تأثير تخطيط المسار الوظيفي في الأداء البلدي
الطالب : احمد صادق سلمان المشرف : أ.د. سعدون حمود جثير
تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة بحث الدبلوم العالي المعادل للماجستير في تخصص ادارة البلديات للطالب ( احمد صادق سلمان ) عن دراسته الموسومة ” تأثير تخطيط المسار الوظيفي في الأداء البلدي – بحث ميداني في بلدية المسيب “.
تعد الموارد البشرية هي العمود الفقري لأي منظمة، والمكون الرئيس لجميع الوظائف الأخرى للوصول الى اداء فعال، اذ يساهم تخطيط المسار الوظيفي وبشكل كبير في رفع قدرات الفرد وينمي مهاراته ويصقل خبراته وتوظيفه بالشكل المناسب وبما يتفق مع تطلعاته وميوله اتجاه الوظيفة التي يعمل بها و يجعل العمل مثمراً واكثر انتاجا وتحقيقه لهدفه داخل المنظمة.
لذلك اصبح التخطيط لمستقبل وحياة الفرد في المنظمة شيئاً أساسياً يضمن لها بقاء الفرد الكفوء والجيد داخل المنظمة والتي تتكفل بها إدارة الموارد البشرية للقيام بمهامها الأساسية التي تمثل الجانب النظري للدارسة والمتمثلة بمراحل (الاستكشاف، الانشاء، الصيانة وصولا الى فك الارتباط)، وتنبع أهمية تخطيط المسار الوظيفي نتيجة ارتباطه الوثيق بمستوى أداء المنظمة والخدمة التي تقدمها، وان هؤلاء الافراد الذين تتوفر فيهم شروط التقدم في مراحل الفرد المهنية و يحتلون المناصب المتقدمة في المنظمة نتيجة انجازهم للمهام الموكلة اليهم فأنهم يحققون أهدافهم الشخصية بتحقيق أهدافهم المهنية، لذلك اصبح تخطيط المسار الوظيفي لكل من الفرد والمنظمة من الوسائل المهمة لاستثمار راس المال البشري والمحافظة على الافراد الجيدين وأصحاب المواهب عن طريق تحفيز وضمان مستقبلهم المهني داخل المنظمة.
إذ أثبتت الدراسات والبحوث أن نجاح اداء أي منظمة يتحقق عن طريق قياسها بمجموعة من المتغيرات والتي اعتمد عليها الباحث في دراسته ،منها (الرضا الوظيفي، الابداع، ورضا المستفيدين) وهذا ما تحاول هذه الدراسة إثباته، إذ أن وجود مستويات مرتفعة من الرضا الوظيفي والمستفيدين يؤثر إيجاباً على الأداء الفردي، ومن ثم على أداء المنظمة كلها، مما يؤدي إلى نجاحها.
اذ تبلورت مشكلة البحث بإهدار العديد من حقوق الموظفين وتأخر معاملات ترقيتهم، والذي نجم عنه بقاء الموظف في ذات الدرجة الوظيفية، بالرغم توفر كافة الشروط المنصوص عليها قانوناً مما زاد من ارتفاع نسبة التذمر والاستياء عند الموظفين، فضلاً عن عدم ثبات الآلية المتبعة لترقية الموظف ومن ثم أصبح من الصعب عليه معرفة السبل المناسبة للتطوير وعبور مراحل السلم الوظيفي.
واستند البحث الى متغيرين تتفاعل فيما بينها لتشكل الجانب الفكري هما (تخطيط المسار الوظيفي والأداء المنظمي)، وطبق البحث في مديرية بلدية المسيب إحدى تشكيلات وزارة الأعمار والإسكان والبلديات العامة وعلى عينة مكونة من (69) موظفاً من مجموع مجتمع البحث البالغ (81) موظفاً، واستعمل البحث الاستبانة كأداة رئيسة لجمع البيانات والمعلومات فضلاً عن إلى المقابلات الشخصية ،وتم استعمال مجموعة من الأساليب الإحصائية تضمنت (الوسط الحسابي ،الانحراف المعياري، نسبة الأهمية) لغرض تحليل البيانات والمعلومات ومعالجتها باعتماد برامج إحصائية حاسوبية جاهزة مثل (SPSS V.23).
وان أهمية هذا البحث تكمن في انه سيخرج بتأصيل فكري لطبيعة متغيرات البحث مستندة الى الواقع التطبيقي لتخطيط المسار الوظيفي ومدى قدرته في تحسين الأداء البلدي، إذ إن الاهتمام بالبحث في الدائرة المبحوثة كان بغية تشخيص واقع تخطيط المسار الوظيفي من جهة وتشخيص واقع الأداء البلدي من جهة أخرى وتقديمها الى الدائرة المبحوثة لغرض تعزيز مواقع القوة وتصحيح ومعالجة مواطن الضعف في مساهمة تطمح لتقديم ما يطمح إليه المستفيدين في المناطق المخدومة من قبل مديرية بلدية المسيب في ما يتعلق بالخدمات والعروض المقدمة من قبلها.
وبناءاً على ذلك تم تقسيم البحث الى أربعة فصول، تناول الفصل الأول منهجية الدراسة والتي تضمنت مشكلة وأهمية وأهداف البحث وفرضياتها والأنموذج الافتراضي وبعض الجهود المعرفية السابقة ومدى الاستفادة منها. أما الفصل الثاني فقد تناول الجانب النظري للدراسة، اذ خصص المبحث الأول لتخطيط المسار الوظيفي، والمبحث الثاني خصص في الأداء المنظمي، فيما تضمن الفصل الثالث الجانب العملي الذي خصص لنتائج الدراسة الميدانية، إذ تضمن المبحث الأول منه وصف وتشخيص الأبعاد الرئيسة والمتغيرات الفرعية للبحث ,والمبحث الثاني تضمن تحليل نتائج البحث واختيار الفرضيات، أما الفصل الرابع فقد ضم مبحثين كان الأول منها مخصص للاستنتاجات التي توصل إليها البحث, والثاني خصص للتوصيات.
و توصل البحث لعدد من النتائج ساهمت في التوصل لعدد من الاستنتاجات وهي كما موضح ادناه:
1- ان الدائرة المبحوثة ذات اهتمام متوسط الى جيد في ما يتعلق بتخطيط المسار الوظيفي، وهذا نتيجة الى ان المواءمة بين حاجات ورغبات الإفراد في التقدم وبين الحاجات المستقبلية للمنظمة وفرصه في النمو غير كافية.
2- ان الدائرة المبحوثة تولي اهتماماً متوسطاً في ما يتعلق ببعدين من أبعاد الأداء البلدي وهما الرضا الوظيفي والإبداع، اما رضا المستفيدين فقد كانت النتيجة ضعيفة وهذا يدل على ان قدرة المنظمة للوصول الى أهدافها عن طريق استعمال الموارد المتاحة بطريقة كفؤة وفاعلة ذات مستوى متوسط.
3- إن الدائرة المبحوثة تولي اهتماماً متوسطا” الى جيد في ما يتعلق بالاستكشاف، وهذا يدل على انه بالرغم من وجود وعي وإدراك للاستكشاف، إلا انه لا يعد كافيا، كما ان الدائرة المبحوثة لا تزود العاملين بالمعلومات الكافية لطبيعة الواجبات المطلوب انجازها فضلاً عن ذلك فان البرامج التدريبية التي تعمل على تهيئة العاملين للمناصب الأعلى في المسار الوظيفي لا تعد كافية من وجهة نظر العاملين وأخيرا فان مستوى مشاركة العاملين في صياغة وتشكيل الأهداف ليس بالمستوى المطلوب.
4- ان الدائرة المبحوثة تولي اهتماماً متوسط في ما يتعلق بمرحلة الإنشاء (التأسيس) وقد بلغ أدنى مستوى مقارنة مع المراحل الأخرى التي يتضمنها تخطيط المسار الوظيفي وهذا نتيجة اعتقاد العاملين عدم توفر للموظفين فرص ترقية مستقبلية بشكل كافي، كما ان الترقية في العمل لا يتم على أساس الكفاءة و الأداء بل هناك معايير متعددة أخرى للترقية.
5- ان الدائرة المبحوثة ذات اهتمام متوسط الى جيد في ما يتعلق بالصيانة لان استمارة التقويم المتبعة في البلدية لا تسهم بالشكل الكافي في اختيار الشخص المناسب للمنصب الأعلى، كما ان التوافق بين تخطيط العاملين الشخصي لمسارهم المهني وبين تخطيط البلدية ليس بالشكل الكافي.
6- وجد عبر نتائج الوصف والتشخيص ان الدائرة المبحوثة ذات اهتمام متوسط الى جيد في ما يتعلق بمرحلة فك الارتباط وجاءت هذه النتيجة لان العاملين يعتقدون انه عند بلوغهم المرحلة الأخيرة في مسارهم الوظيفي لا توجد بدائل لتعديله أو المغادرة كافية، كما أن تخطيط المسار لا يأخذ بالحسبان الحاجات الأسرية والشخصية، لكن بالرغم من ذلك توفر البلدية وسائل الأمان والحماية من أخطار المهنة.
وتوصل البحث إلى أثبات صحة الفرضيات التي تشير إلى وجود علاقات ارتباط وتأثير بين متغيراتها، اذ تبين وجود تأثير لتخطيط المسار الوظيفي في الأداء البلدي في الدائرة المبحوثة ووجد ان عدد العلاقات المعنوية بين أجمالي تخطيط المسار الوظيفي والأداء البلدي (3) علاقات مما يدل على مستوى التأثير بين أجمالي المتغيرين للدائرة المبحوثة، الذي يسهم في الارتقاء بمستوى الأداء البلدي ككل والذي من شأنه ان يساعد الدائرة المبحوثة في تخطيط المسار لوظيفي لعامليها بفاعلية الأمر الذي يسهم كذلك في تحقيق طموحاتهم ورضاءهم الوظيفي وهذا ينعكس على مستوى أدائهم ،وتحقيق الأهداف لكل واحد منهم على حد سواء فضلاً عن أن معظم مراحل تخطيط المسار الوظيفي ترتبط مع الأداء البلدي بشكل ضعيف ويستنتج من ذلك المؤشر الحاجة لتحسين تلك المراحل بما يجعلها أكثر ارتباطاً بالأداء البلدي، اذ ان الدائرة المبحوثة اذا ما امتلكت مراحل تخطيط المسار الوظيفي منظمة وملائمة للحاجة الفعلية لها سترتبط بالأداء البلدي وجعله متميز، وقد توصل البحث إلى جملة من التوصيات والمقترحات منها زيادة الوعي والإدراك لدى الموظفين لأهمية تخطيط المسار الوظيفي ومدى اضطلاعه بتحسين الأداء البلدي عبر تضمينها كمحور رئيس في البرامج التدريبية، والتركيز على الأنشطة الداعمة لهذه الخطط، وكذلك توفير الدعم اللازم لمساعدة الموظفين على تنمية وتطوير قدراتهم، وتعاون الإفراد والإدارة العليا معا في رسم الخطط المستقبلية بما يتناسب وقدرة المنظمة وإمكانيتها وإعطاء أنشطة ادارة الموارد البشرية الدور المركزي من اجل تحسين الأداء البلدي.