تفعيل دور ديوان الرقابة المالية الاتحادي في فحص تقديرات الموازنة العامة الاتحادية وانعكاسه على الاستعمال الامثل للموارد
الطالب : حسين شاكر محمود المشرف : أ.م.د. صفوان قصي عبد الحليم
تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة رسالة الماجستير في تخصص المحاسبة للطالب ( حسين شاكر محمود ) عن دراسته الموسومة ” تفعيل دور ديوان الرقابة المالية الاتحادي في فحص تقديرات الموازنة العامة الاتحادية وانعكاسه على الاستعمال الامثل للموارد- الية مقترحة “.
إن الموازنة العامة للدولة تعد على ضوء تقديرات الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة وتبنى هذه التقديرات على بيانات تاريخية وتوقعات مستقبلية تضاف بشكل غير دقيق و مبالغ فيه لتوفير مجال للتفاوض مع وزارة المالية وتدخل تلك التقديرات في عمليات تفاوض للوصول إلى مبلغ معين، وتؤثر في تحديد المبلغ في بعض الأحيان قوة الجهة المفاوضة.
وفي معظم الحالات تعد الموازنة العامة بعجز إلا انه وفي نهاية السنة المالية ونتيجة لانخفاض نسب التنفيذ أو تأخر التنفيذ فان الموازنة تنتهي بحالة فائض، الأمر الذي يؤشر عدم الدقة في تقدير الاحتياجات والقدرات الحقيقية للجهات القائمة بتنفيذ النفقات العامة.
من جهة أخرى فان التنفيذ ما يزال يخضع لما يمكن تسميته ( التنفيذ الصفري ) إذ نجد أن الإدارات العامة ونتيجة لعوامل عديدة تحول دون تنفيذ الإنفاق خلال السنة المالية وبشكل خاص تأخر التمويل المنتظم لهذه التخصيصات تعمد إلى تكثيف الصرف خلال الشهرين الأخيرين من السنة وعلى قاعدة إنفاقها دون الاهتمام بكفاءة الإنفاق وإذا ما وصلت التقديرات المقررة بشكل ابتدائي بعجر كبير، يصار إلى اقتطاع مبالغ من التخصيصات بنسب شبه موحدة على الجميع دون الأخذ بنظر الاعتبار الموضوعية والأولويات والالتزامات والأهداف وطبيعة النشاط.
حيث يهدف البحث الى عرض ومناقشة موضوع تقديرات الموازنة العامة وكيفية تفعيل دور ديوان الرقابة المالية الاتحادي في فحص هذه التقديرات من خلال الاستناد الى المادتين (6)و (10) من قانون ديوان الرقابة المالية الاتحادي والذي لم يقيد دور الديوان للقيام بمهمة الرقابة السابقة ( الوقائية ) على عملية فحص الخطط المعدة من قبل الوحدات الحكومية ونتيجة لحجم التخصيصات الضخمة للوحدات الحكومية وضعف التقديرات في اغلب بنودها والتي تعتمد على التقدير الشخصي و لا تستند الى اسس علمية ومنطقية للتقدير مما يؤدي الى ظهور عجز غير حقيقي في الموازنة العامة وهذا يبدو واضحا في اغلب الموازنات العراقية والتي تبدأ بعجز وتنتهي بفائض بالإضافة الى حجز اموال لدى وحدات حكومية ليست بحاجة لها على حساب وحدات حكومية تكون بأمس الحاجة لها ، لذا فان قيام ديوان الرقابة المالية الاتحادي بفحص هذه التقديرات وبمساعدة النماذج المعيارية المقترحة سيساهم في بناء واعداد الموازنة العامة الاتحادية للدول بالشكل الذي يؤدي الى تحقيق اقصى منفعة من الموارد المتاحة وتوجيهها نحو الاستعمال الامثل.
من هنا يمكن تحديد أبعاد مشكلة هذه الدراسة ، على الرغم من وجود نص في قانون ديوان الرقابة المالية الاتحادي رقم 31 لسنة 2011 وتحديدا في المادة 10 حيث نصت على
(( تشمل رقابة الديوان فحص وتدقيق المعاملات والتصرفات للإيرادات والنفقات العامة والالتزامات المالیة كافة تخطیطا أو جبایة أو إنفاقا والموجودات بانواعها للتحقق من صحة تقيمها وتسجیلها في الدفاتر والسجلات النظامیة والتأكد من وجودها وعائديتها وكفاءة وسلامة تداولها واستخدامها وادامتها والمحافظة عليها)) الا ان تقديرات الموازنة العامة الاتحادية لا تخضع الى رقابة ديوان الرقابة المالية الاتحادي فيما يخص جانب اعداد التقديرات اذ ان من المعروف ان الاسلوب الحالي في اعداد تلك التقديرات تسبب الهدر في المال العام فضلا عن ان هذه التقديرات ترسل الى مجلس النواب العراقي بدون المصادقة عليها من قبل ديوان الرقابة المالية الاتحادي كما لا يتم إجراء مصادقة نهائية عليها قبل إقرارها من قبل مجلس النواب العراقي.
وتكونت الدراسة من اربعة فصول ، حيث جاء الفصل الأول بعنوان منهجية البحث ودراسات السابقة ، وتكون من مبحثين المبحث الأول منهجية البحث والمبحث الثاني دراسات سابقة ، وجاء الفصل الثاني يحمل عنوان الموازنة العامة كأداة للرقابة ، وتكون من ثلاث مباحث ، المبحث الأول الاطار المعرفي للموازنة العامة ، والمبحث الثاني تحليل الاسس العلمية لبنود النفقات والايرادات في الموازنة العامة و المبحث الثالث الرقابة المالية على تقديرات النفقات والايرادات في الموازنة العامة ، بينما كان الفصل الثالث يختص بالجانب العملي وجاء بثلاث مباحث ، المبحث الأول تحليل هيكل عمل ديوان الرقابة المالية الاتحادي والمبحث الثاني تقويم عملية وضع تقديرات الموازنة العامة الاتحادية ودور ديوان الرقابة المالية في اعدادها و المبحث الثالث الاطار المقترح لفحص تقديرات الموازنة العامة ، واختتمت الدراسة بالفصل الرابع الذي احتوى اهم الاستنتاجات والتوصيات.
وقد تم التوصل الى مجموعة من الاستنتاجات اهمها ان هناك اختلاف كبير بين تقديرات الوحدة الحكومية للموازنة وبين النموذج المعياري المقترح ويرجع سبب هذا الاختلاف الى بشكل رئيسي الى اعتماد الوحدة الحكومية على التقديرات الشخصية باضافة نسبة معينة على موازنة السنة السابقة في حين اعتمد النموذج المعياري المقترح على الاسس العلمية في التقدير .كما توصل البحث الى ان التخصيصات المالية التي تحصل عليها الوحدات الحكومية لايتم ربطها بمستوى الاداء والانجاز المتحقق وانما تعتمد الوحدات الحكومية بالحصول على التخصيصات بشكل اكبر من اهتمامها بالنتائج التي يمكن ان تتحقق من عمليات الانفاق.
وقدم البحث جملة من التوصيات تمثلت اهمها في ان عملية بناء الموازنة تتطلب الربط بين الاهداف الاستراتيجية على مستوى الوزارات وليس البرامج التنفيذية مما يتطلب وجود جهة مهنية محايدة كفؤة تستطيع القيام بفحص هذه التقديرات وتوجيهها بالاتجاه الامثل وديوان الرقبة المالية الاتحادي هو الاكثر قدرة على تحقيق هذه المهمة خاصة مع تبني اساليب علمية للفحص وربطها بالأهداف الاستراتيجية الموحدة للدولة العراقية وذلك من خلال تفعيل المادتين (6) و(10) من قانون ديوان الرقابة المالية الاتحادي رقم (31) لسنة 2011 المعدل والتي تؤكد على قدرة الديوان على فحص تقديرات الموازنة وتقويم الخطط والسياسات المالية لتحقيق الاهداف المرسومة للدولة والالتزام بها.