التحليل الاحصائي للعوامل المؤثرة بتقزم الأطفال دون سن الخامسة في العراق لسنة 2016
الطالب : انس ميسر فتاح المشرف : م.د. سعد كاظم حمزة
تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة بحث الدبلوم العالي في تخصص الاحصاء التطبيقي للطالب ( انس ميسر فتاح ) عن دراسته الموسومة ” التحليل الاحصائي للعوامل المؤثرة بتقزم الأطفال دون سن الخامسة في العراق لسنة 2016 “.
تعدّ مرحلة الطفولة من المراحل المهمة في حياة الإنسان إذ إنّها أساس بناء الصحّة الجسدية والعقلية وعليه فإنّ تغذية الأطفال الصحية من شأنها أن تساعد الطفل على النمو فضلاً عن مقاومة الأمراض.
اذ يعد حصول الانسان على القدر الكافي من المغذيات منذ السنوات الأولى من عمره امراً حاسماً لضمان نموه الجسماني والعقلي وتمتعه بالصحة على المدى الطويل وان عدم توفر الغذاء ذي الجودة التغذوية الكافية او عدم إمكانية الحصول عليه او التعرض لظروف تعوق امتصاص الجسم واستفادته من المغذيات تودي الى إصابة قطاع كبير من السكان في العالم بنقص التغذية أو عوز الفيتامينات والمعادن او زيادة الوزن والبدانة مع وجود تباينات كبيرة بين المجموعات السكانية وعادة ما تتزامن هذه الظروف وترتبط ببعضها البعض.
إن مشكلة سوء التغذية التي يواجهها الأطفال في عمرهم المبكر قد تسبب تناقصاً في قدراتهم الذهنية وفي حيويتهم في مستقبل حياتهم، كما أن سوء التغذية يمتد إلى ابعد من ذلك فقد تأخذ صيغة الفقر المخفي أو الفشل في التغذية الدقيقة التي لا يمكن رؤيتها ظاهرياً. وما قد يبدو على الطفل أنه طبيعي لكن يخفي تعرضه لحالات التقزم أو نقص الطول مقارنة بعمره أن مثل هذه الأشكال من حالات سوء التغذية غير بادية للعيان لكنها تترك آثارها في السكان لذلك فأن استهداف الأطفال في سنين حياتهم الأولى ببرامج مناسبة قد تترك آثارها في المدى الطويل ليس لبقاء الأطفال فحسب بل لضمانة قابلياتهم على المساهمة في تنمية البلد واقتصاده على طريق التقدم.
والعراق هو أحد الدول التي عانى أطفاله من ظروف صعبة جداً. فواقع العراق السياسي جعل أجيال عدة تعيش في ظروف كارثية إنسانية مستمرة فقد كان عقد التسعينيات من القرن الماضي وحتى نيسان/ابريل 2003 حقبة مثقلة بنتائج الحروب والنزاعات وبآثار العقوبات الدولية المفروضة من الأمم المتحدة. وقد وثقت العديد من المنظمات الدولية وفي مقدمتها “اليونيسيف” و”منظمة الصحة العالمية” وغيرها الثمن الفادح الذي دفعه أطفال العراق جوعاً وعوقاً وجهلاً وموتاً…الخ ، وبعد ذلك التاريخ تعرض الأطفال إلى الآثار المباشرة وغير المباشرة لانهيار مؤسسات الدولة واستمرار العمليات العسكرية والتهجير والقتل واخرها ما خلفة تنظيم داعش الارهابي وغيرها مما يعد نتاجاً للحروب والنزاعات الدموية التي يصبح الأطفال والنساء حطباً لأحقادها.
وتكمن مشكلة الدراسة بسبب التزايد في نسب معدل الاصابة بتقزم الاطفال دون سن الخامسة في العراق ستتم دراسة اهم المتغيرات التي تؤدي الى الإصابة بالتقزم وفق مسح تقييم الأمن الغذائي والهشاشة للأسرة في العراق لسنة 2016 عدا محافظتي الانبار ونينوى.
يهدف البحث الحالي الى دراسة تأثير اهم العوامل المستقلة المتمثلة بالمتغير X في معدل الاصابة بتقزم الاطفال دون سن الخامسة في العراق المتمثلة بالمتغير التابع Y ، واستعمال التحليل العنقودي وذلك من خلال تصنيف البيانات الى عناقيد وتتميز هذه العناقيد بدرجة كبيرة من التشابه او التجانس الداخلي.
أن أهمية هذه الدراسة التطبيقية إنها تقدم لمخططي ومنفذي البرامج في العراق معلومات عن أهم العوامل المؤثرة بتقزم الاطفال دون سن الخامسة والتي تساعدهم في التعرف على نواحي القصور والعمل على تجنبها من خلال تقديم البرامج والإرشادات اللازمة. وتتركز أهمية الدراسة الإحصائية من أن النماذج الاحصائية المقترحة تقوم بتحديد أهم العوامل المؤثرة بالتقزم.
اهتم هذا البحث بدراسة ومعرفة مدى تأثير اهم العوامل المؤثرة في الإصابة بتقزم الأطفال دون سن الخامسة في العراق لسنة 2016، إذ تُعد مثل هكذا بحوث ودراسات خاصة بالأمراض التـي تصيب الاطفال من أهم البحوث والدراسات لأنها تُعد من المؤشرات الاساس التي تكشف إلى حد بعيد مسيرة ضمان النمو الجسماني والعقلي للأطفال وتمتعهم بالصحة على المدى الطويل والبحث يبين العوامل المؤثرة من خلال بيانات مسح تقييم الأمن الغذائي والهشاشة للأسرة في العراق لسنة 2016 إذ بلغ حجم العينة (18725) اسرة.
واستعمال اسلوب تحليل الانحدار الخطي المتعدد بطريقة (Stepwise) لتحديد اهم المتغيـرات المتمثلة بـ (الإصابة بالهزال ، الإصابة بالإسهال ، الإصابة بالسعال ، الإصابة بالحمى ، الإصابة بالوذمة ، اعاقة جسمية ، اعاقة ذهنية ، يتيم الاب ، رئيس الاسرة لا يعمل ، رئيسة الاسرة اميه ، الاسرة غير امنه غذائياً) التي تؤثر في معدل الاصابة بتقزم الاطفال دون سن الخامسة وبالتالي بناء إنموذج احصائي لسلوك المتغيـرات مع معدل الاصابة بالتقزم.
ومن اجل تحقيق اهداف البحث والاجابة عن مشكلاته ، قسم البحث الى اربعة فصول إذ تضمن الفصل الاول المقدمة ومشكلة وهدف واهمية ومنهجية البحث وكذلك الفئة المستهدفة ومصدر البيانات والاستعراض التاريخي، والفصل الثاني الجانب النظري تضمن شرح عن تحليل الانحدار (الانحدار الخطي المتعدد) وشرح عن التحليل العنقودي، والفصل الثالث الجانب التطبيقي تضمن عينة البحث ومكونات الاستمارة الاحصائية ومتغيرات البحث ثم تطبيق عملي للبيانات باستعمال طرائق متنوعة، اما الفصل الرابع الذي تضمن اهم الاستنتاجات والتوصيات التي توصل اليها الباحث.
تبين لنا من خلال النتائج ان متغيـر (يتيم الاب) هو الاكثـر اهمية في تكوين المتغيـر الاول اما المتغيـر الثاني فكان لمتغيـر (الإصابة بالهزال) في تكوينه اما بالنسبة للمتغيـر (الاسرة غير امنه غذائياً) فقد ساهم في تكوين المتغيـر الثالث، وهذا يدل على ان المتغيـرات الثلاثة هي الاكثـر ضرراً والتـي تسبب الاصابة بالتقزم. اما الاسلوب الثاني المستعمل في هذا البحث ايضاً هو التحليل العنقودي من خلال تجميع المحافظات العراقية على أساس التجانس والتشابه والتقارب الموجود فيما بينها لكل محافظة في حالة ادخال متغير الإصابة بالتقزم وفي حالة ادخال العوامل الاكثر تأثيراً، اذ تبين لنا ان طول المسافة الافقية في الحالتين الاولى والثانية كانت بين محافظتي (دهوك وبغداد) اي انها تختلف في خصائصها من حيث الاصابة بتقزم الاطفال دون سن الخامسة والعوامل الأكثر تأثيراً عن بقية المحافظات.
وقد انتهت الدراسة بالوصول الى جملة من التوصيات ندرج الاهم منها :
1. بسبب التزايد في نسب الأطفال دون سن الخامسة المصابين بالتقزم يجب القيام بمراجعة دقيقة لأسباب سوء التغذية بين الأطفال الناتجة عن الحرمان من التغذية السليمة ووضع الخطط الازمة لها لان ذلك سيترك آثراً سلبياً في القابليات الذهنية والفكرية المستقبلية للأطفال.
2. الاهتمام بالمستوى التعليمي للأمهات لاسيما اللواتي لم يحصلن على التعليم وذلك من خلال برامج التوعية الصحية وعمل الندوات فيما يتعلق بوضع الأطفال صحياً وتغذوياً.
3. ضمان وجود تقييم تغذوي ومراقبة مناسبة لنمو الأطفال دون سن الخامسة في مراكز الرعاية الصحية الأولية وتطبيق المعايير الحديثة لمنظمة الصحة العالمية.
4. تعزيز ودعم الممارسات المناسبة لتغذية الأطفال دون سن الخامسة في المؤسسات الصحية وعلى مستوى المجتمع.
5. . اعطاء الدولة الاولوية للبرامج التي تهتم بالرعاية الصحية للأطفال ولاسيما دون سن الخامسة والتثقيف على اهمية هذه المرحلة من حياة الانسان وتوفير المتطلبات جميعها لهم.
6. الاهتمام بشريحة الأطفال دون سن الخامسة الميتمين للاب من قبل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني وتقديم الدعم المادي والمعنوي لأسرهم ليتمكنوا من سد حاجاتهم التغذوية.