تمت في كلية الادارة والاقتصاد – جامعة بغداد ، مناقشة رسالة الماجستير في تخصص الاقتصاد للطالب (مصطفى أحمد غريب) باشراف أ. د. عماد محمد علي عن رسالته الموسومة (دور سياسة ترشيد الإنفاق في ضبط الموازنة الحكومية في العراق)

تعد سياسة ترشيد الإنفاق من المواضيع المهمة التي باتت تمثل أهمية بالغة  في مختلف اقتصاديات دول العالم سواء النامية منها أو المتقدمة، بل أصبحت تمثل هذه السياسة مطلب ضروري وملح من اجل تحقيق الأهداف الاجتماعية  والاقتصادية  التي تسعى دول العالم الى تحقيقها، اذ يلاحظ إن هيكل الإنفاق الحكومي في البلدان النامية والعراق منها بشكل خاص بات يعتريه الكثير من التشوهات المالية منها تزايد وتيرة حجم الإنفاق العام بشكل غير مبرر وعدم انتاجيته ، فضلا عن عدم الالتزام بمبدأ الاولويات في الإنفاق من اجل تحقيق المصلحة العامة، وبالتالي أصبح الوضع يفرض على هذه الدول إعادة النظر في استخدام وتسيير الموارد والإمكانيات المالية والاقتصادية المتاحة لديها، من خلال اللجوء الى سياسة ترشيد الإنفاق التي تعمل على رفع انتاجية الإنفاق العام الى أعلى درجة ممكنة لغرض زيادة رفاهية الفرد والمجتمع، اذ ان الإنفاق العام يكون منتجاً عندما تجيد الحكومة استخدام مواردها المالية بشكل عقلاني ورشيد، لذا اصبح من الضروري على الحكومة العراقية السير على مبدأ الحكم الرشيد في إدارة الموارد المالية المتاحة وضمان تدفقها نحو منافذها المحددة مسبقا.

تنطلق مشكلة الدراسة من إن الموازنة الحكومية تفتقر لوجود سياسة انفاق عقلاني ورشيد لأموال الثروة النفطية الناضبة وضعف في عملية تحصيل الايرادات العامة خلال السنة المالية، مما يؤدي الى تجاوز الموازنة الحكومية المبالغ المصرح بها، وبالتالي حدوث العجز المالي وتراكم حجم الدين العام، مما يؤثر سلبا على تحقيق الانضباط المالي في اطار الموازنة الحكومية في العراق، ، لذلك برزت ضرورة الأخذ بسياسة ترشيد الإنفاق باعتبارها السبيل الأمثل للخروج من هذه الإشكالية  في ظل صعوبة  تخفيض الإنفاق، وبالتالي يصبح الإنفاق العام وجهاً لوجه أمام سياسة ترشيد الإنفاق كضرورة مالية لابد من تحقيقها.

تهدف الدراسة اساساً الى :-

  1. تسليط الضوء على سياسة ترشيد الإنفاق من اجل الوقوف على مظاهر الإسراف والتبذير في المال العام للحد منه، وبيان طرق توزيع الإنفاق العام ومدى التوظيف الرشيد لهُ خلال السنة المالية.
  2. تحليل وتتبع واقع الإنفاق الجاري والاستثماري التقديري والفعلي في الاقتصاد العراقي، وبيان مؤشرات سياسة ترشيد الإنفاق العام للمدة (2006- 2019).
  3. تسليط الضوء على المؤشرات والقواعد المالية التي يمكن ان تساهم في ضبط الموازنة الحكومية في الاقتصاد العراقي.

وقد توصلت الدراسة الى مجموعة من الاستنتاجات اهمها :

  • لا يقصد بسياسة ترشيد الإنفاق احداث خفض مفاجئ في الإنفاق او ضغطة، وانما يقصد بها الحصول على اعلى انتاجية ممكنة باقل قدر ممكن من الإنفاق العام لغرض زيادة قدرة الاقتصاد الوطني على تمويل ومواجهة التزاماته الداخلية والخارجية، ولا يتحقق ذلك الا اذا استطاعت السلطات المالية التقليل بقدر الامكان من تبديد الموارد العامة والإسراف في استخدامها في صور نفقات عامة.
  • تعتبر سياسة ترشيد الانفاق احد أهم السبل للخروج من إشكالية العجز المالي للموازنة وتفاقم حجم الدين العام باعتبارها تمثل التزام “الفاعلية” في تخصيص الموارد “والكفاءة” في استخدامها بما يعظم رفاهية المجتمع، وتجنب الاسراف والتبذير وضرورة الاخذ بنضر الاعتبار تحقيق اهداف كل عملية انفاق
  • تعتبر سياسة ترشيد الإنفاق العام من اهم الآليات التي يمكن من خلالها التقليل من مظاهر الفساد المالي والاداري في العراق عبر سد الثغرات المسببة لها والعمل على تشديد آليات الرقابة بأنواعها على كيفية صرف وتسيير الإنفاق العام.
  • عدم كفاءة وفاعلية طرق اعداد تقديرات الموازنة الحكومية اذ ما زال العراق يعتمد على موازنة البنود (الرقابية) التي تتصف بمجموعة من العيوب وتعاني من اوجه قصور تجعلها غير قادرة على الوفاء بمتطلبات سياسة ترشيد الإنفاق العام، ومن ثم عدم القدرة على التصدي لعجز الموازنة والدين العام، بل تجعله سببا في تزايدهما.

ومن خلال الاستنتاجات التي توصلت اليها الدراسة قدم الباحث عدد من التوصيات اهمها:

  • التطبيق الجاد للمفهوم الفعلي لسياسة ترشيد الإنفاق العام وذلك من خلال التوجه نحو الاستغلال الامثل والعقلاني للموارد المالية لان الترشيد الحقيقي للإنفاق يكون في كل الاوقات وليس عند وقوع الازمات فقط.
  • ضرورة تطبيق الاسلوب العلمي الحديث في اعداد الموازنة الحكومية، اي التخلي عن الاسلوب القائم على اساس الموازنة التقليدية (موازنة البنود) والذي يتعارض بشدة مع سياسة ترشيد الإنفاق العام، والانتقال الى اساليب حديثة كموازنة البرامج والاداء او موازنة التخطيط والبرمجة الكفيلة بتحقيق الرشادة في الإنفاق العام التي تعمل على الربط بين الاهداف الموضوعة والاموال المنفقة.
  • تفعيل دور المؤسسات الرقابية من خلال ادواتها الرقابية على الإنفاق العام، ومعايير تقييم اداء البرامج الإنفاقية، وذلك من خلال العمل على تطبيق المفاهيم المعاصرة لسياسة ترشيد الإنفاق العام.
  • على الحكومة ان تلتفت التفاتة جادة نحو التطبيق الفعال للقوانين الرادعة والعقوبات في مجال سوء استخدام المال العام، والاختلاس والغش والرشوة في مجال استغلال الإنفاق العام من اجل تقليل مظاهر الفساد المالي والاداري الذي يعد احد اكبر معوقات سياسة ترشيد الإنفاق العام.

 

Comments are disabled.