تمت في كلية الادارة والاقتصاد / جامعة بغداد ، مناقشة اطروحة الدكتوراه الموسومة (تأثير التمويل النقدي في الموازنة العامة تجارب دولية مع التركيز على العراق) في تخصص الاقتصاد للطالب (علي عبد الكاظم دعدوش) بأشراف أ.د. فارس كريم بريهي
تناولت الدراسة سياسة التمويل النقدي كسياسة اقتصادية كلية لمواجهة الازمات في العراق وبعض الدول المختارة ، اذ يعرف التمويل النقدي بكونه تحويل مباشر للأموال من البنك المركزي الى الحكومة المركزية مقابل اوراق مالية حكومية (الحوالات المخصومة) تعطى الى البنك المركزي ، او هو خلق النقود من قبل البنك المركزي لتمويل الانفاق العام وتسييل العجز والدين الحكومي بفائدة منخفضة اذ تكون اقل من فائدة السوق الحقيقي.
وتكمن اهمية الدراسة من خلال اسهام التمويل النقدي في مواجهة الازمات التي تصيب الاقتصاد مثل العجز المالي وارتفاع مستوى الدين العام في العراق ، ومن جانب اخر ، فان التمويل النقدي يؤدي الى تعزيز وتنشيط النمو الاقتصادي في الانشطة والقطاعات الاقتصادية ، لكن كلا الجانبين كإجراءات لعملية التمويل النقدي تتعارض مع استقلالية البنك المركزي العراقي التي تعني عدم السيطرة على المستوى العام للأسعار مما يؤدي الى التضخم .
وقد توصلت الدراسة الى عدد من الاستنتاجات اهمها :
- تعد سياسة التمويل النقدي من السياسات التي واجهت الازمات التي حدث بعد عام 2008 وهو مصطلح جديد يطلق على تمويل البنوك المركزية لنفقات حكوماتها وتسييل العجز في الموازنة والدين العام .
- اظهرت السياسة النقدية دورا مهما في مواجهة الازمات عن طريق ادواتها (التقليدية وغير التقليدية) فضلا عن سياسة التمويل النقدي ، اذ دفعت شدة التحديات الى ان تمارس البنوك المركزية دورا اكبر في الحفاظ على النشاط الاقتصادي .
- يعمل التمويل النقدي الى زيادة القاعدة النقدية الممولة عن طريق الاصدار النقدي الجديد ، وهذا يؤدي الى نتائج باتجاهين ، الاول ايجابي ، اذ يعمل على حفز الاقتصادات حينما يتم توجيه التمويل النقدي لتمويل نفقات الحكومة الاستثمارية ، والثاني سلبي ، اذ يعمل على ارتفاع التضخم حين يمول نفقات الحكومة الجارية .
- لجا بنك الاحتياطي الفيدرالية الى استخدام الادوات النقدية غير التقليدية ، فضلا عن التمويل النقدي نتيجة لتوقف عمل الادوات التقليدية في مواجهة الازمات خصوصا الازمة المالية ووقوع اداة سعر السياسة في فخ السيولة وهذه تعد تحول حقيقي في الية عمل البنوك المركزية في العالم وبهذا نجد ان البنك الفيدرالي يتمتع بمرونة عالية في مواجهة الازمات .
ومن خلال الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة قدم الباحث عدد من التوصيات اهمها :
- ضرورة تحكيم المنطق الاقتصادي عند اللجوء لسياسة التمويل النقدي في العراق ، والاقتصار على ان تكون فقرة الحوالات المخصومة حصرا لتمويل النفقات الحكومية الاستثمارية بما يعمل على استدامة الدين العام وخفض مستويات التضخم في البلاد .
- الابقاء على استقلالية البنك المركزي العراقي كما مبين في قانونه رقم 54 لسنة 2004 بالتالي اعطائه صلاحية الموافقة على التمويل النقدي ام لا وعدم لجوء وزارة المالية الى التمويل النقدي الا وفقا لدراسة او خطة تعمل على حفز القطاعات الانتاجية في البلاد .
- ان السياسات النقدية بعد الازمة المركبة تجاوزت الدور التقليدي لها بالسعي نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي ، بالتالي ان عملية تحديث ادواتها وسياساتها مهم ومفيد في الاوقات الاستثنائية ولا يوجد مبرر الى اللجوء اليها في الظروف العادية ، اذ انها سوف تجد صعوبة في العودة الى استهداف التضخم او السيطرة على الديون الحكومية التي اصبحت تتزايد حتى في الاوقات العادية .
- يجب توقف السياسات المالية التي تحمل قائمة المركز المالي للبنك المركزي العراقي اصداراَ لمطلوبات نقدية كبيرة مقابل موجودات ائتمانية محلية تضعف الثقة بالعملة ، اي يجب ان يكون مقابل الحوالات المخصومة موجودات وليس مجرد اوراق (كوبون) مالية .