الطالبة : مي جمال صابر إشراف : م. د. هنادي صكر مكطوف
تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة بحث الدبلوم العالي في تخصص التخطيط الاستراتيجي للطالبة ( مي جمال صابر ) عن دراستها الموسومة ” تأثير التوجه الاستراتيجي على ادارة ازمة المياه مع تركيا – دراسة استطلاعية في وزارة الموارد المائية “.
حيث يعد التوجه الاستراتيجي من المفاهيم الإدارية الحديثة، والذي يهتم بتحديد مستقبل المنظمة وأهدافها التي تسعى إلى تحقيقها، كون أن التوجه الاستراتيجي يعبر عن فهم واقعي عن ما يدور في بيئة المنظمة الداخلية في محاولة للتعرف على نقاط القوة والضعف فيها، فضلا عن فهم البيئة الخارجية للمنظمة من أجل التعرف على الفرص والتهديدات التي تنطوي عليه، مما يؤدي إلى استشراق المستقبل والاستعداد له عن طريق مجموعة من البدائل الاستراتيجية التي تقود المنظمة إلى أهدافها، فضلا عن توفير ظروف أفضل تسهل من عملية تحقيق تلك الأهداف.
والتوجه الاستراتيجي يعمل بشكل كامل على إدراك المنظمة لغاياتها ومجال نشاطها والمستفيدين من تلك النشاطات، فضلا عن أنه يساعدها في التعرف على بيئتها وهيكلها والسياسات التي تتبعها والتي تساعدها في اتخاذ القرارات، وتحديدها حاجاتها البشرية والمادية والتعرف على متطلبات التطوير، فالمنظمات التي ترسم استراتيجياتها وتوجهاتها بشكل غامض وغير دقيق من دون معرفة المستجدات البيئية المتسارعة لا تستطيع صياغة هدفها ومسارها بشكل واضح وصحيح، مما يؤدي إلى انحرافها عن مسارها التنافسي.
وعلى الرغم من حدوث الأزمات منذ القدم إلا إنها وفي الوقت الحالي اكتسبت صفات جديدة لم تكن موجود سابقا، فأصبحت بصورة مختلفة عما سبق وبسبب الأوضاع والظروف، فضلا عن تزايدها وتكاثفها وتشعب عواملها ومكوناتها نتيجة لذلك أصبحت القرارات الفردية غير ملائمة وباتت أدارة الأزمات أدارة جماعية تقوم على توجه استراتيجي ورؤية متكاملة تتطلب مهارة وقدرة ومعرفة، من أجل اتخاذ قرار يحد من الأزمة ويساعد على وضع الحلول المناسبة لأي كارثة أو أزمة مستقبلية.
وتواجه أغلب المنظمات اليوم تغييرات فجائية تطرأ على بيئتها الداخلية أو الخارجية دون توقع مسبق لها أو أي فرص لتجنبها تدعى الأزمات، لذلك على المنظمات أيجاد وسائل جديدة ورؤى استراتيجية وخطط تعمل على وضعها لتجنب تلك الأزمات المفاجئة، فالتوجه الاستراتيجي للمنظمة يمنحها خط للدفاع ضد أي أزمة قد تعترضها في المستقبل، وذلك من خلال وضع الخطط الاستراتيجية وتحليل المواقف السابقة وتوفير القدرات المادية والعلمية التي تساعد على درء أي خطر وتعمل على تقليل أَضرار الأزمات التي قد تصيبها.
ومن الازمات التي قد تتعرض لها المنظمات هي الازمات مع دول الجوار التي تتشارك في الحدود، ومثال ذلك دولتي تركيا والعراق التي تشتركان بنهري دجلة والفرات، إذ إن المياه تعد مهمة بالنسبة للدول كونها تلعب دوراً في تحقيق الامن الغذائي، حيث تقوم الجارة تركيا ببناء السدود الضخمة على نهري دجلة والفرات بما يعود على تركيا بمزايا مهمة تنعكس بشكل سلبي على العراق.
ومن تلك السدود سد ” اليسو ” الذي قامت تركيا ببنائه على نهر دجلة، حيث دخل السد التركي إلى العمل في سنة 2018 الذي حرم العراق من نصف حصته المائية، الامر الذي دعى وزارة الموارد المائية إلى عقد العديد من المفاوضات التي توصلت إلى اتفاق بين تركيا والعراق، ومن نتائج ذلك الاتفاق ان يحتفظ العراق بنسبة 75% مقابل 25% من أجل ملئ السد.
و يستمد البحث الحالي أهميته من كونه يبحث ويعالج مشكلة عانى منها العراق مع تركيا، والتي تتمثل في إدارة أزمة قله المياه، إذ إن التوجه الاستراتيجي يساعد وزارة الموارد المائية على البقاء والديمومة ورفع كفاءتها والزيادة في فرص الاستمرارية، كونه يلعب دوراً في تطور المنظمات في ظل الظروف المتسارعة في العصر الحالي.
ويهدف البحث الى تسليط الضوء على مفهوم التوجه الاستراتيجي وابعاده التي تسهم في إدارة الازمة، فضلاً عن التعرف على الازمات وكيفية إدارتها بشكل يقلل من الاخطار المصاحبة لها.
و بناءً ما سبق يتناول البحث الحالي موضوع التوجه الاستراتيجي وإدارة الأزمات من خلال أربعة فصول، الفصل الأول منه يتناول الجانب المنهجي وبعض الجهود المعرفية السابقة التي تناولت متغيري البحث، إما الفصل الثاني فسوف يتناول جانب البحث النظري، وذلك من خلال توضيح المفاهيم والمتغيرات الخاصة بمتغيري البحث، إما الفصل الثالث فسوف يتناول الجانب العملي منه موضحاً علاقات الارتباط بين المتغيرات، ويأتي الفصل الرابع بالاستنتاجات والتوصيات التي توصلت إليها الباحثة.
وقد توصل البحث إلى أن المنظمة اظهرت انسجام في رسالتها مع الغايات والاهداف الاستراتيجية ولكنها تفتقر الى المرونة في التعامل مع المتغيرات البيئة ، الا إن الرسالة كانت واضحة لجميع العاملين وعلى المستويات كافة وبالخصوص الادارة العليا.
إما أهم التوصيات كانت ضرورة اعتماد الرؤية الواضحة وبشكل واضح لجميع المستويات الادارية للمنظمة ولجميع العاملين بما يحقق الاداء المتميز والفاعل للوزارة ، وبما يحقق توجهاً استراتيجياً مستقبلي للوزارة وبأسلوب يفهمه جميع العاملين لينعكس بشكل ايجابي على ادائها.