاء بتوجيه تخصيصات خطة تنمية الاقاليم لتنفيذ المشاريع التي تقدم الخدمات اليومية ( كما هو سائد حاليا ) والتخطيط نحو تنفيذ مشاريع تخدم التنمية حاضرا ومستقبلا  بمختلف مجالاتها.


و تنطلق أهمية البحث من كونه يبحث ويعالج مشكلة عانت ولا تزال تعاني منها محافظة ديالى تتمثل بالتخطيط السنوي عبر خطط مشاريع تنمية الاقاليم وتبويبها لتنفيذ مشاريع مختلفة لم تثبت كفاءتها وجدواها على مدى السنوات السابقة الا الشي القليل وبالشكل الذي يتناسب مع الاموال المصروفة رغم المشاكل الجمة التي تعيشها  المحافظة وسكانها والمتمثلة بعدم تناسب التخصيصات المالية المقدمة من الحكومة المركزية مع عدد سكان المحافظة الذي يصل للمليون ونصف بحسب الاحصاءات الرسمية , ولا تتناسب كذلك  مع حجم التدمير الذي تعرضت له.




تم تسليط الضوء في البحث الحالي على خطط تنمية الاقاليم لمحافظة ديالى لغرض دراسة وتحليل الخطط المرسومة ومدى نجاحاتها واسباب اخفاقاتها ومدى مساهمتها في تحقيق التنمية المحلية من خلال التحليل الدقيق للمشاريع المنفذة والغير منفذة ونسب الانجاز المتحققة وصولاً لتحقيق اهداف البحث.


ومن هذا المنطلق فقد تم تقسيم البحث لأربعة  فصول , شمل الفصل الاول مبحثين , تضمن المبحث الاول منهجية البحث ابتداءً بمشكلة البحث , واهميته , واهدافه , والعينة المستهدفة بالبحث , واساليب جمع البيانات , بينما تناول المبحث الثاني بعض الدراسات السابقة التي تطرقت لموضوع البحث من حيث تناولهما لمواضيع التنمية المحلية وخطة تنمية الاقاليم لبعض المحافظات , وتضمن الفصل الثاني الجانب النظري الذي شمل مجموعة من المصادر التي تناولت موضوعات المشاريع والتخطيط والتنمية المحلية , اما الفصل الثالث فقد تضمن الجانب العملي الذي تناول محاور عديدة شملت قسم التخطيط في ديوان المحافظة وهيكليته واقسامه ومهامه بوصفه القسم المسؤول في المحافظة عن اعداد وتقديم الخطط التنموية بصيغتها النهائية , والتركيز على تناول خطط ومشاريع تنمية الاقاليم للسنوات  2010 ,2011, 2012 , 2013 بالبيانات والارقام من حيث المبالغ المصروفة ونسب الانجاز المتحققة لقطاعات خدمية محددة خلال المدة المبحوثة , ومن خلال حساب عدد المشاريع المخصصة لكل قطاع مبحوث, ومقارنة الاموال المخصصة مع نسب الانجاز المتحققة أمكن التوصل لفكرة عامة عن مدى مشاركة الخطط التنموية في تحقيق التنمية المحلية سنويا , وتضمن الفصل الرابع اهم الاستنتاجات الني تم التوصل اليها من خلال دراسة الحالة لمحافظة ديالى مع اهم التوصيات التي يراها الباحث ضرورية في سبيل تجاوز نقاط الضعف والممارسات السلبية لبرنامج تنمية الاقاليم من اجل تحقيق اقصى فائدة من البرامج والخطط التنموية.


لعل من اهم الاستنتاجات التي تم تأشيرها على خطط الفترة الماضية ما يأتي :-                                             

1- تركيز الادارة المحلية ودوائرها المركزية على جانب واحد من خطط تنمية الاقاليم والمتمثل بالتخطيط لتنفيذ المشاريع الخدمية حصراً ,واغفالها للجوانب العديدة التي يتضمنها هذا البرنامج والمتمثل بالتخطيط لإحداث تنمية شاملة في المحافظة على الاصعدة كافة والجوانب المتعددة التي يتضمنها مفهوم التنمية.

2- عدم الاستفادة من نتائج الخطط التنموية السابقة والمتمثلة بعدم تحقيق نسبة انجاز كاملة لجميع المشاريع المدرجة بالخطط المتلاحقة رغم توافر التخصيصات المالية , وعدم اجراء تقييم ومراجعة دقيقة وشاملة لأسباب التأخر لغرض تلافيها في الخطط اللاحقة مما سبب الاستمرار في التلكؤ والتأخير في انجاز المشاريع.

3- الملاحظة الجديرة بالاهتمام التي تم تأشيرها على معظم المشاريع تتمثل بان العقبة الرئيسية في تنفيذ المشاريع هي التأخير في الانجاز للأسباب العديدة التي تم ذكرها سابقا , وليس سوء تطبيق المواصفات الفنية , وهذه نقطة ايجابية يمكن احتسابها لصالح ادارة المحافظة وكوادرها والشركات المنفذة باعتبار ان اسباب التأخير يمكن معالجتها بالتدريج وصولا لتلافيها مستقبلاً , بينما سوء تطبيق المواصفات الفنية من الاخطاء الجسيمة التي تترتب عليها اخطاء غير قابلة للعلاج وقد تؤدي الى نتائج وعواقب غير محسوبة.

4- عدم توزيع التخصيصات بين دوائر المحافظة وفق خطة مدروسة تراعي الاولوية والحاجة الحقيقة , فمنها ما تصل تخصيصاتها الى مستوى ما فوق التخمين الى درجة ان تقوم هذه الدوائر بالصرف على امور هامشية وكمالية مبالغ ضخمة سنوياً , بينما بعض الدوائر لم يصلها من الأموال الا القليل من احتياجاتها.


وتم الوصول الى بعض التوصيات ندرج منها :

1- ان عملية التخطيط للمشاريع بمختلف مسمياتها خدمية كانت ام تنموية عملية بالغة الاهمية والدقة , وتحتاج الى توفر عوامل عديدة ومهمة من بينها ان تكون الخطط الموضوعة واقعية وقابلة للتنفيذ ومتناسبة مع القدرات المتوفرة ومدروسة بشكل شامل لغرض الوصول لتحقيق الاهداف المرجوة.

2- من الضروري ان تأخذ الجهات المكلفة بالتخطيط في المحافظة بالحسبان عند اعداد الخطة الخاصة بمشاريعها  الامكانات المتاحة لدى كلا من الجهات المستفيدة (المشرفة على تنفيذ المشاريع ) والجهات المنفذة للمشاريع  (شركات المقاولات ), وهذا يستلزم ان تكون كل من الجهات المشرفة والمنفذة قادرة على تنفيذ الخطة والايفاء بالالتزامات المتوجبة تجاه كلا منهما كالتوقيتات والمواصفات وتوفر الاستحقاقات المالية في اوقاتها المحددة وغيرها.

3- على الادارة المحلية ان توجه جل اهتمامها من خلال خطط تنمية الاقاليم للتخطيط لمشاريع تخدم التنمية المحلية حاضراً ومستقبلاً وذات مردود اقتصادي مادي يسهم في دعم خزينة المحافظة , ويساهم في خلق فرص عمل تقلل نسبة البطالة وتمتص العمالة الزائدة , دون التركيز فقط على تنفيذ المشاريع الخدمية النمطية التي تستطيع الوزارات ان تنفذها من خلال دوائرها المركزية في المحافظة عبر الخطة الاستثمارية لكل وزارة.

4- ضرورة تنوع الخطط التنموية لناحية شمولها لقطاعات متقدمة من المشاريع مثل مشاريع نظم الاتصالات وقطاع المعرفة والتكنولوجيا ,ومشاريع النقل المتقدمة كأنشاء مطار خاص بالمحافظة , وعدم التركيز على تكرار ادراج المشاريع الخدمية ذات الصبغة التقليدية في الخطط السنوية.

Comments are disabled.