تمت في كلية الادارة والاقتصاد / جامعة بغداد ، مناقشة اطروحة الدكتوراه الموسومة (دور الإصلاحات البنيوية للإيرادات العامة لمواجهة قيد الموازنة في العراق) في تخصص الاقتصاد للطالب (ايمن طلال ذياب ) بأشراف أ.د. عماد محمد علي
يهتم البحث بالإصلاح البنيوي للايرادات العامة كوسيلة رئيسية لتقليل قيود الموازنة في الاقتصاد العراقي، اذ يهدف في تحليل دور الإصلاح البنيوي للإيرادات العامة في مواجهة قيد الموازنة في العراق خلال المدة (2004–2023)، وذلك من خلال تشخيص الخلل القائم في هيكل الإيرادات العامة، التي تعيق قيد الموازنة في العراق ،فضلا عن تأثير الإصلاح في تقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية (تعزيز الإيرادات غير النفطية)،ومامدى تأثيره على قيد الموازنة ، إلى جانب تقييم قدرة هذه الإصلاحات على مواجهة الضغوط المالية الناتجة عن العجز والدين العام والتقلبات الاقتصادية.
اما الأهمية الاقتصادية للبحث فتنبع من الحاجة الملحة إلى معالجة الخلل الهيكلي الذي يعاني منه الاقتصاد العراقي نتيجة اعتماده المفرط على الإيرادات النفطية، وما يترتب على ذلك من هشاشة مالية تجاه الصدمات الخارجية. ويسعى البحث إلى إبراز دور الإصلاحات البنيوية للإيرادات في تعزيز قدرة الدولة على تعبئة الموارد العامة بشكل أكثر كفاءة وعدالة، بما يسهم في تقليص العجز المالي، وتحقيق الاستدامة في تمويل الإنفاق العام، وتخفيض الحاجة إلى الاقتراض الداخلي والخارجي، والقدرة على تخفيف الضغوط التي تفرضها قيد الموازنة على الاقتصاد العراقي.
وقد توصلت الدراسة الى عدد من الاستنتاجات اهمها:
- استنتج البحث بالرغم من أهمية الإصلاحات، الا ان العراق يواجه تحديات كبيرة في التنفيذ بسبب مشكلات مثل نقص التمويل، ضعف البنية التحتية، الفساد، وقلة الخبرات الإدارية التي تؤثر على فعالية الإصلاحات، وفي المقابل الاصلاحات المالية العراقية غالبًا ما تتجه نحو المعالجات الآنية (الارتجال المالي) بدلاً من الإصلاحات الهيكلية طويلة الأجل، حيث يتم اللجوء إلى حلول مؤقتة مثل التوسع في الاقتراض أو إصدار سندات داخلية لتغطية العجز، دون تغيير جوهري في بنية الاقتصاد أو إصلاح منظومة الإنفاق والإيرادات. هذا النهج يؤدي إلى تفاقم الاختلالات المالية على المدى البعيد، ويُضعف من قدرة الدولة على تحقيق الاستدامة المالية وتجاوز الصدمات الاقتصادية.
- على الرغم من أن خطط الإصلاح البنيوي للإيرادات العامة في العراق طُرحت ضمن الرؤى الحكومية والاستراتيجيات المالية، خصوصًا بعد الأزمات النفطية المتعاقبة، فإن تطبيق هذه الخطط ظل في الإطار النظري، دون أن يتحقق أثر ملموس على مستوى تنويع مصادر الإيرادات العامة. فقد أظهرت المؤشرات الاقتصادية استمرار هيمنة الإيرادات النفطية على إجمالي الإيرادات العامة، حيث بلغت في اغلب السنوات أكثر من 90% من إجمالي الإيرادات، بل وارتفعت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بصورة كبيرة والتي تعكس هشاشة القاعدة المالية غير النفطية.
- يعاني الاقتصاد العراقي من ضعف مساهمة الإيرادات الضريبية مقارنة بالإيرادات النفطية، لو حظ ان الإيرادات الضريبية اتسمت بضعف في المساهمة الفعلية في الإيرادات العامة ولم تتجاوز 8% كأعلى نسبة على طول مدة البحث من الإيرادات العامة وهذا يدل على ضعف كفاءة النظام الضريبي في العراق.
- يتضح من تحليل البيانات أن التحسن الجزئي في نسبة الإيرادات الضريبية الى الإيرادات العامة لم تنعكس بشكل منتظم على مؤشرات قيد الموازنة، ويستدل من ذلك على وجود خلل في تصميم السياسات المالية، وعدم فعالية التنسيق بين أدوات تعبئة الإيرادات (كالضرائب) وبين أهداف الإنفاق العام، الأمر الذي يؤدي إلى تذبذب الأداء المالي الكلي، ويضعف من قدرة السياسة المالية على تحقيق التوازن والاستقرار في الموازنة العامة على المدى المتوسط والطويل.
ومن خلال الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة قدم الباحث عدد من التوصيات اهمها :
- يجب على الحكومة العراقية إشراك المجتمع المدني وقطاع الأعمال والأكاديميين والخبرات في صياغة وتنفيذ الإصلاحات لضمان تلبية احتياجات جميع الأطراف المعنية وتعزيز الشفافية والمساءلة في الإجراءات الإصلاحية.
- يوصي البحث في توسيع الوعاء الضريبي حيث لا يمكن أن يتحقق فقط عبر تحسين أدوات التحصيل أو تعديل التشريعات الضريبية، بل يتطلب توسيع القاعدة الاقتصادية من خلال تنشيط الاستثمارات وتنويع الأنشطة الإنتاجية فكلما زادت الاستثمارات في القطاعات غير النفطية، خاصة الصناعة والزراعة والخدمات، اتسعت القاعدة الضريبية تلقائيًا وارتفعت الإيرادات الضريبية بصورة مستقرة. كما أن الاستثمار في المشاريع الاستراتيجية وخلق فرص العمل يساهم في إدماج شرائح جديدة ضمن النظام الضريبي، مما يسهم في زيادة الحصيلة الضريبية والتي تنعكس بصورة إيجابية تجاه قيد الموازنة في العراق.
- لابد من مراجعة الأنظمة والقوانين الضريبية الحالية لضمان فعاليتها، مع مراجعة السعر الضريبي دون ان يكون له تأثير سلبي على المجتمع والقطاع الخاص، الى جانب تعزيز كفاءة الإدارة الضريبية من خلال تأهيل الموظفين وتوفير دورات تدريبية مهنية متخصصة، بما في ذلك فرص التدريب بكوادر من خارج البلاد، بهدف تحسين إدارة النظام الضريبي.
- يوصي البحث بضرورة تنفيذ إصلاح ضريبي شامل يهدف إلى توسيع القاعدة الضريبية، وتحسين كفاءة التحصيل، ودمج الاقتصاد غير الرسمي، بما يعزز قدرة الدولة على تمويل نفقاتها بشكل مستدام وضمان استقرار قيد الموازنة، ومن جانب اخر يتطلب الاخذ بنظر الاعتبار ان تطبيق الإصلاح الضريبي يجب ان يراعي الدول المشابهة لظروف العراق.