تمت مناقشة اطروحة الدكتوراه في الاقتصاد للطالب ( عمار محمود حميد ) عن اطروحته الموسومة ( نقل التكنولوجيا و بناء القدرات المعرفية في ظل تحديات اتفاقية حماية حقوق الملكية الفكرية مع اشارة خاصة الى العراق ) ، وتألفت لجنة المناقشة من السادة الاعضاء الافاضل :
• أ.د. فارس كريم بريهي – كلية الادارة والاقتصاد / جامعة بغداد : رئيساً.
• أ.د. مايح شبيب هدهود – كلية الادارة والاقتصاد / جامعة الكوفة : عضواً.
• أ.د. صلاح الدين عواد الكبيسي – كلية الادارة والاقتصاد / جامعة بغداد : عضواً.
• أ.م.د. عامر عمران كاظم – كلية الادارة والاقتصاد / جامعة كربلاء : عضواً.
• أ.م.د. عبير محمد جاسم – كلية الادارة والاقتصاد / جامعة المستنصرية : عضواً.
• أ.د. ثائر محمود رشيد – كلية الادارة والاقتصاد / جامعة بغداد : مشرفاً.
وكان الخبير العلمي هو أ.د. كاظم احمد حمادة – كلية الادارة والاقتصاد / جامعة كربلاء ، والخبير اللغوي هو م.د. نضال مهدي حميد – كلية الادارة والاقتصاد / جامعة بغداد.
في ظل عالم يتسم بالتغيرات التكنولوجية السريعة حيث تزايد معدلات الابتكار والبحث والتطوير واتساع امكانية التطبيق العملي للتكنولوجيا الجديدة وتزايد كثافة المحتوى المعرفي للسلع مقابل تناقص دور العمل غير الماهر لصالح راس المال البشري, وسلع وخدمات ذات دورة حياة اقصر ومرونة اكبر في الاستجابة لاحتياجات المستهلكين عالميا, فضلا عن التطورات في مجال اكتشاف واستخدام بدائل المواد الخام للاغراض الصناعية والزراعية والخدمية. ادى هذا كله الى تغيرات كبيرة على مستوى الانتاجية والتنافسية العالمية والتخصص في اطار من تقسيم العمل الدولي المركب القائم على التخصص في جزء او اجزاء من السلعة الواحدة, تختص كل دولة في ميزة لمرحلة من مراحل دورة انتاج السلعة بحيث اصبحت المعرفة بما يقترن بها من مهارات بشرية عالية وتكنولوجيا متطورة وبيئات محلية قادرة على الاستيعاب والتطوير اساسا للمزايا التنافسية ما بين دول العالم لاقتناص فرص التجارة والنمو, واصبح مؤشر التنافسية العالمية نتاج قرة الدول على تحديد مستوى نموها الاقتصادي, حيث يشهد الانتاج في الدول المتقدمة تغيرات هيكلية ديناميكية كبيرة تتنوع من الالية الكاملة الى ادخال اساليب انتاجية جديدة في ادارة الانتاج والى تطوير المشاريع القائمة وتحديث الفن الانتاجي المستخدم وصولا الى ظهور المشاريع الجديدة. فاساس المنافسة يشتد, وقواعد النجاح في تغير, وتحدي اعادة هيكلة الاقتصاد من خلال الاخذ باسليب التكنولوجيا يعتمد بشكل كبير اكثر من أي وقت مضى على كثافة المعرفة Knowledge Intensive.
فصناعة وسائل الانتاج والمعلومات والالكترونيات وصناعة الادوية والبيروكيماويات وتحديث وسائل الانتاج الزراعي واكتشاف انواع من اصناف النباتات الزراعية والجينات الوراثية فضلا عن تطور قطاع الخدمات المستند الى التقانة, ما هي الا امثلة من تلك المجالات والانشطة الاقتصادية التي اصبح عامل المعرفة من اهم قواعد ومستلزمات انتاجها ليبتعد الاقتصاد, في ظل الانفتاح والمنافسة العالمية, عن امكانية استخدام او توظيف اليد العاملة التقليدية او المواد الخام المعروفة.
وفي ظل النمط المركب لتقسيم العمل الدولي الجديد الذي لا يتميز باتجاه ميزة انخفاض التكاليف النسبية لانتاج السلع او ميزات وفرة الموارد فحسب بل يعمل باتجاه تركيز المزايا النسبية وفق مقياس جديد يستند اساسا على التفوق المعرفي والتكنولوجي الذي تتمتع به دولة ما متخصصة او لها ميزة تنافسية في اجزاء محددة من السلعة في هذا المجال, وهذا الامر يعمل على الاكتساب المتزايد لمزايا التخصص في التجارة دوليا ولاسيما لصالح البلدان التي استفادت من الفرص التي تتيحها حالة الانفتاح وخاصة البلدان المتقدمة من جانب والانخفاض المتزايد للمزايا التي يمكن ان تحصل عليها الدول النامية في حال عدم اتخاذ مواقف وسياسات وتدابير من شانها امتلاك القدرات البشرية القادرة على استخدام التكنولوجيا المتقدمة وتوطين التكنولوجيا وتطويع المعرفة في ظل تحديات حماية حقوق الملكية الفكرية بما يعرف باتفاق (TRIPs) التي اقحمت في الاتفاق العام لمنظمة التجارة العالمية من قبل البلدان المتقدمة من اجل المحافظة على ما يمكن ان تكسبه من منافع وللابقاء على الفجوة التكنولوجية والمعرفة وما يجعلها في موقع احتكاري. اذ عمدت هذه الدول الى الترويج الى وجوب اعادة التجارة العالمية كمنظمة دولية تعنى بشؤون التجارة العالمية في اطار اتفاق دولي متعدد الاطراف يشمل جميع النواحي الاقتصادية تلك المتصلة بتجارة السلع والخدمات يسمح للاطراف التي تمتلك المعرفة التكنولوجية من ان تحوز مزايا اقتصادية وتجارية واسعة ولاسيما من خلال اتفاق (TRIPs).
وفي اطار مساعي دول العالم للانضمام الى منظمة التجارة العالمية والترويج نحو اقتصاد السوق ولاسيما حالة العراق بعد عام 2003, صار واضحا ان مسالة الانضمام وتحقيق التنمية والتطوير الاقتصادي ترتبط بالاخذ باسباب التكنولوجيا ليس كاجزاء مادية فحسب , بل من خلال التاكيد على الجوانب المعرفية وتطويع التكنولوجيا بما يتلاءم مع بيئة الاقتصاد المحلي انسجاما مع ما اثبتته التجارب التاريخية من اهمية التاكيد على اعادة هيكلة الاقتصاد كسبيل للنهوض والتطور الاقتصادي. وتعزز ذلك الاتجاه واصبح اكثر تعقيدا بفعل ما تفرضه منظمة التجارة العالمية من وجوب تغيير للتشريعات والتنظيمات المحلية وذلك لكي تتوافق مع مضامين اتفاقاتها لاسيما ما يتعلق باتفاق (TRIPS) المتصل بتجارة السلع والخدمات, ليتزامن ذلك مع صعوبة وتعقيدات التكنولوجيا نفسها وتحديات نقلها وتوطينها من قبل الدول المستوردة, في ظل تزايد نسب الانفاق على البحث والتطوير من قبل البلدان المتقدمة والشركات عاليمة النشاط, والسعي للتحول من الاقتصاد التقليدي القائم على تجارة السلع العادية الى الاقتصاد الجديد القائم على تجارة السلع ذات المحتوى المعرفي العالي في اطار ما يسمى بصناعات الشروق او المنتجات الديناميكية عالية الانتاجية والتنافسية.
تاسيسا على ذلك, ادركت العديد من الدول ذلك, فمن اجل الحصول على التكنولوجيا وتوطينها صار ينبغي بناء القدرات المعرفية المحلية اساسها العنصر البشري, ووعي الحكومات بالدور الذي يمكن ان تؤديه بهذا الاتجاه كي يتم استيعاب التكنولوجيا. ولاسيما وان نقل التكنولوجيا اصبح مرهونا اساسا بالاستثمارات الاجنبية المباشرة وعقود التراخيص والامتياز من خلال الشركات عابرة القومية ومدى القدرة على امتلاك راس المال البشري وفك الحزمة التكنولوجية Technology Package وخلق قاعدة تكنولوجية وطنية في شكلها الصلب والمرن قادرة على رفع الانتاجية والتنافسية.