تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة بحث الدبلوم العالي المعادل للماجستير في تخصص ادارة البلديات للطالب (أياد ماي أسد) بأشراف أ. م. د مها كامل جواد عن بحثه الموسوم (تقييم خدمات المُدن وجودة الحياة على وفق المواصفة القياسية ISO 37120: 2014(حالة دراسية في أمانة بغداد))
يلعب قطاع الخدمات دور محوري في تنمية المجتمع ويٌعد من أهم عوامل الجذب السكاني خاصة إذا ما تم توفيره بالحجم والمستوى المناسب وتصميمه وتنفيذه وإدارته بكفاءة، وتكمن مشكلة البحث في ضعف مستوى الخدمات الأساسية وجودة الحياة في العاصمة بغداد وتباينها مع ما تقدمه المدن الأخرى لمجتمعاتها سواء في المدن العالمية (فيينا) والإقليمية (عمان) الأخرى أو في محافظات العراق المتبقية كما هو الحال في محافظات إقليم كردستان، ولا شك في أن التباين بخدمات المدن ينتج عنه تأثيرات سلبية على أوضاع المواطنين والتي يمكن تحديدها من خلال العديد من الظواهر منها (الفقر، الهجرة، الأمراض، البطالة، وغيرها)، سيما وأن افتقار المنظمات الخدمية للبيانات يعد مشكلة بحد ذاته كون عدم امتلاك البيانات والمؤشرات المعنية بالخدمات، يؤدي إلى انتهاج سياسات وخطط غير واضحة ينتج عنها مشاريع وخدمات غير منسجمة مع حاجة المـدينة، كما أن انعزال المُدن وعدم مواكبة بقية المُدن الإقليمية في المحافل العالمية يجعل من المـدينة مخفية عن أنظار أصحاب المصالح (المستثمرين وغيرهم).
تكمن أهمية البحث في كونه يوجه الأنظار لعدد من المفاهيم المهمة في المنظمات الخدمية والتي تتركز في التوجه الحديث للدول نحو المجتمع وخدمته بالصورة المثلى، ويمكن إيجاز أهمية هذا البحث في النقاط الآتية:
- اعتماد مؤشرات المواصفة (ISO 37120:2014) كأساس لإنطلاق البحث منها نحو تطبيق مبادئ التنمية المستدامة للمجتمعات لاحتوائها على مؤشرات خاصة بالخدمات وجودة الحياة.
- إمكانية الاستفادة من البحث الحالي والانضمام إلى المجلس العالمي لبيانات المُدن والترويج لمـدينة بغداد عالمياً بهدف جذب الاستثمارات ولاطلاع العالم بما تقدمه المـدينة للسكان والزائرين والمستثمرين من خدمات وتسهيلات.
- إمكانية اعتماد البحث بهدف الحصول على شهادة تقديرية من قبل المجلس العالمي لبيانات المُدن (wccd)world council on city data.
- يؤسس لاستحداث مرصد حضري لمدينة بغداد يتم من خلاله جمع المعلومات بالتنسيق مع الوزارات المعنية بهدف تطوير الخطط والاستراتيجيات للنهوض بالواقع الخدمي من خلال المقارنة مع مؤشرات المُدن العالمية.
ويسعى البحث إلى تحقيق مجموعة من الأهداف:
- حصر الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين والتي تؤثر بشكل كبير في جودة الحياة لديهم من خلال تسليط الضوء على أبرز الخدمات التي تقدمها المنظمات الخدمية في المـدينة.
- قياس وتقييم مستوى خدمات المـدينة وجودة الحياة مع مرور الوقت اعتماداً على المجالات المعنية بخدمات المُدن والتي تناولتها المواصفة ISO: 37120:2014.
- التعلم من المُدن من خلال المقارنة عبر مجموعة واسعة من المؤشرات.
- مقارنة مؤشرات المـدينة بالمؤشرات الخاصة بإحدى المدُن الإقليمية (عمان) بهدف تعزيز وتحسين الجوانب الإيجابية في المـدينة وتصحيح وتقويم الجوانب السلبية والتي تعاني من الإهمال.
- دعم وتطوير السياسات وتحديد الأولويات.
وقد توصلت الدراسة الى مجموعة من الاستنتاجات التي اهمها :
- تعتمد المواصفة القياسية ISO 37120: 2014 على مبدأ البيانات المفتوحة من خلال الإفصاح عن المؤشرات المهمة للمُدن في شتى المجالات وبذلك ستكون المُدن أكثر وضوحاً بالنسبة لبقية العالم، وتساهم تلك المؤشرات على اطلاع العالم على أوضاع المـدينة ومعرفة ظروفها المختلفة بهدف عقد الشراكات وتعزيز الاستثمار ودعم الاقتصاد وغيرها.
- تعتبر المواصفة القياسية الدولية ISO 37120: 2014 أساس لتوجه المُدن نحو تطبيق المواصفات القياسية الأحدث (ISO 37122: 2019) المُدن الذكية، (ISO 37123: 2019) المُدن المرنة.
- تتيح المواصفة القياسية فضلاً عن تسجيل المُدن لدى المجلس العالمي لبيانات المُدن إمكانية التعلم والتطوير من المُدن الأخرى من خلال رصد مؤشرات المُدن المتقدمة وجعلها أهدافاً يجب الوصول إليها.
- إن النسبة المئوية الإجمالية لتطبيق متطلبات المواصفة ISO 37120: 2014 مرتفعة من حيث توفير الإحصاءات اللازمة لقياس المؤشرات، مما يؤهل مـدينة بغداد لنيل احدى الشهادات المعدة لذلك الغرض.
ومن خلال الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة قدم الباحث عدد من التوصيات اهمها :
- يتطلب الأمر قيام وزارة التخطيط / الجهاز المركزي للإحصاء بأعمام متطلبات المواصفة القياسية الدولية على مختلف المنظمات الحكومية المعنية بتقديم الخدمات. بهدف حث المنظمات على اعتماد تلك المؤشرات وإحصاء البيانات المتعلقة بكل مجال من مجالات المواصفة وتزويد وزارة التخطيط بتلك المؤشرات بعد قياسها بشكل دقيق.
- ضرورة قيام المنظمات الحكومية المعنية بتقديم الخدمات باعتماد المواصفة القياسية الدولية للتنمية المستدامة للمجتمعات (ISO 37120: 2014) وجعلها من ضمن أولوياتها كون تلك المواصفة تساهم في نقل المـدينة للمنافسة على المستوى العالمي وبالوقت ذاته فأن المُدن التي تمتلك مؤشرات غير جيدة بإمكانها تحسين مؤشراتها من خلال التعلم من المُدن العالمية الأخرى المُطبقة للمواصفة القياسية الدولية.
- نظراً لكون المواصفة لقياسية الدولية (ISO 37120: 2014) لا تعتمد على مساحة محددة للمـدينة أو للمنطقة المدروسة أو حجم سكاني معين. إذ يمكن أن يتم تطبيقها على أي منطقة جغرافية حتى وأن كانت تلك المناطق أجزاء من المُدن وذلك بهدف مقارنة المناطق على مستوى المـدينة الواحدة وتشخيص المناطق التي تعاني من الإهمال وضعف الخدمات.
- العمل على تقليص الفجوات الكبيرة بين الواقع الفعلي لتطبيق متطلبات المواصفةISO 37120: 2014 في المنظمات كافة من خلال تعزيز توثيق البيانات الخاصة بالمؤشرات التي تناولتها المواصفة القياسية الدولية وكذلك تطوير الخدمات المقدمة بالاستناد إلى المقارنات والاقتداء بالمُدن المتطورة التي تطبق المواصفة القياسية الدولية.