الطالب: فارس احمد عبد المشرف : أ. د. سعدون حمود جثير
تمت في كلية الادارة والاقتصاد جامعة بغداد ، مناقشة رسالة ماجستير في تخصص ادارة الاعمال للطالب ( فارس احمد عبد ) بأشراف أ. د. سعدون حمود جثير عن رسالته الموسومة (تأثير بيئة اللقاء الخدمي في تحقيق رضا الزبــــــون )
تسعى منظمات الاعمال ولاسيمــا الخدمية منها الى المحافظة على مكانتها واستدامة ارباحها لأجل نموها وبقائها, وهذا الهدف لا يأتي من فراغ فالتصاعد التنافسي المحتدم من جهة وازدياد رفاهية الزبائن التي جعلت حاجاتهم ورغباتهم متجددة من جهة اخرى, حتم على هذه المنظمات ايجاد جوانبٌ مبتكرة وافاقٌ جديدة في تقديم خدماتها بالصورة التي ترضي زبائنها وتزيد من حصتها مما يصب في بوتقة ارباحها, وان احدى هذه الجوانب هي توفير بيئة لقاء خدمي ممتعة (اللون والموسيقى والرائحة اللطيفة ومقدمي خدمة مميزين…الخ) لما لذلك من انعكاس مباشر في تجربة الزبون خلال عملية تقديم الخدمة وبعدها, فالزبون دائما ما يبحث عن دلالات ومؤشرات لأجل تقييم جودة الخدمة التي سوف يتلقاها, فبيئة اللقاء الخدمي المميزة تساعد على رسم صورة ايجابية عن المنظمة في اذهان زبائنها وهذا يؤدي الى زيادة جودة الخدمة المدركة, وقد كان احد اهم الاسباب التي دعت للاهتمام بشكل متزايد في بيئة اللقاء الخدمي هو دورها في تعزيز المشاعر الايجابية للزبائن بصفتها المكان الذي يتم فيه إنشاء الخدمة وتسليمها, ومن ثم انعكاس ذلك في رضاهم الذي يعد المحدد الرئيس في بقائهم والاحتفاظ بهم, فالزبائن الراضين هم زبائن دائمين وهم الجزء الأكثر أهمية والغاية الأسمى للمنظمات, فكلفة الاحتفاظ بالزبائن الحاليين تعد ادنى من كلفة جذب الزبائن الجدد, كما انهم السبب الرئيسي الذي يضمن لهذه المنظمات الاستمرار والنجاح والقدرة على تحقيق التميز التنافسي, ولاسيما في قطاع المطاعم العراقية الذي شهد مؤخراً تطوراً متسارعاً بسبب الانفتاح ونقل التجارب العالمية والتطور العمراني والمنافسة المتزايدة من جهة, والتطور في الحياة المعيشية للزبائن الذي ادى الى تقليل الاوقات المخصصة لإعداد الطعام في المنزل, وكذلك التغيير في اذواقهم بسبب تعدد الخيارات من جهة اخرى, مما جعل المطاعم العراقية اليوم تقريبا تلامس جميع الاسر بطريقة او بأخرى, مما زاد من ضرورة فهم ديناميكيات عملها (ولاسيما العمليات التي تتعلق برضا زبائنها) وترويضها بالشكل الذي يضيف مزيداً من القيمة لزبائنها وربحا اعلى لها.
مشكلة البحث
ادى التوجه المتزايد نحو صناعة الخدمات والمنافسة الشديدة فيما بين منظماتها من جهة, وواقع الخدمة وطبيعتها وخصائصها من جهة اخرى الى فرض مجموعة متغيرات ومحددات يجب تجاوزها والايفاء بمتطلباتها, لأجل تحقيق اعلى مستوى من رضا الزبائن والذي ينعكس بجانبين الاول في تحقيق قيمة اكبر لهم, والثاني في تحقيق منافع متعددة بالنسبة للمنظمة نفسها, ومن هذه المتغيرات هي توفير بيئة لقاء خدمي مناسبة عن طريق تهيئة مكان الخدمة وتدريب مقدمها بأفضل وجه، ولاسيما في قطاع المطاعم العراقية التي اصبحت اليوم تفرض اسعاراً مرتفعة لخدماتها من دون ان تقابلها بمتطلبات الخدمة الكفؤة, لذا فأن بيئة اللقاء الخدمي اليوم تعد متغيراً مهماً وحساساً يدخل في تحديد اغلب العلاقات مع الزبائن ومن خلال هذا البحث يسعى الباحث الى تحديد مدى تأثيرها في رضا الزبائن, اذ ان حيازة الزبائن غالباً ما تبدأ بتحقيق رضاهم ومن ثم تحقيق ولائهم وصولاً لتحقيق أعلى قيمة لهم واكبر قدر من الارباح بالنسبة للمنظمة.
وتكمن اهمية البحث في ما يأتي :-
- تقديم دراسة ميدانية يمكن ان تسترشد بها المنظمات عموما والمنظمة المبحوثة خصوصا نظرا لتناولها مواضعات مهمة في ادارة المنظمات.
- يعد البحث في جانبه النظري اضافة علمية للمكتبة العربية عامة والمكتبة العراقية خاصة, اذ ارتأى الباحث تدعيم هذا الجانب بالمصادر الاجنبية الحديثة فقط.
- استعمال مقاييس حديثة عالمية تلائم بيئة التطبيق (المطاعم العراقية).
- تكمن اهمية الدراسة في سعيها للحصول على نتائج يمكن ان تعزز القيمة التي يحصل عليها الزبون من خلال تقديم خدمات افضل.
- الانتعاش والتطور الاقتصادي الذي يشهدهُ قطاع المطاعم في العراق, كان دافعاً لإضفاء دراسة لمجاراة هذا التقدم في القطاع.
ويمكن توضيح اهداف البحث في ما يأتي:
- اختبار مدى تأثير بيئة اللقاء الخدمي في تحقيق رضا الزبون.
- توضيح العلاقة (ارتباط , تأثير) بين متغيرات البحث.
- اختبار مخطط البحث الفرضي ومحاولة التوصل لأنموذج واقعي.
- تقديم نتائج عملية يمكن ان تسترشد بها المطاعم العراقية لتطوير وتحسين خدماتها بالصورة التي تضيف قيمة لزبائنها وربحية لنفسها.
وقد توصلت الدراسة الى مجموعة من الاستنتاجات اهمها :
- تتبنى مطاعم الدرجة الممتازة بصورة عام بيئة اللقاء الخدمي بشكل جيد, وذلك لما لها من اهمية مباشرة في رضا الزبون الذي يعد المحفز الرئيس الاول لباقي سلوكيات الزبون الايجابية التي تتطلع لها المنظمات مثل (سلوك اعادة الشراء والكلمة المنطوقة وولاء الزبون).
- هناك اهتمام جيد بالعوامل المادية الموجودة في بيئة المطعم, فعلى مستوى النظافة ودرجة الحرارة كانت بيئة المطاعم نظيفة وذات درجة حرارة مناسبة, لما لذلك من اثر مباشر في نفسية الزبون, اذ إن هذه الجوانب تحفز الزبون على البقاء اطول مدة ممكنة مما يوفر ذلك مزيدا من الارباح بالنسبة للمنظمة, اما على مستوى بنية واثاث وتناسق الوان المكان فقد كانت مؤثرة في الزبون وتجذب انتباهه, فالاهتمام بالتفاصيل المتعلقة بهذا الجانب له اهمية كبيرة في عكس صورة ايجابية ومتميزة عن المطعم.
- يعد مقدم الخدمة محوراً مهماً في بيئة اللقاء الخدمي لما له من تأثير عالي في تجربة تناول الطعام, والسبب في ذلك هو ان الخدمة وبطبيعة حالها تنتج بواسطة مقدمها والذي يتفاعل مباشرة مع الزبون, اذ إن مقدم الخدمة يعد حلقة الوصل الرئيسة بين الخدمة ومتلقيها (الزبون), وفي المطاعم عينة البحث هناك اهتمام عالي بالجوانب المتعلقة بمقدم الخدمة كافة, فعلى مستوى الزي الذي يرتديه مقدم الخدمة, يظهر هناك اهتمام عالي من جانب ادارات المطاعم, فهي تهتم بتمييز كل عامل بزي يتناسب مع وظيفته, وكذلك نظافة ذلك الزي, والسبب في ذلك هو الانطباع الذي يستلمه الزبون عن جودة وتمييز والخدمة التي سيحصل عليها, اما على مستوى التفاعلات السلوكية بين مقدم الخدمة والزبون مثل (الترحيب وجو الصداقة والاستماع الجيد…الخ) فقد كان هناك اهتماماً عالياً بهذا الجانب, فمقدم الخدمة الجيد يحقق مجموعة اهداف تنظيمية ترغبها المنظمة ومنها (اقامة علاقات طويلة الاجل, تحقيق بهجة للزبون, تسهيل العمليات والاجراءات, وتلافي الاخطاء ….الخ).
- هناك تذبذب في نوعية الزبائن الاخرين الذين يزورون المطاعم عينة البحث, وهذا التذبذب يؤدي الى سلوكيات قد تكون غير مرغوبة بالنسبة للزبائن وادارات المطاعم, فعلى مستوى التصرفات (تحركات, تناول الطعام …الخ) فقد كانت شبه هادئة, اذ إن اي تصرف سلبي لا يلائم بيئة الخدمة قد يؤثر سلباً في اجواء المطاعم, اما على مستوى الصوت فقد كان صوت الزبائن الاخرين مرتفعاً, وهذا يؤدي الى انزعاج الزبائن منه وقد يؤدي الى تسريع مغادرة الزبائن وعدم رضاهم مما يؤدي الى انخفاض الربحية وتكرار الشراء, اما على مستوى مساعدة الزبائن الاخرين فقد كانوا لطيفين من هذه الناحية وهذا امر مهم قد يسهل اجراءات الخدمة ويؤدي الى رضا جميع الزبائن.
- بشكل عام تحافظ ادارت المطاعم الممتازة على جعل زبائنها راضين خلال مدة الخدمة, وذلك من خلال تقديم طعام جيد واداء عالي وتجديد دائم في الخدمة.
ومن خلال الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة قدم الباحث عدد من التوصيات :
- تعزيز الاهتمام ببيئة اللقاء الخدمي والاستفادة من تأثيرها المباشر في رضا الزبون, وذلك من خلال ابداء اهمية اكبر لأبعادها, عن طريق مراجعته الاستراتيجيات الخاصة بها وتعديل الثغرات فيها.
- زيادة التركيز على العوامل المادية ولاسيما التي يتفاعل معها الزبون, وذلك من خلال الاهتمام بجوانبها واستمرار تطوريها لأجل المحافظة على جاذبيتها, فعلى مستوى التصميم والديكور, ضرورة اجراء بعض التعديلات في الــوان الجدران والمعالجة المستمرة للأرضيات بما يجعلها في حالة الجدة المستمرة, اضافة بعض الملصقات وتغيير بعض الاثاث بما يتناسب مع نوعية وفكرة المطعم, تطعيم بعض جوانب المطعم بالنباتات الطبيعية لما لها من انعكاس ايجابي في نفسية الزبون, تعزيز الاضاءة الخارجية كعنصر اعلان جاذب للزبون, اما على مستوى الحرارة والنظافة, المتابعة الدورية لأنظمة التكييف, العمل على توفير بيئة مطعم صحية ترضي الزبائن من جهة وتسهل عمل مقدمي الخدمة من جهة اخرى.
- تطوير استراتيجيات تعيين وتدريب مقدمي الخدمة من اجل استدامة تفاعلهم الجيد مع الزبائن, فعلى مستوى التعيين ضرورة انتقاء الافراد الايجابين والشغوفين بعمل الضيافة, اما على مستوى التدريب فيفضل اقامة دورات لمقدمي الخدمة متعلقة بأصول الضيافة وفن الاتكيت ولاسيما لمقدمي الخدمة الذين يتفاعلون بشكل مستمر مع الزبائن, كل ذلك يؤدي تهيئة مقدمي خدمة ينقلون سلوكيات ومشاعر ايجابية للزبائن والذي يؤدي الى مزيد من الاستمتاع بالتجربة, مما يحولهم من زبائن عرضيين الى زبائن ثابتين “رواد”.
- العمل على تقليل السلوكيات غير المرغوب بها من قبل بعض الزبائن مثل (الكلام المرتفع, الضوضاء اثناء تناول الطعام …الخ) وذلك من خلال وضع بعض العبارات اللطيفة على الطاولات التي تهيب بالسلوكيات المحمودة داخل بيئة المطعم, اعادة ترتيب طاولات الجلوس بما يضع مسافة مناسبة (يفضل ان تكون 1.20م) بين واحدة واخرى.