تمت في كلية الادارة والاقتصاد / جامعة بغداد ، مناقشة اطروحة الدكتوراه الموسومة ( تحليـل العلاقـة بيـن سعـر الصـرف ومرونـات الطلـب وانعكاسها على هيكل الاستيرادات في العراق) في تخصص الاقتصاد للطالبة (بـان خلـيــل إبـراهــيم) بأشراف الاستاذ المتمرس الدكتوره منـاهــل مصـطـفى عبـد الحمـيــد .
تهدف الدراسة الى تحليل مدى تأثير سعر الصرف في الطلب المحلي على هيكل الاستيرادات من السلع الاستهلاكية – الوسيطة والرأسمالية في العراق للمدة 2010-2021، من خلال التوصل لمرونات الطلب السعرية – الداخلية باتباع منهج اقتصادي جزئي في إيجاد معاملاتها، وتحليل دور أسعار الصرف المتبعة في العراق في دعم الاستيرادات الاساسية للمستهلك واللازمة للإنتاج، والحد من الاستيرادات الكمالية والضارة، والمُنافِسة للإنتاج المحلي، كان الهدف منها التقصي عن الأسباب الحقيقية التي تدعم الاستيرادات بأنواعها.
وتبرز اهمية الدراسة في الجوانب التالية :
- لم توضع أي خطة لانسياب الاستيرادات وفق دراسة الطلب الفعلي عليها من خلال مرونات الطلب السعرية والدخلية بعد عام 2003 وحسب أسعار الصرف المتبعة، إذ يُلاحظ من الأسواق المحلية، أنّها مغرقة بالسلع الاستهلاكية رديئة النوعية، نتيجة الانفتاح التجاري، وسياسات التمييز السعري الممنهجة من قبل الدول المصدرة للعراق.
- كشفت قيم معاملات مرونات الطلب عن تراجع الطلب المحلي على بعض السلع الوسيطة والرأسمالية المستوردة اللازمة للإنتاج المحلي، بسبب الإغراق السلعي والمنافسة، والظروف التي مر بها الاقتصاد، فضلا عن تقلبات أسعار هذه السلع من بلد المنشأ، اضافة لتأثير تغير سعر صرف الدولار/دينار الذي زاد من كلف الاستيراد، مقابل عدم تقديم دعم لهذه الأنواع من السلع.
- تعد مرونات الطلب السعرية والدخلية على الاستيرادات أدوات تحليلية قيّمة لفهم سلوك المستهلكين والمنتجين والمستوردين كذلك، وتستخدم لتقييم تأثير الأسعار والدخل على الاستيرادات، وتوفر رؤى مفيدة حول كيفية الاستجابة، كما تساعد مرونات الطلب على مراقبة تأثير تغيرات أسعار السلع المستوردة على التضخم بما يسمح باتخاذ إجراءات حكومية تمنع ارتفاع الأسعار بشكل مفرط.
- أدّتْ الاختلالات الهيكلية المتمثلة بإنخفاض مساهمة القطاعات الاقتصادية (عدا النفط)، وتذبذب مساهمة القطاع النفطي في تكوين الناتج المحلي الإجمالي، الى اختلال هيكل الاقتصاد ككل، كذلك اختلال الميزان التجاري وبالتالي ميزان المدفوعات، وجعل نمو الناتج مرهوناً بإرتفاع عوائد صادرات النفط الخام لا بنمو قطاعات الاقتصاد الحقيقية الأخرى.
وقد توصلت الدراسة الى عدد من الاستنتاجات اهمها :
- البيئة الخاصة بالوحدة الاقتصادية هي عبارة عن تفاعل كافة المتغيرات سواءً من حيث المستوى العلمي للأفراد العاملين لديها والعلاقات والتفاعلات مع زبائنها ومجهزيها والمنافسون لنفس القطاع او درجات المنافسة فيما بينهم او تأثير الاختراعات التكنولوجية والتقنية او التأثيرات الاقتصادية او التأثيرات الصحية والتي يمكن ان تؤثر في الانشطة الاقتصادية للوحدة الاقتصادية وتوسعاتها المستقبلية.
- للتغييرات البيئية الطارئة التي تحيط بالوحدات الاقتصادية اشكال عدة فقد تكون متدرجة وبطيئة عند تراكم هذه التغيرات البيئية تتحول الى تغييرات كبيرة ، او تغييرات مفاجئة جذرية وكبيرة .
- ان التغييرات البيئية الطارئة التي تحيط بالوحدات الاقتصادية تقسم الى ثلاث اقسام هي التغييرات البيئية الداخلية الطارئة ، التغييرات البيئية الخارجية الخاصة الطارئة ، والتغييرات البيئية الخارجية العامة الطارئة . كما ان لخصائص التغييرات البيئية الطارئة عدة صفات منها : التعقيد ، الاستقرار ، التنويع ، التجانس ، عدم التأكد ، الاعتمادية ، العدائية ، ظروف السوق .
- يمكن للوحدات الاقتصادية اختيار وتبني الاستراتيجية المناسبة التي تمكنها من ادارة الظروف البيئية بكفاءة وفاعلية بوجود ثلاث عوامل : القدرة على التنبؤ البيئي ، المعرفة البيئية ، وعقلانية الوحدة الاقتصادية .
ومن خلال الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة قدم الباحث عدد من التوصيات اهمها :
- ضرورة الوصول الى مرونات الطلب السعرية والدخلية بشكل دوري ومنظم لمتابعة التطورات التي تطرأ على اتجاه الطلب المحلي على السلع المستوردة.
- يكمن الحل الرئيس للاختلالات الهيكلية لبنية الناتج المحلي الإجمالي، في تفعيل قطاعات الانتاج الحقيقي غير النفطي، وتحقيق هدف توسيع قاعدة الإنتاج الحالية في العراق، اذ ان ما يتم الحصول عليه اليوم من عوائد تصدير النفط لا يمكن ضمانهُ مستقبلاً. كما ان إجراءات التكيف البطيئة بعد الصدمات والناتجة عن تقلبات أسعار النفط، لا يجب ان تكون عامل مساعد لمزيد من التثبيط والتأجيل لبِدء مرحلة جديدة في بناء قِطاع حقيقي.
- لابد من ترشيد الانفاق الجاري، وتوجيه فائض عوائد النفط نحو الانفاق الاستثماري على الاستيرادات من السلع الوسيطة والرأسمالية، بما يدعم تكوين قاعدة إنتاجية تحقق التشابك القطاعي في المستقبل، وتقلل الاعتماد على عوائد النفط، على ان تكون أولويات الاستثمار في البنى التحتية.
- تفعيل قوانين منع الإغراق والتمييز السعري والاحتكار وحماية المُنْتَج والمستهلك المحلي، وبسط الحكومة سيطرتها على المنافذ الحدودية، واختيار العناصر الكفوءة والنزيهة في إدارة هذه المنافذ، من اجل تثقيف مسار الاستيرادات، وتقنينها، وفقاً لاحتياجات السوق المحلية الحقيقية.